الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(10) بَابٌ: في بَيع الْمُدَبَّرِ
3955 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، عن عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عن عَطَاءٍ وإسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عن عَطَاءٍ، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ:"أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عن دُبُرٍ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَبِيعَ بِسَبْعِ مِئَةٍ، أَوْ بِتِسْعِ مِئَةٍ". [خ 2141، م 997، جه 2513، ن 2546 حم 3/ 368، ]
===
مدتها، ولاشتغاله بأمور الدين ومحاربة أهل الردة واستصلاح أهل الدعوة، ثم بقي الأمر على ذلك في عصر مدة من الزمان، ثم نهاه عمر حين بلغه ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنبهوا عليه (1)، انتهى.
وقال ابن رسلان: ويحتمل أنهم باعوا أمهات الأولاد في النكاح لا في الملك.
(10)
(بَابٌ: في بَيْعِ الْمُدَبَّرِ)
3955 -
(حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا هشيم، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء وإسماعيل بن أبي خالد، عن سلمة بن كهيل، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله: أن رجلًا) وهو أبو مذكور الأنصاري (أعتق غلامًا) اسمه يعقوب (له عن دبر) أي بعد موته (منه، ولم يكن له مال غيره) وعليه دين (فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فبيع (2)) يعني في الدين الذي كان عليه (بسبع مئة أو بتسع مئة)(3).
(1) كذا في الأصل، وفي "المعالم":"فانتهوا عنه".
(2)
واشتراه نعيم بن عبد الله، كذا في "التلقيح"(ص 504)، وسيأتي قريبًا. (ش).
(3)
قال الحافظ: اتفقت الطرق على أن ثمنه ثمان مائة درهم إلَّا ما في رواية أبي داود هذه. اهـ.
قلت: لكنها بالشك. [انظر: "فتح الباري" (4/ 422)]. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ذهب الإِمام الشافعي إلى جواز بيع المدبر مطلقًا، وعند المالكية لا يجوز بيعه بغير دين متقدم على التدبير، وعند الحنفية أن التدبير وهو: إثبات العتق عن دبر نوعان: مطلق، ومقيد، أما المطلق فهو أن يعلق الرجل عتق عبده يموته مطلقًا، وأما المقيد فهو أن يعلق عتق عبده بموته موصوفًا بصفة أو بموته وشرط آخر، نحو أن يقول: أن من من مرضي هذا أو من سفري هذا فأنت حر، ونحو ذلك مما يحتمهل أن يكون موته على تلك الصفة ويحتمل أن لا يكون، وكذا إذا ذكر مع موته شرطًا آخر يحتمل الوجود والعدم، فهو مدبر مقيد.
وحكم التدبير نوعان: نوع يرجع إلى حياة المدبر، ونوع يرجع إلى ما بعد موته، أما الذي يرجع إلى حال حياة المدبر. فهو ثبوت حق الحرية للمدبر إذا كان التدبير مطلقًا، وهذا عندنا، وعند الشافعي لا حكم له في حال حياة المدبر رأسًا، فلا تثبت حقيقة الحرية ولا حقها، وحكمه ثبوت حقيقة الحرية بعد الموت مقصورًا عليه، وعلى هذا يبني بيع المدبر المطلق أنه لا يجوز عندنا، وعنده جائز، ويجوز بيع المدبر المقيد بالإجماع.
وأما المدير المطلق، فهناك لا يمكن أن يجعل الكلام سببًا للحال، لأن الأمر متردد بين أن يموت في ذلك المرض وذلك السفر أو لا يموت، فكان الشرط محتمل الوجود والعدم، فلم يكن التعليق سببًا للحال كالتعليق بسائر الشروط، وهذا الحديث استدل به الإِمام الشافعي، ولأبي حنيفة ما روي عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"المدبر لا يباع ولا يوهب، وهو حر من ثلث المال"، أخرجه الدارقطني (1) وقال: لم يسنده غير عبيدة بن حسان وهو ضعيف، وإنما هو من ابن عمر من قوله.
وأخرج الدارقطني (2) أيضًا عن علي بن ظبيان، ثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المدبر من الثلث"، وعلي بن
(1)"سنن الدارقطني"(4/ 138).
(2)
"سنن الدارقطني"(4/ 138).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ظبيان ضعيف، وعن أبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المدبر، وروي عن عمر، وعثمان، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم مثل مذهب الحنفية، وهو قول جماعة من التابعين، مثل شريح، ومسروق، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وأبي جعفر محمد بن علي، ومحمد بن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، والشعبي، والحسن البصري، والزهري، وسعيد بن جبير، وسالم بن عبد الله، وطاؤس، ومجاهد، وقتادة، حتى قال أبو حنيفة: لولا قول هؤلاء الأجلة، لقلت بجواز بيع المدبر لما دل عليه من النظر، كذا في "البدائع"(1).
قال الزيلعي (2): ولنا عن ذلك جوابان:
أحدهما (3): إنا نحمله على المدبر المقيد، والمدبر المقيد عندنا يجوز بيعه، إلَّا أن يثبتوا أنه كان مدبرًا مطلقًا، وهم لا يقدرون على ذلك، وكونه لم يكن له مال غيره ليس علة في جواز بيعه، لأن المذهب فيه أن العبد يسعى في قيمته، يدل عليه ما أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(4) عن زياد الأعرج عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجل أعتق عبده وليس له مال، قال: يستسعى العبد في قيمته، ثم أخرج عن علي نحوه سواء، والأول مرسل، يشده هذا الموقوف.
والجواب الثاني: إنا نحمله على بيع الخدمة والنفقة، لا بيع الرقبة، بدليل
(1)"بدائع الصنائع"(3/ 576).
