الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يَتَبَيَّنَ (1) لَكَ الْقَضَاءُ". قَالَ: فَمَا زِلْتُ قَاضِيًا أَوْ مَا (2) شَكَكْتُ في قَضَاءِ بَعْدُ. [ت 1331، ق 10/ 140، حم 1/ 83]
(7) بَابٌ: في قَضَاءِ الْقَاضِي إِذَا أَخْطَأَ
3583 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَنَا سُفْيَانُ، عن هِشَامِ بْنِ
===
أي أليق (أن يتبين لك القضاء) أي وجه القضاء (قال) علي: (فما زلتُ قاضيًا أو ما شككت (3) في قضاء بعد).
قال الخطابي (4): فيه دليل على أن الحاكم لا يقضي على غائب، وذلك أنه إذا منعه أن يقضي لأحد الخصمين، وهما حاضران، حتى يسمع كلام الآخر، فدل ذلك على أنه في الغائب الذي لم يحضره ولم يسمع قوله أولى بالمنع، وذلك لإمكان أن يكون معه حجة تبطل دعوى الحاضر، ويدحض حجته.
وممن ذهب إلى أن الحاكم لا يقضي على الغائب: شريح، وعمر بن عبد العزيز، وهو قول أبي حنيفة وابن أبي ليلى، وقال مالك والشافعي: القضاء على الغائب جائز، وكان أبو عبيد يرى القضاء على الغائب إذا تيقن الحاكم أن فراوه واستخفاءه إنما هو فرار عن الحق ومعاندة للخصم.
(7)
(بَابٌ: في قَضَاءِ الْقَاضِي إِذَا أَخْطَأَ)
3583 -
(حدثنا محمد بن كثير، أنا سفيان، عن هشام بن
(1) في نسخة: "تبين".
(2)
في نسخة: "وما".
(3)
قال ابن قتيبة في "التأويل"(ص 184): يشكل عليه اختلاف قضائه في أمهات الأولاد، وقضائه في الجد. انتهى. (ش).
(4)
"معالم السنن"(4/ 162).
عُرْوَةَ، عن عُرْوَةَ (1)، عن زينَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ (2)، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا (3) أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا (4) فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعَ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ". [خ 2458، م 1713، ت 1339، ن 5416، جه 2317]
===
عروة، عن عروة، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليَّ) أي في دعاويكم (ولعل بعضكم أن يكون ألحن) أي أفصح وأبين (بحجته من بعض، فأقضي له على نحو مما أسمع منه) ومن الآخر، فأرجح الألحن (فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذ منه) أي من حق أخيه (شيئًا، فإنما أقطع له قطعة من النار) لأن مآله إليها.
وفيه أن البشر لا يعلم الغيب، إلا أن يعلمه الله تعالى، وأنه يحكم بالظاهر، وحكمه صلى الله عليه وسلم في مثل هذه لا يكون إلا صحيحًا؛ لأنه لا يحكم إلَّا بالبينة، كما هو مقتضى البينة وإن كانت خطأ، وفيه أن حكم الحاكم لا ينفذ باطنًا، ولا يُحل حرامًا خلافًا للحنفية.
قلت: اختلف (5) الفقهاء في نفاذ حكم الحاكم ظاهرًا وباطنًا أو في الظاهر فقط، فقال الجمهور بنفاذه ظاهرًا، وقال أبو حنيفة: إن حكم الحاكم إذا كان مبنيًا على دليلٍ شرعي في العقود والفسوخ ينفذ حكمه ظاهرًا وباطنًا، سواء كان في الفروج أو في الأموال، مثلًا: إذا ادعى زيد على عمرو أنه باع مني هذا
(1) في نسخة: "أبيه".
(2)
في نسخة: "أبي سلمة".
(3)
في نسخة: "ما".
(4)
في نسخة: "بشيء".
(5)
انظر: "بداية المجتهد"(2/ 461، 462).
3584 -
حَدَّثَنَا الرَّبيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، نَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عن أُسَامَةَ بْنِ زيدٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عن أُمّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: "أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ في مَوَارِيثَ لَهُمَا، لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَة إِلَّا دَعْوَاهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ مِثْلَهُ (1).
===
الفرس أو الدار بكذا، وأشهد عليه شاهِدَي زور أنه باع منه، وحكم الحاكم بذلك؛ فإنه ينعقد بينهما البيع، ويجب عليه الثمن، ويجوز للمشتري التصرف في المشتراة.
وكذلك إذا ادَّعى رجل على امرأة خالية عن موانع النكاح نكاحًا، وأثبته بالبينة، وحكم به الحاكم، فإنه ينفذ (2) قضاؤه ظاهرًا وباطنًا، ويجوز للزوج وطؤها والمقام معها، ولا يخالف هذا الحكم الحديث الوارد فيه، فإن الحديث يقتضي:"من قضيت له من حق أخيه شيئًا"، وفي العقود والفسوخ لا يقضي بحق أخيه شيئًا بل يحكم بالعقد أو الفسخ الذي هو حق الحاكم؛ نعم! إذا قضى القاضي في غير صورة العقد والفسخ لا ينفذ حكمه إلا ظاهرًا، وأما في الباطن عند الله تعالى، فلا ينفذ حكمه؛ لأنه حكم بحق أخيه، وهو ليس تحت القضاء.
