الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ عَطَاءً الْخُرَاسَانِىَّ حَدَّثَهُ، أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ"[ق 5/ 316]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الإخْبَارُ لِجَعْفَرٍ، وَهَذَا لَفْظُهُ.
(56)
(1) بَابٌ: في السَّلَفِ
3463 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِىُّ، نَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ،
===
(أن عطاء الخراساني حدثه، أن نافعًا حدثه، عن ابن عمر قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر) يريد به اشتغالهم بالزرع عن الجهاد (ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذُلًّا لا ينزعه) أي: الذل (حتى ترجعوا إلى دينكم) أي: اعملوا على شريعة الإِسلام، وجاهدوا في سبيل الله.
قال في "الدر المختار"(2): وبيع العينة مكروه مذموم شرعًا؛ لما فيه من الإعراض عن مبرة الإقراض، وقال الشامي: قال محمد: هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال ذميم، اخترعه أكلة الربا.
(قال أبو داود: الأخبار) أي: ألفاظ الحديث (لجعفر) بن مسافر (وهذا) أي: لفظ هذا الحديث (لفظه) أي: لفظ جعفر بن مسافر.
(56)(بابٌ: في السَّلَفِ)
، أي: السلم
3463 -
(حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، نا سفيان، عن ابن أبي نجيح،
(1) زاد في نسخة: "كتاب السلم".
(2)
انظر: "رد المحتار"(7/ 542 - 613).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ (1) عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-المدينة وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِى التَّمْرِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ (2)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أَسْلَفَ فِى تَمْرٍ (3) فَلْيُسْلِفْ فِى كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ". [خ 2240، م 1604، ت 1311، ن 4616، جه 2280، حم 1/ 217]
===
عن عبد الله بن كثير، عن أبي المنهال، عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم: المدينة) أي: مهاجرًا (وهم) أي: أهل المدينة (يسلفون) أي: يسلمون (في التمر) وفي النسخة: "الثمر"، وهو أنسب لما بعده، وهو قوله:"في كيل معلوم ووزن معلوم"(السنة والسنتين والثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم).
والمراد أن يكون معلوم القدر، فيشمل الذرع والعدد، ويشترط أن يكون الكيل والوزن والذرع يؤمن عليه فقده عن أيدي الناس، فإن كان لا يؤمن فالسلم فاسد.
(إلى أجل معلوم) اختلف الأئمة في السلم الحالّ، فأجازه الإِمام الشافعي رحمه الله، ومنعه مالك وأبو حنيفة وآخرون، وقال المجوِّزون: ليس ذكر الأجل في الحديث لاشتراط الأجل، بل معناه: إن كان أجل فليكن معلومًا، وعندنا لا بد أن يكون السلم مؤجلًا، وحجتنا هذا الحديث، فإنه صلى الله عليه وسلم أوجب مراعاة الأجل في السلم، كما أوجب مراعاة القدر فيه، فيدل على كونه شرطًا فيه كالقدر.
ولأنه عقد لم يشرع إلَّا، رخصة، لكونه بيع ما ليس عند الإنسان، والرخصة في عرف الشرع: اسم لما يغير عن الأمر الأصلي، لعارض عذر إلى تخفيف ويسر، فالترخيص في السلم: هو تغيير الحكم الأصلي، وهو حرمة بيع ما ليس
(1) في نسخة: "عبد الله بن عباس".
(2)
في نسخة: "الثلاث".
(3)
في نسخة: "ثمر".
3464 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، نَا شُعْبَةُ. (ح): وَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، أَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِى مُحَمَّدٌ أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُجَالِدٍ قَالَ: اخْتَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبُو بُرْدَةَ فِى السَّلَفِ، فَبَعَثُونِى إِلَى ابْنِ أَبِى أَوْفَى، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: إِنْ كُنَّا نُسْلِفُ (1) عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ فِى الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ
===
عند الإنسان إلى الحل بعارض عذر العدم ضرورة الإفلاس، فحالة الوجود والقدرة لا يلحقها اسم قدرة الرخصة، فيبقى الحكم فيها على العزيمة الأصلية، ملخص من "البدائع"(2).
