الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة الحج (22) : الآيات 5 الى 8]
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (8)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» «7» «8» «9» [الحج: 22/ 5- 8] .
هذا لون صريح من مباشرة الحوار الرباني مع الناس، فيا أيها البشر، إن كنتم في شك من إمكان البعث ومجيئه، يوم القيامة، فانظروا إلى بدء خلقكم، فمن قدر على البدء قدر على الإعادة، بدليل مراحل خلق الإنسان السبع الآتية وهي:
1-
إننا خلقنا أصلكم آدم من التراب، وخلقنا الغذاء من التراب.
2-
ثم بدأ تخلّق الإنسان بحسب الأحوال المعتادة، ببدء تكون النطفة.
3-
ثم تحولت النطفة بإذن الله إلى علقة، أي قطعة دم متجمد بعد أربعين يوما.
4-
ثم صارت العلقة مضغة، أي قطعة لحم، مخلّقة أي متممة البنية، وغير مخلّقة:
غير متممة البنية، أي التي تسقط، وقد خلقناكم على هذا النحو من التدرج لنبين لكم كمال قدرتنا وحكمتنا، ولتستدلوا بها على إمكان البعث، فإن من خلق الإنسان على هذا النحو من التدرج والتباين الظاهر، قدر على إعادة ما بدأه، بل هذا أهون في تقدير الناس، وإن كان لا فرق في القدرة الإلهية بين الحالين.
(1) مني.
(2)
قطعة دم متجمد.
(3)
قطعة لحم.
(4)
واضحة الخلقة.
(5)
كمال قوتكم وعقلكم.
(6)
الخرف والهرم، فهو أخس العمر.
(7)
ميتة يابسة.
(8)
انتفخت وارتفعت.
(9)
صنف حسن.
5-
ثم نخرجكم من بطون أمهاتكم أطفالا ضعافا في البدن والعقل والحواس.
6-
ثم تمرون في مراحل العمر، فتبلغوا أشدكم في عنفوان الشباب، وتتكامل قواكم البدنية والعقلية.
7-
وبعضكم يتوفاه الله في مرحلة مبكرة من العمر، وبعضكم تتأخر وفاته، ويعيش حتى يصل إلى سن الشيخوخة والهرم، وضعف العقل والقوة والفهم، وتلك هي مرحلة الخرف، التي يعود بها الإنسان إلى حال الطفولة، هذا هو الدليل الأول على قدرة الله على البعث، يعتمد على التأمل في مراحل خلق الإنسان.
والدليل الثاني على إمكان البعث من الله: هو خلق النبات المشابه لخلق الإنسان، فإذا تأمل المرء أحوال الأرض، يراها أولا ميتة يابسة لا نبات فيها ولا زرع، فإذا أنزل الله عليها المطر تحركت بالنبات، ودبت فيها الحياة، وارتفعت وانتفخت بالماء والنبات، ثم أنبتت من كل صنف من النبات والزرع ما هو جميل المنظر، طيب الرائحة، متناسق الألوان أو مختلفها، لاختلاف ألوان الثمار والزروع والطعوم والروائح، والأشكال والمنافع، كما يلاحظ كل إنسان في فصل الربيع والصيف وغيرهما.
ذلك المذكور من خلق الإنسان والحيوان والنبات بسبب أن الله هو الحق الموجود الثابت الذي لا شك فيه، وأنه الإله القادر على إحياء الموتى كإحياء الإنسان والحيوان والنبات، وأنه تعالى القادر على كل شيء، فمن قدر على هذه الممكنات، فهو قادر على إعادة الأجسام إلى أرواحها.
ولتعلموا أن من قدر على إحياء الموتى قادر على الإتيان بالساعة، أي يوم القيامة، فالساعة كائنة واقعة لا شك فيها، ولتتيقنوا أن الله سيبعث أهل القبور، بعد أن بليت أجسادهم، وصاروا رمما، وسيعيدهم الله مرة أخرى أحياء، ليوم الحشر والحساب، والثواب والعقاب.