الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
(20) أَوَّلُ كتَابِ الأَشْرِبَةِ
(1) بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ
3669 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
===
بسم الله الرحمن الرحيم
(20)
(أَوَّلُ كِتَابِ الأشْرِبَةِ)
(1)
(بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ)(1)
3669 -
(حدثنا أحمد بن حنبل، نا إسماعيل بن إبراهيم،
(1) في "الخميس"(2/ 26) نزل تحريمه سنة 6 هـ، وفي "التلقيح"(ص 44) سنة 3 هـ بعد أُحد، وخلاصة مذهب الحنفية أن الأشربة ثلاثة أقسام: الخمر حرام مطلقًا، وله عشرة أحكام.
الثاني: الأشربة الأربعة، العصير، وهو نوعان: الباذق، والمنصف، ونقيع التمر، وهو السكر، ونقيع الزبيب حرام قليلها وكثيرها، لكن حرمتها ظنية، والثالث: باقي الأشربة حلال عند الشيخين ما لم يسكر، حرام عند محمد والثلاثة قليلها وكثيرها، وبه يفتى.
ويحد على السكر من كلها على الصحيح، ويحد على قطرة من الخمر، هذا خلاصة ما في حاشية "الكوكب الدري"(3/ 29، 30)، وقال ابن عابدين: قال الإِمام =
نَا أَبُو حَيَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ، عن ابْن عُمَرَ، عن عُمَرَ قَالَ: "نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: مِنَ الْعِنَب، وَالتَّمْرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَعِيرِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ،
===
نا أبو حيان قال: حدثني الشعبي، عن ابن عمر، عن عمر قال: نزل تحريم الخمر يوم نزل) أي أيام نزول تحريم الخمر كانت الخمر من خمسة أشياء (وهي من خمسة أشياء) الواو للحال، أي كانت تصنع من خمسة أشياء (من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والخمر) في حكمها كل (ما خامر العقل) فهو حرام.
وأما الخمر في اللغة فقال في "القاموس": الخمر: ما أسكر من عصير العنب، أو عام، انتهى. فلأهل اللغة فيها قولان: أحدهما أنها مختصة بعصر العنب الذي بلغ حد الإسكار، فالإنكار عليه لا يليق بشأن أهل العلم، وأما ما وراء ذلك فأسماؤها كثيرة.
قال في "البدائع"(1) في بيان أسماء الأشربة المعروفة المسكرة فقال: أما أسماؤها: فالخمر والسكر والفضيخ ونقيع الزبيب والطلاء والباذق والمنصف والمثلث والجمهوري، وقد يسمى أبو السقيا والخليطان والمزر والجعة والبتع، انتهى.
فاختلاف أسمائها يدل على أن الخمر نوع واحد، وهو اسم للنيء من ماء العنب إذا غلا واشتد وبلغ حد الإسكار، وأما نبيذ الحنطة والشعير إذا صار مسكرًا فهو الجعة، وأما نبيذ العسل إذا أسكر، فهو البتع، وأما ماء الرطب إذا غلا واشتد وأسكر فاسمه السُّكر، وأما النبي من ماء البسر إذا أسكر، فهو الفضيخ.
= أبو حنيفة: لا أفتي بحرمة النبيذ ولو أعطيت الدنيا، لأن فيه تفسيق بعض الصحابة، ولا أشربها ولو أعطيت الدنيا، لأنه لا حاجة إليه، فللَّه در فتواه وتقواه. [انظر:"رد المحتار"(10/ 33)]. (ش).
(1)
"بدائع الصنائع"(4/ 276).
وَثَلَاثٌ وَدِدْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ (1) إِلَيْنَا فِيهِنَّ عَهْدًا نَنْتَهِي (2) إِلَيْهِ: الْجَدُّ، وَالْكَلَالَةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا". [خ 5588، م 3032، ت 1873، ن 5578]
3675 -
حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ -، عن إِسْرَائِيلَ، عن أَبِي إِسْحَاقَ، عن عَمْرٍو، عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب قَالَ: "لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ قَالَ عُمَرُ: اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا في الخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً (3)، فَنَزَلَتْ الآيَةُ الَّتِي في
===
(وثلاث وددت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا فيهن عهدًا) أي بَيَّن فيها بيانًا (ننتهي إليه: الجد) أي سهم الجد مع الإخوة (والكلالة، وأبواب من أبواب الربا).
قال الحافظ في "الفتح"(4): أما الجد فالمراد قدر ما يرث، لأن الصحابة اختلفوا في ذلك اختلافًا كثيرًا، فسيأتي في كتاب الفرائض عن عمر أنه قضى فيه بقضايا مختلفة، وأما الكلالة بفتح الكاف وتخفيف اللام فسيأتي بيانها أيضًا في كتاب الفرائض، وأما أبواب الربا فلعله يشير إلى ربا الفضل، لأن ربا النسيئة متفق عليه بين الصحابة، وسياق عمر يدل على أنه كان عنده نص في بعض أبواب الربا دون بعض، فلهذا تمنى معرفة البقية.
3670 -
(حدثنا عباد بن موسى الختلي قال: نا إسماعيل -يعني ابن جعفر-، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو) بن شرحبيل، (عن عمر بن الخطاب قال: لما نزل تحريم الخمر) أي ابتدأ نزول مقدمات التحريم (قال عمر: اللَّهُمَّ بيِّن لنا في الخمر بيانًا شفاء) أي شافيًا كما في نسخة، (فنزلت الآية التي في)
(1) في نسخة: "عهد".