3464 -
(حدثنا حفص بن عمر، نا شعبة، ح: ونا ابن كثير، أنا شعبة، أخبرني محمد أو عبد الله بن مجالد) هكذا في جميع النسخ لأبي داود الموجودة عندي من المكتوبة والمطبوعة بترك لفظ "أبي"، وذكر "محمد" أو "عبد الله بن مجالد"، والذي عندي أن ترك لفظ "أبي" والاقتصار بذكر "محمد" أو "عبد الله بن مجالد" غلط من النساخ.
قال البخاري (3): أخرج حديث حفص بن عمر (4)، حدثه حفص بن عمر، حدثنا شعبة قال: أخبرني محمد أبو عبد الله بن أبي المجالد قال: اختلف عبد الله بن شداد وأبو بردة في السلف، الحديث، فظهر بهذا أن لفظ "أبي" ثابت فيه، وإسقاطه خطأ.
(قال: اختلف عبد الله بن شداد) بن الهاد الليثي (وأبو بردة) بن موسى الأشعري (في السلف) أي: السلم في شيء ليس عندهم، هل يجوز أم لا؟ (فبعثوني إلى ابن أبي أوفى، فسألته، فقال: إن) مخففة من الثقيلة (كنا نسلف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في الحنطة والشعير والتمر والزبيب،
(1) في نسخة: "لنسلف".
(2)
"بدائع الصنائع"(4/ 448).
(3)
كذا في الأصل: "قال البخاري"، والظاهر:"فإن البخاري".
(4)
انظر: "صحيح البخاري" رقم الحديث (2242 - 2243).
زَادَ ابْنُ كَثِيرٍ: إِلَى قَوْمٍ مَا هُوَ عِنْدَهُمْ، ثُمَّ اتَّفَقَا (1): وَسَأَلْتُ ابْنَ أَبْزَى فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ". [خ 2242 - 2243، ن 4615، حم 4/ 354، جه 2282]
3465 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، نَا يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِىٍّ قَالَا، نَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى الْمُجَالِدِ ،وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (2): عَنِ ابْنِ أَبِى الْمُجَالِدِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: عِنْدَ قَوْمٍ مَا هُوَ عِنْدَهُمْ. [انظر سابقه]
===
زاد ابن كثير: إلى قوم ما هو عندهم) ولم يزده حفص بن عمر (ثم اتفقا) أي: حفص وابن كثير (وسألت ابن أبزى) أي: عبد الرحمن وهو صحابي صغير، وكان على خراسان لعلي رضي الله عنه (فقال مثل ذلك).
3465 -
(حدثنا محمد بن بشار، نا يحيى وابن مهدي، قالا: نا شعبة، عن عبد الله بن أبي مجالد) هكذا في جميع النسخ الموجودة بذكر "أبي"، إلَّا في المجتبائية، سقط فيها لفظ "أبي"، والصواب ذكره، كما في النسائي (3) في رواية يحيى بذكر لفظ "أبي"، وكذا في ابن ماجه.
(وقال عبد الرحمن: عن ابن أبي المجالد) هكذا في جميع النسخ المكتوبة، وبعض المطبوعة:"عن ابن أبي المجالد"، وفي الكانفورية:"عن ابن المجالد"، وفي المصريتين:"أبي المجالد"، وكلاهما خطأ، والصواب: ابن أبي المجالد، والفرق بين لفظ يحيى وابن مهدي: أن يحيى ذكر اسمه عبد الله، وعبد الرحمن ذكره مبهمًا (بهذا الحديث، قال) أي ابن أبي أوفى: (عند قوم) أي: نسلف عند قوم (ما هو) أي: المسلم فيه (عندهم) أي: في وقت عقد السلم.
