الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتوضع في الإيمان لأهل الإيمان، وفي الشمائل لأهل الكفر. أما المذنبون المخطئون من المؤمنين فيتسلمون كتبهم بأيمانهم، فيستفيدون منها أنهم غير مخلّدين في النار، ويستفاد من الآيات: أن من عمي عن شكر نعم الله والإيمان بمسديها ومعطيها، فهو في الآخرة وشأنها أعمى بعيد عن نوال ثمرة الإيمان والشكر على أفضال الله تعالى.
وإنما جعل الكافر في الآخرة أضل سبيلا، لأنه في الدنيا ممكن أن يؤمن فينجو، وفي الآخرة لا يمكنه ذلك، فهو أضل سبيلا، وأشد حيرة، وأقرب إلى العذاب.
محاولات المشركين فتنة النبي صلى الله عليه وسلم وطرده من مكة
ظن المشركون الوثنيون في مكة أنهم بمكائدهم وممارسة ألوان خداعهم يتمكنون من صرف النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن شريعة الله وأحكامه من أوامر ونواه، ووعد ووعيد، وحمله على تعديل وحي الله، واختراع ما لم ينزله الله، وإقرار ما هم عليه من عبادة الأوثان والأصنام، فلما خابوا وفشلوا، توعدوا نبي الله بالطرد والإجلاء من موطنه مكة، فلم يفلحوا في النهاية، وكانت الهزيمة والدمار عليهم، والنصر والنجاح للنبي وأتباعه، قال الله تعالى معبّرا عن هذه المحاولات الخائبة:
[سورة الإسراء (17) : الآيات 73 الى 77]
وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73) وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (75) وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَاّ قَلِيلاً (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً (77)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» [الإسراء: 17/ 73- 77] .
(1) ليوقعونك في الفتنة وليصرفونك عن الوحي.
(2)
لتختلق.
(3)
تميل إليهم أدنى ميل.
(4)
عذابا مضاعفا في الحياة.
(5)
أي يزعجونك لإخراجك من أرض مكة. [.....]
(6)
تغييرا.
نزلت الآية الأولى: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ في شأن قريش أو ثقيف، لأنهم قالوا للنبي: لا ندعك تستلم الحجر الأسود حتى تمسّ أوثاننا، وتلمّ بآلهتنا، فنزلت الآية تنهاه عن ذلك.
ونزلت الآية الثانية: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ في اليهود الذين قالوا: إن كنت نبيا فالحق بالشام، فإن الشام أرض الحشر، وأرض الأنبياء، قاصدين بذلك إجلاءه من مكة أو المدينة، فنزلت الآية تهددهم بالإبادة، ونفّذ الله عليهم الوعيد في أنهم لم يلبثوا خلف النبي إلا قليلا، وهو يوم بدر.
والمعنى: همّ المشركون وحاولوا فتنة النبي صلى الله عليه وسلم عن دينه، وإقرارهم وثنيتهم، وحينئذ لو اتّبع النبي ما يريدون، وفعل ما يطلبون لاتخذوه خليلا: صديقا لهم، وأظهروا للناس أنه موافق على ما هم عليه من الشرك. ولولا تثبيت الله لنبيه على الحق، وعصمته إياه من الضلال والانحراف لقارب الميل لخداعهم ومكرهم ميلا قليلا.
وإذا فعل ذلك، عاقبه الله بعقوبة مضاعقة في الدنيا والآخرة، وهو المراد بضعف الحياة وضعف الممات، أي ضعف عذاب الدنيا، وضعف عذاب الآخرة، لأن ذنب القائد أو العظيم ذنب شديد، يستحق عقابا أشد وأعظم، وإذا عوقب لن يجد أحدا يناصره ويدفع عنه الأذى، لأن السلطان المطلق في الحساب والعذاب إنما هو لله جل جلاله.
ولقد قارب أهل مكة واليهود أيضا أن يزعجوك يا محمد بعداوتهم ومكرهم، ويخرجوك من أرضهم التي أنت فيها، وهي أرض مكة أو أرض المدينة، وإذا طردوك وأخرجوك، لا يبقون بعد إخراجك إلا زمانا قليلا، فإن الله مهلكهم، ومدمرهم بسرعة، ونفّذ هذا الوعيد عليهم، فقد أهلكهم الله في موقعة بدر بعد إخراجه بقليل، وهو ثمانية عشر شهرا هجرية.