(2)
في نسخة: "ينتهي".
(3)
في نسخة: "شافيًا".
(4)
"فتح الباري"(10/ 50).
الْبَقَرَةِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} الآيَةُ (1)، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لنَا في الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً (2)، فَنَزَلَتْ الآيَةُ الَّتِي في النِّسَاءِ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ، فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ يُنَادِي: أَلَا لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا في الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:{فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ، قَالَ (3) عُمَرُ: انتهَيْنَا". [ت 3049، ن 5540، حم 1/ 53]
===
سورة (البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} الآية)(4) وهو يقتضي أن يحرم (فدعي عمر، فقرئت عليه، قال: اللهُمَّ بين لنا في الخمر بيانًا شفاء، فنزلت الآية في) سورة (النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} (5)، فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة) أي إذا قربت إقامة الصلاة (ينادي: ألا لا يقربن الصلاة سكران، فدعي عمر فقرئت عليه)، وكان في هذه الآية تحريم الخمر والسكر في حالة مخصوصة، وهي حالة الصلاة ومناجاة الرب، وأما ما عداها فكانت على الإباحة الأصلية.
(فقال عمر: اللهُمَّ بيِّن لنا في الخمر بيانًا شفاء، فنزلت هذه الآية) من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ} إلى قوله: ({فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (6)، فقال عمر: انتهينا).
نقل في الحاشية عن الطيبي: وفي الآيتين سبعة دلائل على تحريم الخمر: أحدها قوله: رجس، والرجس هو النجس، وكل نجس حرام، والثاني قوله:
(1) زاد في نسخة: "قال".
(2)
في نسخة: "شافيًا".
(3)
في نسخة: "فقال".
(4)
سورة البقرة: الآية 219.
(5)
سورة النساء: الآية 43.
(6)
سورة المائدة: الآية 91.
3671 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: نَا يَحْيَى، عن سُفْيَانَ قَالَ: نَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ السُّلَمِيِّ، عن عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: "أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ دَعَاهُ وَعَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ عَوْفٍ، فَسَقَاهُمَا قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ، فَأَمَّهُمْ عَلِيٌّ في الْمَغْرِبِ وَقَرَأَ (1):{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فَخَلَط فِيهَا، فَنَزَلَتْ:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} . [ت 3026]
===
من عمل الشيطان، وما هو من عمله حرام، والثالث قوله: فاجتنبوه، وما أمر الله تعالى باجتنابه فهو حرام، والرابع قوله:{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ، وما علق رجاء الفلاح باجتنابه فالإتيان به حرام، والخامس قوله:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} ، وما هو سبب وقوع العداوة والبغضاء بين المسلمين فهو حرام، والسادس:{وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} ، وما يصد به الشيطان المسلمين عن ذكر الله وعن الصلاة فهو حرام، والسابع قوله:{فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ، معناه: وما أمر الله عباده بالانتهاء عنه فالإتيان به حرام.
3671 -
(حدثنا مسدد، قال: نا يحيى، عن سفيان قال: نا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب: أن رجلًا من الأنصار) لم أقف على تسميته (دعاه) أي عليًا (وعبد الرحمن بن عوف) عطف على ضمير دعاه (فسقاهما) أي الخمر (قبل أن تحرم الخمر) فجاء وقت صلاة المغرب (فأمهم) أي صار إمامًا لهم (علي في) صلاة (المغرب، وقرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فخلط فيها) أي قرأ في حالة السكر: "قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون"، كما في رواية الترمذي (2).
(فنزلت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} بأن يزول عنكم السكر وتفيقوا، فحرم بهذه الآية في وقت مخصوص وهو وقت الصلاة.
(1) في نسخة: "فقرأ".
(2)
"سنن الترمذي"(3026).
3672 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عن أَبِيهِ، عن يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عن عِكْرِمَةَ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ، و {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} ، نَسَخَتْهُمَا (1) الَّتِي في الْمَائِدَةِ:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ} الآيةُ. [ق 8/ 285]
3673 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، نَا حَمَّادٌ (2)، عن ثَابِتٍ، عن أَنَسٍ قَالَ: "كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ حَيْثُ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ في مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ،
===
3672 -
(حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال: نا علي بن حسين، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال) أي في قوله تعالى: ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} (3) و) الآية الثانية: ({يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} (4) نسختهما) الآية (التي في) سورة (المائدة: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ} (5) الآية).
فالآية الأولى تدل على أن حرمة الخمر مختصة بوقت الصلاة، وأما في غير وقتها فلا تحرم، والآية الثانية تدل على أن فيها منافع للناس، فهو يقتضي جوازها، فالآية الثالثة نسختها وحرمت بها الخمر مطلقًا مؤبدة.
3673 -
(حدثنا سليمان بن حرب، نا حماد) بن زيد، (عن ثابت، عن أنس) بن مالك (قال) أي أنس: (كنت ساقي القوم حيث) أي حين (حرمت الخمر في منزل أبي طلحة) متعلق بقوله: كنت ساقي القوم
(1) في نسخة بدله: "نسختها الآية".
(2)
في نسخة: "حماد بن زيد".
(3)
سورة النساء: الآية 43.
(4)
سورة النساء: الآية 219.
(5)
سورة المائدة: الآية 90.