الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(19)
بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْوَصِيَّةِ (1) في السَّفَرِ
3605 -
حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، نَا هُشَيْمٌ، أَنَا زَكَرِيَّا، عن الشَّعْبِيِّ:"أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِدَقُوقَاءَ هَذِهِ، وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُشْهِدُهُ عَلَى وَصِيَّتِهِ، فَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَدِمَا الْكُوفَةَ، فَأَتيَا أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ، فَأَخْبَرَاهُ، وَقَدِمَا بِتَرِكَتِهِ وَوَصِيَّتِهِ، فَقَالَ الأَشْعَرِيُّ: هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ في عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَأَحْلَفَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ بِاللَّهِ مَا خَانَا وَلَا كَذِبَا وَلَا بَدَّلَا وَلَا كَتَمَا وَلَا غَيَّرَا، وَإِنَّهَا لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ وَتَرِكَتُهُ، فَأَمْضَى شَهَادَتَهُمَا". [ق 10/ 165]
===
(19)(بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْوَصِيَّةِ في السَّفَرِ)
3605 -
(حدثنا زياد بن أيوب، نا هشيم، أنا زكريا، عن الشعبي: أَن رجلًا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء) بفتح أوله، وضم ثانيه، وبعد الواو قاف أخرى، وألف ممدودة والمقصورة، مدينة بين إربل وبغداد معروفة، وقال في "القاموس": بلدة بين بغداد وإربل، ويقال: دقوقا، ويمد.
(هذه، ولم يجد أحدًا من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما) أي الرجلان من أهل الكتاب (الكوفة، فأتيا أبا موسى الأشعري) وكان عاملًا عليها (فأخبراه) بموت رجل من المسلمين ووصيته (وقدما بتركته ووصيته، فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وهذه إشارة إلى قصة عدي بن بدَّاء، وتميم الداري، كما سيأتي في الرواية الآتية.
(فأحلفهما بعد العصر) وإنما خص هذا الوقت للشهادة لتعظيم الإثم على من حلف كاذبًا، لشهود ملائكة الليل والنهار في ذلك الوقت، ولكونه وقت ارتفاع الأعمال (بالله ما خَانَا) أي في تركة المتوفى (ولا كَذِبا ولا بَدَّلا ولا كَتَما ولا غَيَّرا، وإنها لَوَصيةُ الرجل) الميت (وترِكتُه، فأمضى) أي أبو موسى (شهادتهما).
(1) في نسخة: "في الوصية".
3606 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا يَحْيَى بْنُ آدم، نَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ،
===
قال الخطابي (1): في هذا دليل على أن شهادة أهل الذمة مقبولة في وصية المسلم في السفر خاصة، وممن روي عنه أنه قبلها في مثل هذه الحالة: شريح، والنخعي، وهو قول الأوزاعي.
وقال أحمد بن حنبل: لا تقبل شهادتهم إلا في مثل هذا الموضوع (2) للضرورة، وقال الشافعي: لا تقبل شهادة الذمي بوجه، لا على مسلم، ولا على كافر، وهو قول مالك، وقال أحمد بن حنبل: لا تجوز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض.
وقال أصحاب الرأي: شهادة بعضهم على بعضهم جائزة، والكفر كله ملة واحدة، وقال آخرون: شهادة اليهودي على اليهودي جائزة، ولا تجوز على النصراني والمجوسي؛ لأنها ملل مختلفة، ولا تجوز شهادة أهل ملة على ملة أخرى، وهذا قول الشعبي، وابن أبي ليلى، وإسحاق بن راهويه، وحكي ذلك عن الزهري قال: وذلك للعداوة التي ذكرها الله سبحانه بين هذه الفرق، انتهى (3).
3606 -
(حدثنا الحسن بن علي، نا يحيى بن آدم، نا ابن أبي زائدة، عن محمد بن أبي القاسم) الطويل الكوفي، عن يحيى بن معين: ثقة، وكذا قال أبو حاتم، وذكره ابن حبان في "الثقات"، روى له البخاري وأبو داود والترمذي حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس في قصة تميم الداري، وعدي بن بدَّاء، وقال البجيري عن البخاري: لا أعرف محمد بن أبي القاسم كما أشتهي، انتهى.
(1)"معالم السنن"(4/ 171، 172).
(2)
كذا في الأصل، وفي، "المعالم":"هذا الموضع".
(3)
ونحو ذلك حكى المذاهب العيني (10/ 69 - 71)، والحافظ (5/ 411 - 413). (ش).
عن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن أَبيهِ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْم مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءَ، فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا (1) مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامَ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا (2) بِالذَّهَبِ، فَأَحْلَفَهُمَا
===
(عن عبد الملك بن سعيد بن جبير) الأسدي مولاهم الكوفي، قال أبو حاتم: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: عزيز الحديث ثقة، روى له البخاري في الشواهد، وأبو داود والترمذي حديثًا واحدًا في قصة تميم الداري، وعدي بن بدَّاء.
(عن أبيه) سعيد بن جبير، (عن ابن عباس (3) قال: خرج رجل من بني سهم) اسمه بديل (4) بن أبي مريم، مولى بني سهم، وكان مسلمًا (مع تميم الداري وعدي بن بداء) وكانا نصرانيين إذ ذاك (فمات السهمي) أي قرب موته وظهر آثاره (بأرض ليس فيها مسلم) فأوصى إليهما بماله وتركته أن يبلغا إلى أهله، وكان في تركته جام من فضة مُخَوَّصًا بالذهب، وهو عظم تجارته.
(فلما قدما) أي تميم وعدي (بتركته فقدوا) أي أهل السهمي (جام فضة مُخَوَّصًا بالذهب) أي فيها خطوط كالخوص من صفائح الذهب، (فأحلفهما
(1) في نسخة: "بها".
(2)
في نسخة: "مخوص".
(3)
والحديث، أخرجه البخاري والترمذي والسيوطي في "الدر المنثور"(3/ 221) هكذا، وللترمذي (3059) سياق آخر أيضًا يخالفه، وللسيوطي في "الدر المنثور"(3/ 221، 222) سياق ثالث برواية ابن جرير عن عكرمة يخالفهما، وذكرت الثالثة في هامش "الكوكب"(4/ 132، 133)، ولم أتحقق الجمع بينها مع التفحص الكثير في "الفتح" و"العيني" و"النيل"، وكتب التفسير كـ "الجمل" و"البيضاوي" و"الخازن" و"البحر المحيط" و"التفسير المظهري" و"الكشاف" و"أحكام القرآن"، وكتب الرجال كـ "الإصابة" و"أسد الغابة" و"الاستيعاب". (ش).
(4)
واختلف في ضبط اسمه على الأقوال بسطها الحافظ (5/ 411). (ش).
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وُجِدَ الْجَامُ بِمَكَّةَ، فَقَالُوا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ، فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْليَاءِ السَّهْمِيِّ، فَحَلَفَا لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَإِنَّ الْجَامَ لِصَاحِبنَا (1)، قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآيَةَ". [ت 3060، خ 2780]
===
رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن الجام لم يكن فيها فحلفا (ثم وُجِدَ الجامُ بمكة، فقالوا) الذين وجد الجام عندهم: (اشتريناه من تميم وعدي، فقام رجلان من أولياء السهمي) وهما عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة (فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما) أي من شهادة تميم وعدي (وأن الجام لصاحبنا) أي لبديل بن أبي مريم (قال: فنزلت فيهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} (2) الآية).
وتمام القصة (3) عند الترمذي، قال تميم: ولما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم، ثم اقتسمناه أنا وعدي، فلما أتينا أهله دفعنا إليهم ما كان معنا، وفُقد الجام فسألونا عنه، فقلنا: ما ترك غير هذا، ولا دفع إلينا غيره.