(1) في نسخة: "قال".
(2)
في نسخة: "عبد الرحمن بن مهدي".
(3)
"سنن النسائي"(4614)، و"سنن ابن ماجه"(2282).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَالصَّوَابُ ابْنُ أَبِي الْمُجَالِدِ، وَشُعْبَةُ أَخْطَأَ فِيهِ.
===
(قال أبو داود: والصواب: ابن أبي مجالد) هكذا في جميع النسخ الموجودة عندي من المكتوبة والمطبوعة، والصواب: ابن أبي المجالد مبهمًا من غير ذكر اسمه، والذي يقع في قلبي من تتبع كلام الحافظ أن هذه العبارة خطأ، أخطأ فيه النساخ بترك اسم عبد الله، بل العبارة الصحيحة هكذا: والصواب: عبد الله بن أبي المجالد، فإنه قال الحافظ في، "الفتح" (1): وجزم أبو داود بأن أسمه عبد الله، وهذا الجزم لا يوجد في كلام أبي داود، إلَّا بأن يكون هذا اللفظ في هذه العبارة، لأن في جميع العبارة لا يوجد الجزم من أبي داود بأن اسمه عبد الله.
(وشعبة أخطأ فيه) اختلفت الروايات عن شعبة، ففي رواية أبي الوليد عند البخاري: حدثنا شعبة، عن ابن أبي المجالد مبهمًا، من غير ذكر محمد أو عبد الله، وفي رواية وكيع عنده: عن شعبة، عن محمد بن أبي المجالد بتعيين اسمه بمحمد، وفي رواية حفص بن عمر عند البخاري، وكذا من رواية ابن كثير عند أبي داود: أخبرني محمد أو عبد الله بن أبي المجالد على الشك.
وأخرج البخاري (2) من غير طريق شعبة: حدثني عبد الواحد، حدثنا الشيباني، حدثنا محمد بن أبي المجالد، وكذا: حدثنا خالد بن عبد الله، عن الشيباني وهو أبو إسحاق، عن محمد بن أبي المجالد.
وأخرج أبو داود: رواية يحيى وعبد الرحمن بن مهدي قالا: نا شعبة، عن عبد الله بن أبي المجالد، وقال عبد الرحمن أي ابن مهدي: عن ابن أبي المجالد، فروى يحيى القطان، عن شعبة بتعيين اسم عبد الله، وروى عبد الرحمن، عن شعبة، عن ابن أبي المجالد بإيهام الاسم.
وأخرج النسائي من رواية أبى داود الطيالسي، قال: أخبرنا شعبة قال:
(1)"فتح الباري"(4/ 430).
(2)
"صحيح البخاري"(2244، 2245).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ثنا ابن أبي المجالد، أي: مبهمًا، وقال مرة: عبد الله بتعيين اسمه عبد الله، وقال مرة: محمد يعني بتعيين اسم محمد، والنسائي لم يخرج رواية الشك.
وأخرج الإِمام أحمد من حديث محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، ومن حديث حجاج حدثني شعبة قال: سمعت عبد الله بن أبي المجالد بتعيين اسم عبد الله، ثم بعد تخريج الروايات المختلفة في ابن أبي المجالد قال أبو داود: والصواب ابن أبي المجالد، وشعبة أخطأ فيه.
واختلفوا في بيان الخطأ، فكتب في حاشية المكتوبة الأحمدية بذكر لفظ "عبد الله"، وكتب أيضًا بعض المحشين: أي أخطأ في متن الحديث في قوله: "إلى قوم ما هو عندهم"، وينبغي أن يقول: ما كنا نسألهم.
وقال صاحب "العون"(1): وشعبة أخطأ فيه، أي بذكر لفظ عبد الله بن مجالد، وإنما هو عبد الله بن أبي المجالد، وهذا خطأ من صاحب "العون"، فإنه قد تقدم أن سقوط لفظ "أبي" ليس هو من شعبة، بل هو من غلط النساخ، ولم يتنبه له؛ لأنه لم يوفق من الله سبحانه وتعالى.
