الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إعجاز القرآن الكريم
ما من نبي أو رسول إلا وهو بحاجة لإثبات صدق نبوته، وطريق التصديق:
إظهار المعجزة (وهي الأمر الخارق للعادة) على يده، لأن الإنسان العادي لا يستطيع الإتيان بالمعجزات، فتكون المعجزة طريقا للتحقق من صدق النبي أو الرسول، ومعجزات الأنبياء كثيرة متنوعة بحسب كل زمان، مثل العصا التي تنقلب حية واليد البيضاء لموسى عليه السلام في وقت ساد فيه السحر، وإحياء الموتى، وإبراء الأكمه (المولود أعمى) والأبرص بإذن الله لعيسى عليه السلام، في وقت تقدم فيه الطب، ومعجزة النبي صلى الله عليه وسلم الخالدة هي القرآن الكريم أفصح الكلام، وأبلغ البيان، وأروع الأساليب، في وقت كان فيه العرب يتفاخرون بالبلاغة والفصاحة وروعة الأسلوب.
وهذه المعجزة تحدثت عنها الآيات الآتية:
[سورة الإسراء (17) : الآيات 86 الى 89]
وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً (86) إِلَاّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (87) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88) وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَاّ كُفُوراً (89)
«1» »
«3» «4» «5» «6» «7» [الإسراء: 17/ 86- 89] .
امتن الله على النبي صلى الله عليه وسلم بالنبوّة والوحي، وبجعل القرآن شفاء للناس، وبإبقائه محفوظا خالدا إلى يوم القيامة، رحمة بالناس. فما على الرسول إلا التسليم لله، وتفويض التعليم إليه بما شاء، فالله تعالى يعلم من علمه بما شاء، ويدع ما شاء،
(1) من يتعهد بإعادته إليك.
(2)
استثناء منقطع.
(3)
معينا.
(4)
رددنا بأساليب متنوعة.
(5)
من: لابتداء الغاية.
(6)
رفض.
(7)
جحودا للحق.
ولئن شاء لذهب بالوحي الذي آتاه الله لنبيه، ثم لا يجد ناصرا له من الله، أو وكيلا.
والوكيل: القائم بالأمر في الانتصار، أو المخاصمة ونحو ذلك من وجوه النفع.
لكن رحمة من ربك، يترك القرآن، ولا يذهب به من صدر نبيه محمد، وهذا امتنان من الله تعالى على جميع العلماء ببقاء القرآن، إن فضل الله عليك أيها الرسول عظيم وكبير، بإرسالك للناس بشيرا ونذيرا، وباختصاصك بالنبوة، وحمايتك من المشركين، وبإنزال القرآن عليك، وحفظه في صدرك وفي المصاحف إلى يوم القيامة.
ثم تحدى الله العرب بأن يأتوا بمثل القرآن الكريم، فقل يا محمد متحديا: والله لئن اجتمعت الإنس والجن كلهم، واتفقوا وتعاونوا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن في بلاغته، وحسن نظمه وبيانه، ومعانيه وأحكامه، وفيهم العرب أرباب البلاغة وفرسان الفصاحة، لعجزوا عن الإتيان بمثله، حتى ولو كان الجميع متعاونين متآزرين، بعضهم لبعض ظهير، أي معين ومساعد.
وسبب نزول هذه الآية: أن جماعة من قريش قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد، جئنا بآية غريبة غير هذا القرآن، فإنا نقدر نحن على المجيء بمثل هذا، فنزلت هذه الآية المصرّحة بالتعجيز، المعلمة بأن جميع الخلائق إنسا وجنّا، لو اجتمعوا على ذلك، لم يقدروا عليه.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس: أن جماعة من اليهود جاؤوا للنبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: كيف نتّبعك وقد تركت قبلتنا؟ وإن هذا الذي جئت به، لا نراه متناسقا، كما تناسق التوراة، فأنزل علينا كتابا نعرفه، وإلا جئناك بمثل ما تأتي به، فأنزل الله: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ.. الآية.
والعجز عن معارضة القرآن: إنما وقع في النظم ورصف المعاني، وعلة ذلك: