الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تألها، لا يحق لهم شيء من صفات الربوبية، لانعدام صفة الحياة الدائم والعمل الشامل والقدرة الكاملة والإرادة النافذة، وهذا ما نجده مصرحا به في آيات القرآن التالية:
[سورة النحل (16) : الآيات 3 الى 9]
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4) وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَاّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (7)
وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (9)
«1» «2» «3» «4» »
«6» «7» «8» «9» «10» «11» [النّحل: 16/ 3- 9] .
هذه مظاهر الإبداع الإلهي، أبدع الله تعالى العالم العلوي وهو السماوات والعالم السفلي وهو الأرض ومحتوياتها، فذلك تنبيه على قدرة الله تعالى، خلقها الله بالحق، أي بالواجب اللائق، وبالحكمة والتقدير المحكم، لا عبثا، ولا مصحوبة بالخلل والنقص، فتنزه الله عن المعين والشريك، لعجز ما سواه عن خلق شيء، فلا يستحق العبادة إلا هو، ولا الربوبية سواه.
وأبدع الله تعالى خلق الجنس الإنساني، وكان هناك فارق واضح بين بدء الخلق واكتماله، ليظهر الفرق بينهما بقدرة الله، خلق الله الإنسان من نطفة مهينة ضعيفة، ثم صار خصما واضح الخصومة لربه، فتراه يجادل في توحيد الله وشرعه ويقول:
مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ [يس: 36/ 78] نزلت هذه الآية لقول أبي بن خلف،
(1) مني.
(2)
شديد الخصومة بالباطل. [.....]
(3)
الإبل والبقر والغنم والمعز.
(4)
ما تتدفئون به من البرد.
(5)
تجمل وتزين.
(6)
وقت الرواج مساء ووقت التسريح صباحا.
(7)
أمتعتكم الثقيلة.
(8)
بمشتقها.
(9)
بفعل مقدر أي وجعلناها زينة.
(10)
بيان الطريق القويم.
(11)
من السبيل مائل عن الحق.
حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم رميم، فقال: أترى يحيي الله هذا بعد ما قد رمّ- أي بلي-؟ وقوله سبحانه في وصف الإنسان: فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ إشارة إلى تعديد نعمة الذهن والبيان على البشر.
ومن مظاهر قدرة الله الشاملة وإنعامه على عباده أنه سبحانه خلق لهم الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم، وكان للناس فيها جمال في النظر وزينة حين سروحها إلى المراعي، ووقت رواحها ورجوعها عشاء منها، وهي بأصوافها وأوبارها وجلودها واسطة الدفء أي السخونة، وفيها منافع كثيرة أخرى بالأكل من ألبانها ولحومها، وبعون الإنسان بركوبها ونقل الأحمال على بعضها.
فهي تحمل أثقال الناس، أي أمتعتهم من مكان إلى آخر، حيث توجهوا بحسب اختلاف أغراضهم، ويعجزون عن نقلها وحملها إلى بلد آخر، لا يبلغونه إلا بشق الأنفس، أي بمشقة شديدة وعناء كبير، إن ربكم الذي سخّر لكم هذه الأنعام وذلّلها لكم كثير الرأفة والرحمة بعباده، حيث جعل هذه الأنعام لكم مصدر خير كبير ورزق وفير، وأداة نفع وجلب مصلحة.
ومن مظاهر قدرة الله أيضا أنه خلق الخيل «1» والبغال والحمير للركوب عليها والتزيّن والمفاخرة بها، ويتجدد الخلق كذلك، فهو سبحانه يخلق للناس غير هذه الحيوانات ويلهمهم صناعة وسائل نقل كثيرة مما نشاهده من النّعم الحديثة من قطارات وطائرات وسفن وسيارات وغيرها. مما لا يعلم به الإنسان، فإن مخلوقات الله تعالى من الحيوان وغيره لا يحيط بعلمها بشر، بل ما يخفى عنه أكثر مما يعلم، وقد روي أن الله تعالى خلق ألف نوع من الحيوان، منها في البر أربع مائة، وبثّها بأعيانها في البحر، وزاد فيه مائتين ليستا في البر.
(1) سميت الخيل خيلا لاختيالها في المشية.