الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استئذان أفراد الأسرة الواحدة
للإنسان أحوال من صحو وانتعاش، وجدية وانهماك في العمل، واسترخاء وإيثار للراحة من بعد العناء، ولا شك أن حال الإنسان وقت العمل يختلف عن حالته وقت الراحة والنوم، ويؤثر كل إنسان عنده حياء وإيمان ألا يطلع عليه أحد ولو من أولاده، على حالته الخاصة، وظرفه غير المعتاد، لذا أمر الله تعالى الأولاد سواء في حال الصغر أو بعد بلوغ الحلم أن يستأذنوا على آبائهم وأمهاتهم في أوقات ثلاثة: في وقت النوم والراحة قبل صلاة الفجر، وأثناء القيلولة في الظهيرة، وبعد صلاة العشاء، وخفف الله تعالى عن العجائز بترك ارتداء الثياب الظاهرة في البيت.
قال الله تعالى مبينا هذه الأحكام:
[سورة النور (24) : الآيات 58 الى 60]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَاّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)
«1» «2» «3» «4» «5» [النور: 24/ 58- 60] .
نظّم الله تعالى في هذه الآيات علاقات أفراد الأسرة الواحدة فيما بينهم، فأمر بالاستئذان عند دخول بعضهم على بعض في البيوت، فيجب على الخدم في المنازل من
(1) أي الذين لم يحتلموا أو لم يبلغوا بعد، فإن البلوغ مناط التكليف يكون إما بالاحتلام أو ببلوغ سن الخامسة عشرة.
(2)
وقت الظهر.
(3)
حرج في الدخول بلا إذن.
(4)
العجائز.
(5)
مظهرات للزينة الخفية. [.....]
الرجال أو النساء ومنهم العبيد والإماء، وعلى الأطفال الصغار قبل البلوغ، أن يستأذنوا عند الدخول على بيوت الآباء والأمهات، ثلاث مرات في اليوم، من قبل صلاة الفجر، لأنه وقت انتهاء النوم في الفراش ليلا، وحين القيلولة أو الاستعداد للنوم وقت الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء، لأنه وقت بداية النوم وخلع الثياب.
إن هذه الأوقات المذكورة هي ثلاث عورات، والعورة: كل ما يجب ستره، ولا يجوز النظر إليه، ولا إثم ولا حرج في ترك الاستئذان في غير هذه الأوقات الثلاثة، وإنما الأمر على الإباحة، تيسيرا للتطواف وأداء الخدمات، فإن هؤلاء الخدم والأطفال الصغار يطوفون عليكم معشر الوالدين في الخدمة وغير ذلك، ويترددون عليكم في الإيناس والمعاشرة، وقضاء الحاجات.
ومثل ذلك التبيين لهذه الأحكام السامية المقصد، يبين الله لكم الشرائع والأنظمة في آياته البينة الواضحة الدلالة على المعاني والمقاصد، والله عليم بأحوال عباده وبما يصلحهم وما يفسد أحوالهم، حكيم في تدبير أمورهم، وتشريع الأصلح لهم.
ويجب أيضا على الأطفال البالغين أن يستأذنوا في المرات الثلاث الآنفة الذكر، سواء مع الأباعد أو الأقارب، وكما بيّن الله هذه الآداب والأحكام بيانا شافيا كافيا، يبين لكم معشر المسلمين أحكاما أخرى، لتحقيق الطمأنينة والاستقرار، والبعد عن المنغصات والأكدار، والله عليم بأحوال عباده، حكيم في معالجة أوضاعهم، وهذا تأكيد لإتمام النعمة من الله بتشريع هذه الأحكام، وتوكيد لمضمون الآية السابقة في حكمها السديد.
ثم أبان الله تعالى حكما خاصا بعجائز النساء في المنازل، وهو أنه لا إثم ولا حرج على كبيرات السن، اللاتي انقطع حيضهن، ويئسن من الولد، ولم يبق لديهن رغبة في الزواج، لا إثم عليهن في تخفيف الملابس، وترك الارتداء الثياب الظاهرة، كالجلباب والرداء والقناع