الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) بَابٌ: في الْقَاضِي يُخْطِئ
3573 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ السَّمْتِيُّ، نَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عن أَبِي هَاشِمٍ،
===
والوجه الآخر: أن الذبح الذي يقع به إزهاق النفس، وإراحة الذبيحة، وخلاصها من طول الألم، وشدة العذاب إنما يكون بالسكين؛ لأنه يمر في حلق المذبوح ويمضي في مذابحه فيجهز عليه، وإذا ذبح بغير سكين كان ذبحه خنقًا وتعذيبًا، فضرب المثل بذلك ليكون أبلغ في الحذر من الوقوع فيه، وأشد في التوقي منه.
(2)
(بَابٌ: في الْقَاضِي يُخْطِئُ)(1)
3573 -
(حدثنا محمد بن حسان) بن خالد الضبِّي (السمتي) بمثناة، أبو جعفر البغدادي، عن ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وكذا روى الأزهري عن الدارقطني، وقال الدارقطني: محمد بن حسان ثقة، يحدث عن الضعفاء، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عنه؟ فقال: ما لي به ذاك الحبر، وتكلم بكلام كأنه رأى الكتابة عنه.
(نا خلف بن خليفة) بن صاعد الأشجعي مولاهم، أبو أحمد، كان بالكوفة، ثم انتقل إلى واسط، فسكنها مدة، ثم تحول إلى بغداد، فأقام بها إلى حين وفاته، قال أحمد: قد رأيت خلف بن خليفة وهو مفلوج سنة سبع وثمانين ومائة قد حمل، وكان لا يفهم، فمن كتب عنه قديمًا فسماعه صحيح، وقال ابن معين والنسائي: ليس به بأس، وقال ابن معين أيضًا، وأبو حاتم: صدوق، وقال ابن سعد: كان ثقة، وقال العجلي: ثقة.
(عن أبي هاشم) الرُّمَّاني بضم الراء، وكان نزل قصر رمان، الواسطي، اسمه يحيى بن دينار، وقيل: ابن الأسود، وقيل: ابن أبي الأسود، وقيل:
(1) اختلف في اختلاف المجتهدين أن الحق واحد أو متعدد كما تقدم. (ش).
عن ابْنِ بُرَيْدة، عن أَبِيهِ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ في الْجَنَّةِ، وَاثْنَانِ في النَّارِ، فَأَمَّا الَّذِي في الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَق فَجَارَ في الْحُكْمِ فَهُوَ في النَّارِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ في النَّارِ"(1). [ن 5922، ت 1322، جه 2315]
3574 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عن الأَعْمَشِ، عن رَجَاءٍ الأَنْصَارِيِّ،
===
ابن نافع، قال أحمد وابن معين والنسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: كان فقيهًا صدوقاَ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن عبد البر: لم يختلفوا في أن اسمه يحيى وأجمعوا على أنه ثقة.
(عن ابن بريدة) أي عبد الله، (عن أبيه) أي بريدة، (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: القضاة ثلاثة) أي على ثلاثة أنواع (واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف (2) الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم) أي ظلم فيه (فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار).
3574 -
(حدثنا محمد بن العلاء ومحمد بن المثنى قالا: نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن رجاء الأنصاري) الكوفي، روى له أبو داود حديث التسرع إلى الحكم، وابن ماجه حديثًا عن معاذ في سؤال ثلاث، قال: فأعطاني اثنين ومنعني واحدة.
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود: هذا أصح شيء فيه، يعني حديث ابن بريدة القضاة
ثلاثة".
(2)
استدل بذلك الشاه ولي الله في "إزالة الخفاء"(1/ 48) في شرائط الخلافة: أن يكون مجتهدًا، ثم قال: ولا يكون مجتهدًا حتى يتعلم العلوم الخمسة: علم القرآن قراءةً وتفسيرًا، وعلم السنَّة بأسانيدها صحةً وضعفًا، وعلم أقاويل السلف لئلا يخرج عن الإجماع، والعلوم الآلية من العربية وغيرها، وعلم طرق الاستنباط ووجوه التطبيق، ولا يجب أن يكون مجتهدًا مستقلًا كأبي حنيفة والشافعي، بل يكفي أن يكون مجتهدًا منتسبًا يعرف تحقيق السلف ومستدلاتهم. (ش).
عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْن بِشْرٍ (1) الأَزْرَقِ قَالَ: "دَخَلَ رَجُلَانِ مِنْ أَبْوَاب كِنْدَةَ- وَأَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ جَالِسٌ في حَلْقَةٍ - فَقَالَا: أَلَا رَجُلٌ يُنَفِّذُ بَيْنَنَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْحَلْقَةِ: أَنَا، فَأَخَذَ أَبُو مَسْعُودٍ كَفًّا مِنْ حَصًى فَرَمَاهُ بِهِ، وَقَالَ: مَهْ، إِنَّهُ كَانَ يُكْرَهُ التَّسَرُّعُ إِلَى الْحُكْمِ".
3575 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ - قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عن بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عن أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
===
(عن عبد الرحمن بن بشر الأزرق) ذكره ابن حبان في "الثقات"، له عند مسلم (2) في "العزل"، وعند النسائي هذا، وآخر في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وعند أبي داود في "كراهة التسرع في الحكم"، قال ابن سعد: كان قليل الحديث.
(قال: دخل رجلان من أبواب كندة)، ولعلها كانت من أبواب الكوفة (وأبو مسعود الأنصاري) البدري (جالس في حلقةٍ، فقالا: ألا رجل يُنَفِّذُ) أي يقضي ويُمضى حكمه (بيننا؟ فقال رجل من الحلقة: ) لم أقف على تسميته (أنا) أي أنا أقضي بينكما (فأخذ أبو مسعود كفًا من حصًى فرماه به) أي الرجل (وقال: مه) أي اكفف (إنه كان يكره) بصيغة المجهول (التسرع إلى الحكم) أي كان التسرع إلى القضاء مكروهًا عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3575 -
(حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال: نا عبد العزيز- يعني ابن محمد- قال: أخبرني يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن بسر بن سعيد، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص
(1) زاد في نسخة: "الأنصاري".
