الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكونية، السماوية والأرضية، والإنس والجن، والجمادات والحيوانات والأشياء، لا علم له بالغيب، ولا قدرة له على شيء من الخلق والإبداع، والإيجاد والتكوين، قال الله تعالى مبينا بعض خصائصه وصفاته:
[سورة النحل (16) : الآيات 77 الى 79]
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77) وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَاّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79)
»
[النّحل: 16/ 77- 79] .
يتحدث الله تعالى في هذه الآيات عن نفسه حديثا مفحما لكل من عبد غير الله تعالى، ويقرر الله في ذلك قرارا حسيما لا مجال لإنكاره، وهو أن لله وحده غيب السموات والأرض، وهذا التعبير يفيد الحصر، فالغيب لله وحده، يملكه ويعلمه، وليس لأحد سواه، ولا قدرة أصلا لأحد على المغيبات، إلا أن يطلعه الله تعالى على شيء مما يشاء، وهذا إخبار بكمال علم الله تعالى. أردفه بإخبار آخر وهو القدرة الشاملة، وفي ذلك إقامة الحجة على الكفار، فالله سبحانه هو الذي يأمر بالقيامة فتوجد، وما أمر القيامة وهي وقت الساعة التي تقوم بها القيامة، في الإيجاد والإقامة في قدرة الله تعالى إلا أن يقول لها: كُنْ.
وتشبه في السرعة بالنسبة للبشر أنها كلمح البصر، أي كطرف العين أو هي أقرب من ذلك، إن الله تام القدرة على كل شيء، ومن قدرته: إقامة الساعة في أسرع من
(1) أو: هنا على بابها للشك، وقيل: هي للتخيير، أو للإبهام، وكل ذلك بالنسبة للبشر لا بالنسبة لله، ولمح البصر: هو وقوعه على المرئي، ومعناه كخطفة بالبصر.
لمح البصر أو غمضة العين.
قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه الإمام أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم: «بعثت أنا والساعة كهاتين، وقرن بين السبابة والإبهام» .
ومن مظاهر قدرته: الخلق والإبداع، فالله أخرج الناس من بطون أمهاتهم، لا يعلمون شيئا، وخلق لهم طرق العلم وسبل الإدراك وهي السمع والبصر والفؤاد، لمعرفة أحوال البيئة التي يعيش فيها، وجعل الله العقل للإنسان مفتاح الفهم وتمييز الخير من الشر، والنفع من الضرر، والله أمدكم أيها الناس بهذه النعم لتشكروا نعم الله عليكم، باستعمال كل عضو فيما خلق من أجله، ولتتمكنوا من عبادة ربكم، وتطيعوه فيما أمركم، وليس الشكر مجرد تردد التعبير باللسان، وإنما امتثال لحكم الله وأمره.
وأقام الله تعالى دليلا آخر على كمال قدرته وحكمته، وهو خلق الطيور مسخرات بين السماء والأرض، والطير علّم الإنسان اختراع الطائرة، فلننظر كيف جعل الله الطير يطير بجناحيه في جو السماء، ما يمسكه عن الوقوع إلا الله عز وجل، فإنه لولا تمكين الله الطيور من التحليق والارتفاع في الجو والنزول إلى الأرض، وخلق الهواء الحامل للطيور والطائرات، لولا ذلك لما أمكن الطيران، فإنه سبحانه وتعالى أعطى الطير جناحا يبسطه مرة ويضمه مرة، كما يفعل السّباح في الماء، وأوجد له الذيل ليساعده على الهبوط، بحركات يستفيد بها من الهواء في الارتفاع، والتخلص من ثقل الهواء بحركات أخرى من أجل الهبوط، ولولا ذلك لما كان الطيران ممكنا.
ولنذكر أن أول طيار جرّب الطيران هو العربي المسلم عباس بن فرناس، لكنه لم يتنبه لفائدة الذيل، فعند هبوطه تكسرت رجلاه. إن الله هو الممسك للطيور في الجو بواسطة الهواء، وهو الملهم للطيور وغيرها كيفية الهبوط، من دون ضرر ولا أذى، إن في ذلك وهو خلق جناحي الطير، وتسخير الهواء في الجملة، والإلهام الرباني،