وأما قول بعض المحشين: "إنه أخطأ في المتن"، فهذا أيضًا غلط؛ لأن قول أبي داود:"والصواب: ابن أبي المجالد" يدل على أن الخطأ في اسمه، لا في متن الحديث، والذي عندي أن تخطئة أبي داود شعبة، هو أن شعبة قال مره لبعض تلامذته: عن محمد بن أبي المجالد، فتسميته بمحمد عنده خطأ.
قال الحافظ في "الفتح"(2): قوله: "عن ابن أبي المجالد"، كذا أبهمه أبو الوليد عن شعبة، وسماه غيره عنه محمد بن أبي المجالد، ومنهم من أورده (3) على الشك: محمد أو عبد الله، وذكر البخاري
(1)"عون المعبود"(9/ 252).
(2)
"فتح الباري"(4/ 430).
(3)
في الأصل: "رووه".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الروايات الثلاث، وأورده النسائي من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة، عن عبد الله، وقال مرة:"محمد"، وقد أخرجه البخاري في الباب الذي يليه من رواية عبد الواحد بن زياد وجماعة، عن أبي إسحاق الشيباني فقال:"عن محمد بن أبي المجالد"، ولم يشك في اسمه، وكذلك ذكره البخاري في "تاريخه" في المحمدين، وجزم أبو داود بأن اسمه عبد الله، انتهى.
وهذا يدل على أن ذكر عبد الله عند أبي داود ليس بخطأ، بل هو- بقول الحافظ- جازم، بأن اسمه عبد الله، فكيف يكون ذكره خطأ، وكلام الحافظ يقتضي أن أبا داود لما جزم يكون اسمه عبد الله بن أبي المجالد، فتسميته بمحمد بن أبي المجالد خطأ.
وقد صرح في "تهذيب التهذيب"(1): وقال الآجري عن أبي داود: يخطئ فيه شعبة، فيقول: محمد بن أبي المجالد، ففي هذا تصريح بأن التخطئة في تسميته محمدًا، وقال في "تهذيب الكمال" (2) في ترجمة محمد بن أبي المجالد: قال أبو عبيد الآجري عن أبي داود: شعبة يحدث عن محمد بن أبي المجالد، والصواب: عبد الله بن أبي المجالد، شعبة يخطئ فيه، انتهى.
فظهر بعبارة "التهذيب" و"تهذيب التهذيب" أن الخطأ في تبديل اسم عبد الله بمحمد.
قلت: تخطئة أبي داود لشعبة خلاف الصواب؛ لأن الحافظ رد عليه في تخطئته في "تهذيب التهذيب"(3) فقال: قلت: قد سماه محمدًا أبو إسحاق الشيباني، كذا عند البخاري وأبي داود، فكان يشك في اسمه، ففي "البخاري"
(1)"تهذيب التهذيب"(5/ 388).
(2)
"تهذيب الكمال"(26/ 365).
(3)
"تهذيب التهذيب"(5/ 389).
3466 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، نَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، نَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِى غَنِيَّةَ، حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى
===
عن شعبة: مرة عبد الله، ومرة محمد، ومرة عبد الله أومحمد، وكذلك أخرج البخاري وأبو داود جميعًا عن حفص بن عمر، عن شعبة، عن محمد أو عبد الله بن أبي المجالد، وكذا روى النسائي، عن محمود، عن أبي داود [عن شعبة](1)، عن عبد الله بن أبي المجالد قال، وقال مرة: محمد، انتهى.