3584 -
(حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة، نا ابن المبارك عن أسامة بن زيد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة قالت: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان يختصمان في مواريث لهما، لم تكن لهما بينة إلَّا دعواهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله) أي مثل الحديث المتقدم،
(1) في نسخة: "نحوه".
(2)
استدل له على هامش تقرير "الترمذي" نقلًا عن ابن همام في "فتح القدير"(7/ 308) بأثر علي رضي الله عنه: "شاهداك زوجاك"، وبدلالة الإجماع على أن من اشترى جارية ثم ادعى فسخ بيعها كذبًا وبرهن فقضي به حلَّ للبائع وطؤها واستخدامها مع علمه بكذب دعوى المشتري
…
إلخ، واستدل لهم في "البداية" (2/ 462): بأن في اللعان أحدهما كاذب لا محالة، وهو موجب للتفريق. (ش).
فَبَكَى الرَّجُلَانِ، وَقَالَ كُلُّ واحد مِنْهُمَا: حَقِّي لَكَ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَمَّا إِذَ (1) فَعَلْتُمَا مَا فَعَلْتُمَا فَاقْتَسِمَا (2) وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ، ثُمَّ استَهِمَا ثُمَّ تَحَالَّا"(3). [حم 6/ 320]
3585 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَنَا عِيسَى، نَا أُسَامَةُ، عن عَبْدِ الله بْنِ رَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ:"يَخْتَصِمَانِ في مَوَارِيثَ وَأَشْيَاءَ قَدْ دُرِسَتْ، فَقَالَ: "إِنِّي إِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ (4) بِرَأْيِي فِيمَا لَمْ يُنْزَلْ عَلَيَّ فِيهِ". [ق 10/ 260، قط 4/ 239]
===
(فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لك، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: أما إذ فعلتما ما فعلتما فاقْتسِما) أي المال بينكما (وتوخَّيا الحق) أي فيأخذ كل منكما بقدر حقه، ويقصد الحق في القسمة (ثم اسْتهما) أي اقترعا (ثم تحالَّا) وفي نسخة:"تَحَلَّلا" أي يعفو أحدكما الآخر ما لعله وصل إليه من حقه.
قال القاري (5): هذا من طريق الورع والتقوى، لا من باب الحكم والفتوى، وأن البراءة المجهولة عند الحنفية تصح، وهو محمول على سبيل الاحتياط.
3585 -
(حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أنا عيسى، نا أسامة) بن زيد، (عن عبد الله بن رافع قال: سمعت أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا الحديث) المتقدم (قال: يختصمان في مواريث وأشياء قد دُرِسَتْ) أي مُحِيَتْ (فقال: إني إنما أقضي بينكما برأيي فيما لم يُنزَل عليَّ فيه) من الله سبحانه وتعالى.
(1) في نسخة: "إذا".
(2)
في نسخة: "فاستقيما".
(3)
في نسخة: "تحللا".
(4)
في نسخة: "برأي".
(5)
"مرقاة المفاتيح"(7/ 337).
3586 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ قَالَ، أَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عن يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عن ابْنِ شهَابٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ الرَّأيَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُصِيبًا، لأَنَّ الله كَانَ يُرِيَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَّا الظَّنُّ وَالتكلُّفُ". [ق 10/ 117]
3587 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدةَ الضَّبِّيُّ، أَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ الشَّامِيُّ، وَلَا إِخَالُنِي رَأَيْتُ شَامِيًّا أَفْضَلَ مِنْهُ، يَعْنِي حَرِيزَ بْنَ عُثْمَانَ.
===
3586 -
(حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أنا ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، أن عمر بن الخطاب قال وهو على المنبر: يا أيها الناس! إن الرأي إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبًا؛ لأن الله) عز وجل (كان يُريه) الحق، فيه إشارة إلى قوله تعالى:{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} (1)، (وإنما هو منا الظن والتكلف) أي في استخراج الحكم، فيحتمل أن يكون الظن خطأ، قال المنذري (2): هذا منقطع؛ لأن الزهري لم يدرك عمر.
3587 -
(حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، أنا معاذ بن معاذ قال: أخبرني أبو عثمان الشامي، ولا إِخَالُني) أي لا أظنني (رأيت شاميًا أفضل منه، يعني حريز بن عثمان).
هكذا في جميع النسخ الموجودة عندي من المكتوبة والمطبوعة إلا في المصرية، فإن هذا السند لم يذكر فيها، وذكر في جميع ما سواها، ولم أقف لأي وجه ذكر هذا السند، فإن الظاهر أنه ليس له تعلق بما قبله ولا بما بعده، فليحرر.
(1) سورة النساء: الآية 105.
(2)
"مختصر سنن أبي داود"(5/ 211).