الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ"(1). [خ 6137، م 1727، ت 1589، جه 3676، حم 14/ 149]
(7) بَابُ نَسْخِ الضَّيْفِ في الأَكْلِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ
3753 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي
===
كتب (2) مولانا محمد يحيى المرحوم: أراد بذلك أنهم لا يضيفوننا ولا يبيعون منا، بل يغلقون الدكاكين والأسواق حتى نبقى جياعًا، وكانت أهل الذمة تفعل ذلك عنادًا، ومعنى قوله:"فخذوا منهم حق الضيف" أي: بالقيمة، وأما ما قيل: إن الضيافة كانت حقًا على الذميين داخلة في العهد، فالمراد به الأخذ من غير قيمة، ففيه أنه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، بل إنما فعله عمر رضي الله عنه، فلا يتمشى هذا التوجيه في رواية أبي داود هذه، انتهى.
(فما ترى؟ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف)(3) من قراكم (فاقبلوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم).
(7)
(بَابُ نَسْخِ الضَّيْفِ (4) فِي الأَكْلِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ)
3753 -
(حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال: حدثني
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود: وهذا حجة للرجل يأخذ الشيء إذا كان له حقًا".
(2)
وحكاه القاري عن الترمذي وغيره. [انظر: "عمدة القاري" (9/ 213، 214)]. (ش).
(3)
أجاب الحافظ في "الفتح"(5/ 108) عن هذا الحديث بأجوبة تقدمت آنفًا ملخصًا. (ش).
(4)
اعلم أن حق الضيف كان واجبًا في أول الإِسلام، ثم نسخ ذلك بآية النساء:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}
…
الآية. فحرم الأكل من مال الغير بغير إذنه وإن كان ضيفًا، لكن بعد نزول هذه الآية صار بعض الناس يجتنبون أكل مال الغير مطلقًا، وإن =
عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عن أَبيهِ، عن يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عن عِكْرِمَةَ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} ، فَكَانَ الرَّجُلُ يُحْرِجُ أَنْ يَأكُلَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَمَا نَزَلَتْ هَذ الآيَةُ، فَنَسَخَ (1) ذَلِكَ الآيَةُ الَّتِي في النُّورِ، فَقَالَ:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ} - إِلَى قَوْلِهِ- {أَشْتَاتًا} ، كَانَ الرَّجُلُ الْغَنِيُّ يَدْعُو الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِهِ إِلَى الطَّعَامِ، قَالَ: إِنِّي لأَجْنَحُ أَنْ آكُلَ مِنْهُ- وَالتَّجَنُّحُ: الْحَرَجُ- وَيَقُولُ: الْمِسْكِينُ أَحَقُّ بِهِ مِنِّي، فَأُحِلَّ في ذَلِكَ
===
علي بن حسين بن واقد، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس) رضي الله عنه (قال) ابن عباس في تفسير قوله تعالى:({لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (2)، فكان الرجل يحرج) أي يتحرج (أن يأكل عند أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنسخ ذلك) مفعول النسخ (الآية التي في) سورة (النور) فاعل لنسخ، (فقال) تعالى:{ليسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ (3) أَنْ تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ} - إلى قوله- {أَشْتَاتًا} ، كان الرجل الغني يدعو الرجل من أهله) أي أقاربه (إلى الطعام، قال) الرجل المدعو: (إني لأجْنَحُ) أي أرى جناحًا وإثمًا (أن آكل منه، والتجنح: الحرج، ويقول) أي الرجل المدعو: (المسكين أحق به مني، فأحل في ذلك) الآية،
= أذن المالك أو دعاه إلى طعامه ويقول: إني لأجنّح أي أراه جناحًا، فأزيل هذا التوهم بآية النور بأنه لا حرج فيه بعد إذن المالك ودعوته، وعلى هذا التقرير لا يرد شيء من إيراد الطبري المذكور في "البذل". (عاقل).
(1)
في نسخة: "فأنسخ ذلك بالآية".
(2)
سورة النساء: الآية 29.
(3)
نقلها بالمعنى، وإلَّا فأصل الآية: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ
…
} [سورة النور: الآية 61]، كذا في "العون"(10/ 158). (ش).
أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، وَأُحِلَّ طَعَامُ أَهْلِ الْكِتَابِ. [ق 7/ 274]
===
ولفظ ابن جرير (1): فأحل من ذلك (أن يأكلوا (2) مما ذكر اسم الله عليه، وأحل طعام أهل الكتاب).
وهذا على وفق تفسير بعض المفسرين فإنهم قالوا: نزلت هذه الآية التي في النساء بالنهي أن يأكل بعضهم طعام بعض إلَّا بشراء، فأما قرى فإنه كان محظورًا بهذه الآية، حتى نسخت بالتي في سورة النور:{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ} الآية.
ثم رد على هذا القول ابن جرير في "تفسيره"(3)، قال أبو جعفر: وأولى هذين القولين بالصواب في ذلك قول السُّدِّي، وذلك: أن الله تعالى حرم أكل أموالنا بيننا بالباطل، ولا خلاف بين المسلمين أن أكل ذلك حرام علينا، فإن الله لم يحل قط أكل الأموال بالباطل، وإذا كان ذلك كذلك، فلا معنى لقول من قال: كان ذلك منهيًا في أكل الرجل طعامَ أخيه قِرًى على وجه ما أذن له. ثم نُسخ ذلك لنقل علماء الأمة جميعًا وُجُهَّالها: أن قرى الضيف وإطعام الطعام كان من حميد أفعال أهل الشرك والإِسلام التي حَمِد الله أهلها عليها وندبهم إليها، وإن الله لم يحرم ذلك في عصر من العصور، بل ندب الله عباده وحثهم عليه، وإذا كان ذلك كذلك، فهو من معنى الأكل بالباطل خارج، ومن أن يكون ناسخًا أو منسوخًا بمعزل، لأن النسخ إنما يكون لمنسوخ، ولم يثبت النهي عنه، فيجوز أن يكون منسوخًا بالإباحة.
ثم اعلم أن النسخ مختلفة في ترجمة الباب، ففي المجتبائية:"باب نسخ الضيف في الأكل من مال غيره"، وهكذا في المكتوبة الأحمدية، وهكذا في المكتوبة المدنية، وفي المصرية:"باب نسخ الضيف يأكل من مال غيره"، وضبط
(1) انظر: "جامع البيان"(4/ 31).
(2)
يعني أحل من ذلك ما يكون بهذين الشرطين إما بذكر اسم الله أو يكون طعام أهل الكتاب. (ش).
(3)
انظر: "جامع البيان"(4/ 31).