الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان وما يكون إلى يوم القيامة. فهو سبحانه وتعالى عالم الغيب والشهادة، يعلم الغائب والظاهر الموجود المشاهد للناس، وكل ذلك مدوّن في كتاب واضح لا لبس فيه، كما جاء في آيات كثيرة أخرى منها: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70)[الحج: 22/ 70] .
القرآن والنّبوة
عني القرآن الكريم بإثبات ثلاثة أمور عقدية: وهي التوحيد، والنّبوة، والمعاد، أما التوحيد: فأدلته كثيرة يقتنع بها كل عاقل رشيد، ومنها خلق السماوات والأرض، وتسيير نظام الكون بانسجام وانتظام.
وأما النّبوة: فدليلها قيام المعجزة، ومنها التّحدي بالإتيان بمثل القرآن العظيم، ومنها إيراد القرآن تفاصيل قصص عجيبة لم تعرف بغير القرآن، وأما المعاد يوم القيامة: فدليله الإيمان بالغيب وضرورة إنصاف الخلائق على ما بدر منهم في عالم الدنيا من مظالم. وهذه آيات كريمة تبين لبني إسرائيل ما اختلفوا فيه، وترشد إلى أن القرآن المجيد هداية ورحمة، وأن الله يحكم بين خلقه، فإذا أعرضوا عن هدي القرآن، فهم كالموتى صمّ، عمي، بكم، لن تفلح معهم هداية أخرى، قال الله سبحانه واصفا هذا:
[سورة النمل (27) : الآيات 76 الى 81]
إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79) إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80)
وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَاّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81)
[النّمل:
27/ 76- 81] .
إن القرآن العظيم نبّه إلى أنه أخبر بني إسرائيل بأخبار أكثر الأشياء، التي كان فيما بينهم اختلاف في صفتها، فجاءت في القرآن مطابقة للواقع، وخلافات بني إسرائيل كثيرة، ومن أهم اختلافهم في شأن عيسى عليه السلام، فحسم القرآن الخلاف، وأبان أن عيسى عبد لله ورسول من عنده، مثله كمثل بقية الأنبياء المرسلين، من آدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام، ولا داعي بعدئذ للمبالغة في وصف نبي من الأنبياء بغير صفة العبودية لله عز وجل، والنّبوة ذات المهام المشتركة بين الأنبياء: وهي تبليغ وحي الله وأحكامه وشرائعه.
ومهمة القرآن الكريم: تبيان الحقائق الناصعة، وإزالة الخلافات الواقعة، فهو هاد إلى طريق الرّشاد، ورحمة لأهل الإيمان بما اشتمل عليه من تشريعات تتعلق بالعقيدة، كتوحيد الله تعالى، وإثبات المعاد والحشر، والنّبوة والوحي، وإبانة صفات الله الحسنى، ووضع الأنظمة الصالحة لحياة الناس العملية، من عبادات ومعاملات، تتفق مع الحاجة، وتلتقي مع المصلحة.
ثم وجّه الله تعالى الناس إلى ضرورة الاعتقاد الجازم أن كل ما يقع بين الناس من خلافات وغيرها، فهو كله بقضاء من الله تعالى، وهو حكم قضاه فيهم وبينهم، إنه قضاء عادل، وحكم صائب، والله سبحانه هو العزيز، أي القوي القادر على الحكم والعقاب، العليم بأفعال العباد وأقوالهم، يقضي بينهم بالصواب والحق المطابق للواقع.
كما وجّه الله سبحانه النّبي والناس بعد هذا القضاء الإلهي إلى ضرورة الاتّكال على الله والثّقة به، والاعتماد عليه، وتفويض جميع الأمور إليه، فما عليك أيها النّبي إلا تبليغ رسالتك، وأحكام ربك، وترك الالتفات إلى أعداء الله تعالى، فإنك على الحق الأبلج، والنور الأعظم، وكل من خالفك فهو على الباطل ومن أهل الشقاوة.
وإنك أيها النّبي الجدير بالنصرة وظهور السمعة والأثر.