قلت: فعلم برواية أبي إسحاق الشيباني أن تسميته محمدًا ليس بخطأ، فإن وكيعًا في روايته عن شعبة عند البخاري سماه محمدًا، وفي رواية أبي إسحاق الشيباني سماه محمدًا، فلا يكون تسميته محمدًا خطأ، والله تعالى أعلم. وإنما أطنبنا في هذا المقام الكلام؛ لأنه من مزالّ الأقدام، كم من معتنٍ لحل هذا الكتاب أخطأ فيه.
3466 -
(حدثنا محمد بن المصفى، نا أبو المغيرة) الخولاني، (نا عبد الملك بن أبي غَنِيَّة) بفتح المعجمة وكسر النون وتشديد التحتانية، منسوب إلى جده، وهو عبد الملك بن حميد بن أبي غنية، الخزاعي الكوفي، أصله أصبهاني، قال أحمد عن يحيى: عبد الملك ثقة، هو وأبوه متقاربان في الحديث، وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: ثقة.
(حدثني أبو إسحاق) أي: الشيباني، (عن عبد الله بن أبي أوفى) هكذا في جميع نسخ أبي داود الموجودة عندي من المطبوعة والمكتوبة، والذي يظهر من البخاري في "صحيحه"، ومن كلام الحافظ (2): أن في العبارة خطأ من النساخ وسقوط، والصواب: حدثني أبو إسحاق، حدثنا محمد بن أبي المجالد،
(1) سقط في الأصل، وقد زدته من "التهذيب"(5/ 389).
(2)
انظر: "فتح الباري"(4/ 430 - 431).
الأَسْلَمِىِّ قَالَ: "غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الشَّامَ، فَكَانَ يَأْتِينَا أَنْبَاطٌ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّامِ، فَنُسْلِفُهُمْ فِى الْبُرِّ وَالزَّيْتِ سِعْرًا مَعْلُومًا وَأَجَلًا مَعْلُومًا، فَقِيلَ لَهُ: مِمَّنْ لَهُ ذَلِكَ؟
===
عن عبد الله بن أبي أوفى، وكذلك في "البخاري" من حديث عبد الواحد وخالد بن عبد الله وسفيان الثوري، عن الشيباني، عن محمد بن أبي المجالد.
(الأسلمي قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الشام)، والظاهر أن هذا الغزو غزوة تبوك، فإنها وقعت في نواحي الشام (فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام) جمع نبيط، وصم قوم معروفون، كانوا ينزلون بالبطائح بين العراقَين، قاله الجوهري (1)، وأصلهم قوم عن العرب دخلوا في العجم، واختلطت أنسابهم وفسدت ألسنتهم، ويقال لهم: النَبَط- بفتحتين- والنبيط: بفتح أوله وكسر ثانيه وزيادة تحتانية، وإنما سموا بذلك لمعرفتهم بأنباط الماء، أي: استخراجه لكثرة معالجتهم الفلاحة.
وقيل: هم نصارى الشام، وهم عرب دخلوا في الروم، ونزلوا بوادي الشام، ويدل على هذا قوله: من أنباط الشام.
وقيل: هم طائفتان: طائفة اختلطت بالعجم، ونزلوا البطائح، وطائفة اختلطت بالروم ونزلت الشام.
(فنسلفهم) من باب الإفعال، وقد تشدد اللام مع فتح السين، أي: نسلم إليهم (في البر) أي: الحنطة (والزيت) وفي نسخة: "الزبيب"(سعرًا معلومًا وأجلًا معلومًا، فقيل له) أي: لعبد الله بن أبي أوفى: (ممن له ذلك؟ ) ولفظ البخاري (2): "قلت: إلى من كان أصله عنده؟ ". وفي رواية: "قلت: أكان لهم زرع أو لم يكن لهم زرع؟ "، فهذا يرشدك إلى تقدير الاستفهام في لفظ أبي داود، أي: أَتُسلمون من الذي له ذلك، أي: الأشياء المسلم فيها موجودة عنده.
(1)"الصحاح"(3/ 1162).
(2)
"صحيح البخاري"(4422، 2245، 2254، 2255).