(2)
"صحيح مسلم"(1437)، و"سنن النسائي"(3327)، (1286)، و"سنن أبي داود"(3577).
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ"، فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ فَقَالَ: هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عن أَبِي هُرَيْرَةَ. [خ 7352، م 1716، ت 1326، ن 5396، جه 2314، حم 4/ 204]
===
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا حكم الحاكم) أي أراد الحكم (فاجتهد (1) فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر، فحدثت به أبا بكر بن حزم)، وهذا قول يزيد بن عبد الله بن الهاد، كما هو مصرح في رواية ابن ماجه (فقال) أبو بكر بن حزم:(هكذا) أي مثل ما حدث أبو قيس عن عمرو بن العاص (حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة).
قال الخطابي (2): قوله: "إذا حكم فاجتهد فاخطأ فله أجر"، إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق؛ لأن الاجتهاد عبادة، ولا يؤجر على الخطأ، بل يوضع عنه الإثم فقط، وهذا فيمن كان من المجتهدين جامعًا لآلة الاجتهاد، عارفًا بالأصول، عالمًا بوجوه القياس.
فأما من لم يكن محلَّا للاجتهاد، فهو متكلف لا يعذر في الخطأ في الحكم، بل يخاف عليه أعظم الذنب، يدل على صحة ذلك حديثه عن ابن بريدة عن أبيه، وهذا إنما هو في الفروع المحتملة للوجوه المختلفة، دون الأصول التي هي أركان الشريعة، وأمهات الأحكام التي لا تحتمل الوجوه، ولا يدخل فيه التأويل، فأما من أخطأ فيها كان غير معذور في الخطأ، وكان حكمه في ذلك مردودًا.
(1) وأورد عليه بأن فعله الاجتهاد، وهو لا يختلف، فكيف اختلاف الأجر، وأجاب عنه ابن قتيبة في "التأويل"(ص 170، 171). (ش).
(2)
"معالم السنن"(4/ 160).
3576 -
حَدّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثيرٍ، نَا (1) إِسْرَائيلُ، نَا عَبْدُ الأَعْلَى، عن بِلَالٍ، عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ وُكِّلَ إِلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ أَنْزَلَ الله مَلَكًا يُسَدِّدُهُ"(2). [ت 1323، جه 2309]
3577 -
حَدّثَنَا عَبَّاسُ الْعَنْبَرِيُّ، نَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، نَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ نَجْدَةَ، عن جَدِّهِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، وَهُوَ أَبُو كَثِيرٍ
===
3576 -
(حدثنا محمد بن كثير، نا إسرائيل، نا عبد الأعلى، عن بلال، عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من طلب القضاء واستعان عليه) أي طلب الإعانة من الناس على حصول القضاء (وَكِّل إليه) أي فُوِّض إليه، ولم يكن له إعانة من الله سبحانه وتعالى، ولم يوفق، (ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه) أي على حصول القضاء من الناس (أنزل الله ملكًا يسدده) أي يرشده طريق الحق والصواب والعدل.
3577 -
(حدثنا عباس العنبري، نا عمر بن يونس، نا ملازم بن عمرو، حدثني موسى بن نجدة) الحنفي اليمامي، قال في "التقريب" (3): مجهول، روى عن جده أبي كثير يزيد بن عبد الرحمن السحيمي اليمامي، عن أبي هريرة حديث:"من قُلِّد القضاء وغلب عدله جوره فله الجنة" الحديث، (عن جده يزيد بن عبد الرحمن، وهو أبو كثير) السحيمي الغُبَري اليمامي الأعمى، قال أبو حاتم وأبو داود، والنسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(1) في نسخة: "أنا".
(2)
زاد في نسخة: "وقال وكيع: عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن بلال بن أبي موسى، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وقال أبو عوانة: عن عبد الأعلى، عن بلال بن مرداس الفزاري، عن خيثمة المصري، عن أنس".
(3)
"تقريب التهذيب"(7069).
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ، ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ".
3578 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي يَحْيَى الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنِي زيدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، نَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عن أَبِيهِ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} إِلَى قَوْلِهِ: {الْفَاسِقُونَ} ؛ هَؤُلَاءِ الآيَاتُ الثَّلَاثُ نَزَلَتْ في يَهُودَ خَاصَّهً في قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ. [حم 1/ 246]
===
(قال: حدثني أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من طلب قضاء المسلمين حتى يناله، ثم غلب عدله جوره فله الجنة، ومن غلب جوره عدله فله النار) يعني طلب القضاء وإن كان مكروهًا؛ لكن لما قلد وتحرى الصواب، وغلب عدله جوره استحق الجنة، ولما لم يتحرَّ الصواب وجار على المسلمين وأضاع حقوق الناس استحق النار.
3578 -
(حدثنا إبراهيم بن حمزة بن أبي يحيى الرملي، حدثني زيد بن أبي الزرقاء، نا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} إلى قوله: {الْفَاسِقُونَ} (1)، هؤلاء الآيات الثلاث نزلت في يهود خاصة)، ليس المراد أن حكمها لا يشتمل غيرهم، بل المراد بيان شأن النزول مع كون الحكم عامًا؛ لأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص المورد، ويحتمل أن يقال: إنه ليس معناه أن المسلم بالجور يصير كافرًا (في قريظة والنضير).
(1) سورة المائدة: الآيات 44 - 47.