قال تميم: فلما أسلمت بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة تأثمت من ذلك، فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر، وأديت إليهم خمسمائة درهم، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها، فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهما البينة، فلم يجدوا، فأمرهم أن يستحلفوه بما يعظم على أهل دينه، فحلف، فأنزل الله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} إلى قوله: {أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} (4)، فقام عمرو بن العاص ورجل آخر فحلفا، فنزعت الخمسمائة درهم من عدي، وفي تفسير هذه الآية كلام طويل، واختلاف بين العلماء، مذكور في كتب التفسير.
(1) في نسخة: "لصاحبهما"، وفي أخرى:"لصاحبهم".
(2)
سورة المائدة: الآية 106.
(3)
ذكر القصة صاحب "الخميس"(2/ 146) في السنة العاشرة. (ش).
(4)
سورة المائدة: الآية 108.
(20)
بَابٌ: إِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ صِدْقَ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ يَجُوزُ لهُ أَنْ يَقْضِيَ (1) بِهِ
===
قال الخطابي (2): في هذا حجة لمن رأى رد اليمين على الذمي (3)، والآية محكمة، لم تنسخ في قول عائشة، والحسن البصري، وعمرو بن شرحبيل، وقالوا: المائدة آخر ما نزل من القرآن لم ينسخ منها شيء. وتأول من ذهب إلى خلاف هذا القول: الآية على الوصية دون الشهادة؛ لأن نزول الآية إنما كان في الوصية، وتميم الداري وصاحبه عدي بن بدَّاء إنما كانا وصيين، لا شاهدين، والشهود لا يحلفون، وقد حلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما عبر بالشهادة عن الأمانة التي يحملها، وهو معنى قوله تعالى:{وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} (4) أي أمانة الله.
وقالوا: معنى قوله: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} أي من غير قبيلتكم، وذلك أن الغالب في الوصية أن الموصي يشهده أقرباؤه، وعشيرته، دون الأجانب والأباعد، ومنهم من زعم أن الآية منسوخة، والقول الأول أصح، انتهى.
(20)
(بَابٌ: إِذَا عَلِمَ (5) الْحَاكِمُ صِدْقَ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِهِ)
(1) في نسخة: "يحكم".
(2)
"معالم السنن"(4/ 172، 173).
(3)
كذا في الأصل، وفي "المعالم":"على المدعي".
(4)
سورة المائدة: الآية 106.
(5)
قال الخطابي: هذا ليس بشهادة، بل حكم الحاكم بعلمه
…
إلخ، كذا في "الفتح"(13/ 160 - 162).
قلت: إثبات الترجمه بالحديث مشكل، فإنه عليه الصلاة والسلام لم يكن قاضيًا إذ ذاك، بل بمنزلة المدعي. أما مسألة القضاء بعلم القاضي: اختلف في القضاء بعلم القاضي على أقوال كثيرة، واختلفت فيه أقوال الأئمة أيضًا، كما بسطها الحافظ، والجملة ما ذكر العيني (16/ 405)، فقال: قال الشافعي: يجوز ذلك في حقوق الناس سواء علم ذلك قبل القضاء أو بعده، وقال أبو حنيفة: ما علمه قبل القضاء في حقوق الناس لا يحكم فيه، وقال مالك في المشهور عنه وأحمد وإسحاق: لا يقضي بعلمه أصلًا، سواء علم قبل القضاء أو بعده
…
إلخ. وفي "البدائع"[انظر: (5/ 445، 446)]: =
3607 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِس، أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ نَافِع حَدَّثَهُمْ، قَالَ، أَنَا شُعَيْبٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، أَن عَمَّهُ حَدَّثَهُ وَهُوَ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ابْتَاعَ فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ، فَاسْتَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ليَقْضِيَهُ ثَمَنَ فَرَسِهِ، فَأَسْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَشْيَ، وَأَبْطَأَ الأَعْرَابِيُّ، فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَ الأَعْرَابِيَّ، فَيُسَاوِمُونَهُ (1) بِالْفَرَسِ، وَلَا يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ابْتَاعَهُ، فَنَادَى الأَعْرَابِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
===
وليس هذا إلا للنبي صلى الله عليه وسلم: بأن يجعل شهادة (2) الواحد كشهادة رجلين، كما جعل لخزيمة، ولا يجوز لغيره أن يحكم على شهادة الواحد من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، فكيف لغيرهم؟ !