(2)
"نصب الراية"(3/ 286).
(3)
مع أنه لو قضى قاضٍ شافعي ببطلان التدبير ينفّذ عندنا، صرح به الشامي، فلا بدَّ أن ينفذ قضاؤه عليه السلام وهو سلطان القضاة، وهذا أوجه الأجوبة عندي، وأجاد في "العرف الشذي"(ص 385). في أجوبته، لكنها محتاجة إلى التنقير. [انظر:"رد المحتار"(444)]. (ش).
(4)
"مصنف عبد الرزاق" ح (16766).
3956 -
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ قَالَ: نَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: نَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبي رَبَاح قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِهَذَا. زَادَ: وَقَالَ- يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: "أَنْتَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ، وَاللَّهُ أَغْنَى عَنْهُ".
===
ما أخرجه الدارقطني (1)، عن عبد الغفار بن القاسم، عن أبي جعفر قال: ذكر عنده أن عطاء وطاوسًا يقولان عن جابر في الذي أعتقه مولاه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان أعتقه عن دبر، فأمره أن يبيعه ويقضي دينه، فباعه بثمانمائة درهم، قال أبو جعفر: شهدت الحديث من جابر، إنما أذن في بيع خدمته، قال الدارقطني: وأبو جعفر هذا وإن كان من الثقات ولكن حديثه مرسل، قال عبد الحق في "أحكامه": أخرجه ابن عدي، عن أبي مريم عبد الغفار بن القاسم الكوفي، عن أبي جعفر، عن جابر بن عبد الله (2) في قصة هذا المدبر، وفيه: وإنما أذن النبي صلى الله عليه وسلم في بيع خدمته، قال عبد الحق: وعبد الغفار هذا يُرمى بالكذب، وكان غاليًا في التشيع، انتهى.
وقال ابن القطان في "كتابه": حديث مرسل صحيح؛ لأنه من رواية عبد الملك ابن أبي سليمان العرزمي، وهو ثقة، انتهى. وقال صاحب "التنقيح": وعبد الغفار من غلاة الشيعة، قال ابن عدي: ومع ضعفه يكتب حديثه، انتهى (3).
3956 -
(حدثنا جعفر بن مسافر قال: نا بشر بن بكر قال: نا الأوزاعي قال: حدثني عطاء بن أبي رباح قال: حدثني جابر بن عبد الله بهذا، زاد) أي: الأوزاعي: (وقال: يعني النبي صلى الله عليه وسلم) للذي (4) دبر العبد: (أنت أحق بثمنه) من غيرك، لأنك المتطوع بتدبيره، (والله أغنى عنه) أي: غني عنه وعن جميع المخلوقات.
(1)"سنن الدارقطني"(4/ 137، 138).
(2)
في الأصل: "جابر بن عبد الرزاق" وهو تحريف.
(3)
نقله الشيخ من "نصب الراية"(3/ 286).
(4)
هذا وما في معناه صريح في أنه بيع في حياة مولاه، فما في "الترمذي" (1219) من لفظ:"مات" وهم من ابن عيينة، نبَّه عليه شراح البخاري سيما الحافظان. [انظر:"فتح الباري"(5/ 166) و"عمدة القاري"(8/ 561)]. (ش).
3957 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ: نَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ: نَا أَيُّوبُ، عن أَبِي الزُّبَيْرِ، عن جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ- يُقَالُ لَهُ: أَبُو مَذْكُورٍ - أَعْتَقَ غُلَامًا (1) - يُقَالُ لَهُ: يَعْقُوبُ (2) - عن دُبُرٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَدَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَ:"مَنْ يَشْتَرِيهِ؟ "، فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّحَّامِ بِثَمَانِ مِئَةِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَهَا إلَيْهِ ثمَّ قَالَ:"إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ فَعَلَى ذِي قَرَابَتِهِ، أَوْ قَالَ: عَلَى ذِي رَحِمِهِ (3)، وَإنْ (4) كَانَ فَضْلًا (5) فَههُنَا وَههُنَا". [م 997، ن 2546، حم 3/ 368، خزيمة 2445]
===
3957 -
(حدثنا أحمد بن حنبل قال: نا إسماعيل بن إبراهيم قال: نا أيوب، عن أبي الزبير، عن جابر: أن رجلًا من الأنصار) من بني عذرة (يقال له: أبو مذكور، أعتق غلامًا يقال له: يعقوب) القبطي (عن دبر، ولم يكن له مال غيره، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال له: ألك مال غيره؟ قال: لا (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يشتريه) أي: العبد مني؟ (فاشتراه نعيم بن عبد الله بن النحام) القرشي العدوي، قال ابن رسلان: المشهور في الرواية نعيم بن عبد الله بن النحام، والصواب كما قال المنذري: سقوط ابن لأن نعيمًا هو النحام لا أبوه، سمي بذلك لسعلة كانت فيه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعت نحمته في الجنة، أي: سعلته.
(بثمان مئة درهم، فدفعها إليه ثم قال: إذا كان أحدكم فقيرًا فليبدأ بنفسه، فإن كان فيها فضل) أي: على ما يكفي لنفسه (فعلى عياله، فإن كان فيها فضل) أي: عن العيال (فعلى ذي قرابته، أو) للشك من الراوي (قال: على ذي رحمه، وإن كان فضلًا) عن ذلك أيضًا (فههنا وههنا) أي: فبين
(1) زاد في نسخة: "له".
(2)
في نسخة بدله: "يعفور".
(3)
في نسخة: "ذي رحم".
(4)
في نسخة: "فإن".
(5)
في نسخة: "فضل".