3607 -
(حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، أن الحكم بن نافع حدثهم، قال: أنا شعيب، عن الزهري، عن عمارة بن خزيمة، أن عمه) قال الحافظ في المبهمات: ذكر ابن منده أن اسم عمه عمارة بن ثابت (حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسًا من أعرابي، فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم) أي طلب منه أن يتبعه (ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي، وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي، فيساومونه بالفرس، ولا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه، فنادى الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم) حين زاد بعض الناس في الثمن.
= لا يجوز القضاء في الحدود بلا خلاف بين أصحابنا، وفي غيرها يجوز عندهما مطلقًا، وعند الإِمام إذا علم في مكان القضاء وزمانه، لا قبله وخارج بلد القضاء. وفي "الشامي" (8/ 119): المعتمد في زماننا عدم القضاء بعلمه مطلقًا، وبسطه في "المغني"(14/ 31 - 33). (ش).
(1)
في نسخة: "فساومونه".
(2)
وبسط الكلام عليه الزرقاني في "المواهب"(7/ 346)، وذكر نظائره مما خص النبي صلى الله عليه وسلم بعضها بأحكام مخصوصة دون بعض. (ش).
فَقَالَ: إِنْ كنْتَ مُبْتَاعًا هَذَا الْفَرَسَ وَإِلَّا بِعْتُهُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ سَمِعَ نِدَاءَ الأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ:"أَوَلَيْسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟ "، قَالَ الأَعْرَابِيُّ: لَا، والله مَا بِعْتُكَهُ، فَقَالَ (1) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"بَلَى قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ"، فَطَفِقَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هُلُمَّ شَهِيدًا، فَقَالَ خُزَيْمَةُ (2)، أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ، فَأَقْبَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى خُزَيْمَةَ فَقَالَ:"بِمَ تَشْهَدُ؟ "، فَقَالَ (3): بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ. [ن 4661]
===
(فقال: إن كنت مبتاعًا هذا الفرس) فاشتره (وإلَّا بعته، فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي، فقال: أو ليس قد ابتعته منك؟ قال الأعرابي: لا، والله ما بعتكه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل قد ابتعته منك، فطفق الأعرابي يقول: هلم شهيدًا) على أن بعته منك، (فقال خزيمة: أنا أشهد أنك قد بايعته (4) أي بايعت الفرس من رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة، فقال: بم تشهد) أنه قد بايعني؟ ولم تكن حاضرًا عند البيع (فقال) خزيمة: (بتصديقك يا رسول الله) أي بتصديق الله تعالى إياك في تبليغ الرسالة (فجعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين).
قال المنذري (5): وأخرجه النسائي.
وهذا الأعرابي (6) هو ابن الحارث، وقيل: سواء (7) بن قيس المحاربي،
(1) في نسخة: "قال".
(2)
زاد في نسخة: "ابن ثابت".
(3)
في نسخة: "قال".
(4)
وذكر في "الشفاء": فرد النبي صلى الله عليه وسلم الفرس على الرجل، وقال:"اللَّهمَّ إن كان كاذبًا، فلا تبارك له فيها"، فأصبحت شاصية رجلها، أي: رافعة. (ش).
(5)
"مختصر سنن أبي داود"(5/ 224).
(6)
وفي "التلقيح"(ص 475): قيل: اسمه سواء بن الحارث، وقيل: سواء بن قيس. (ش).
(7)
وفي "الفتح"(8/ 519): أنه سواد بن الحارث، وبه جزم الدميري في "حياة الحيوان" (2/ 287). (ش). قلت: وما في "الفتح": (أنه سواد بن الحارث" وهو تحريف، والصواب: "سواء بن الحارث"، انظر: "الإصابة" (3/ 179).