الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(77) بَاب: في الرَّهْنِ
3526 -
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَبَنُ الدَّرِّ يُحْلَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَالظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِى يَرْكَبُ وَيَحْلِبُ النَّفَقَةُ» . [خ 2512، 1254، جه 2440، حم 2/ 228، ق 6/ 38، قط 3/ 34]
===
(77)
(بَابٌ: في الرَّهْنِ)
بفتح الراء: وهو شيء يتوثَّق به في القرض أو الدين
3526 -
(حدثنا هناد، عن ابن المبارك، عن زكريا، عن الشعبي، عن أبي هريرة) رضي الله عنه، (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَبَنُ الدَّرِّ) أي: ذات الدر (يحلب بنففته إذا كان مرهونًا، والظهر يركب ينققته إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يحلب وبركب النفقة).
قال الخطابي (1): هذا كلام مبهم، ليس في نفس اللفظ منه بيان من يركب ويحلب: من الراهن، أو المرتهن، أو العدل الموضوع على يده الرهن.
وقد اختلف أهل العلم في تأويله، فقال أحمد بن حنبل: للمرتهن أن ينتفع بالوهن بالحلب والركوب بقدر النفقة، وكذلك قال إسحاق، وقال أحمد: "ليس له أن ينتفع بشيء منه غيرهما.
قال أبو ثور: إذا كان البراهن يُنْفق عليه لم ينتفع به المرتهن، وإن كان الراهن لا ينفق عليه، وتركه في يد المرتهن، فأنفق عليه، فله ركوبه واستخدامه، قال: وذلك لقوله: "وعلى الذي يحلب ويركب النفقة".
وقال الشافعي: منفعة الرهن للراهن ونفقته عليه، والمرتهن لا ينتفع
(1)"معالم السنن"(3/ 161، 162).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
بشيء من الرهن خلا الاحتفاظ به للوثيقة فيه، وعلى هذا تأويل (1) قوله:"الرهن مركوب ومحلوب" يرى أنه منصرف إلى الراهن الذي هو مالك الرقبة، وقد روي نحو من هذا عن الشعبي وابن سيرين. وفي قوله:"الرهن محلوب ومركوب" دليل على أنه إن أعار الرهن أو أكراه من صاحبه لم يفسخ الرهن، انتهى.
قال الشوكاني في "النيل"(2): وقد قيل: إن فاعل الركوب والشرب لم يتعين، فيكون الحديث مجملًا. وأجيب: بأنه لا إجمال، بل المراد: المرتهن، لقرينة أن انتفاع الراهن بالعين المرهونة لأجل كونه مالكًا، والمراد ها هنا الانتفاع في مقابلة النفقة، وذلك يختص بالمرتهن، كما وقع التصريح بذلك في الرواية الأخرى، ويؤيده ما وقع عند حماد بن سلمة في "جامعه" بلفظ:"إذا ارْتَهَنَ شاةً شرِبَ المرتهنُ من لبنِها بقدر عَلفِها؛ فإن استفْضلَ من اللبَن بعد ثمن العَلَفِ فهو ربا"، ففيه دليل على أنه يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن إذا قام بما يحتاج إليه، ولو لم يأذن المالك، وبه قال أحمد وإسحاق والليث والحسن وغيرهم.
وقال الشافعي وأبو حنيفة ومالك وجمهور العلماء: لا ينتفع المرتهن من الرهن بشيء، بل الفوائد للراهن والمؤن عليه.
والحديث ورد على خلاف القياس من وجهين: أحدهما: التجويز لغير المالك أن يركب ويشرب بغير إذنه. والثاني: تضمينه ذلك بالنفقة لا بالقيمة.
قال ابن عبد البر: هذا الحديث عند جمهور الفقهاء تردُّه أصولٌ مجمَع
(1) قال ابن رشد (2/ 276): لم يرد به أن يركبه الراهن؛ لأنه منافٍ للرهن، فإن من شرطه القبض، ولا يصح أيضًا أن يكون معناه أن المرتهن يركبه ويحلبه، فلم يبقَ إلَّا أن يكون المعنى أجرة ظهره لربه وعليه نفقته. (ش).
(2)
"نيل الأوطار"(3/ 619، 620).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ عِنْدَنَا صحِيحٌ (1).
===
عليها، وآثار ثابتة لا يختلف في صحتها، ويدل على نسخه حديث ابن عمر عند البخاري وغيره بلفظ:"لا تُحْلَب ماشِيَةُ امْرِئٍ بغير إذْنه"، انتهى.
قال الحافظ في "الفتح"(2): وأجاب الطحاوي عن الحديث: بأنه محمول على أنه كان قبل تحريم الربا، ولما (3) حرم الربا حرم أشكاله من بيع اللبن في الضرع، وقرض كل منفعة تَجُرُّ ربا، قال: فارتفع بتحريم الربا ما أبيح في هذا للمرتهن، انتهى.
واحتج الموفق في "المغني"(4): بأن نفقة الحيوان واجبة، وللمرتهن فيه حق، وقد أمكن استيفاء حقه من نماء الرهن والنيابة عن المالك فيما وجب عليه، واستيفاء ذلك من منافعه فجاز ذلك، كما يجوز للمرأة أخذ مؤنتها من مال زوجها عند امتناعه بغير إذنه، والنيابة عنه في الإنفاق عليها، انتهى كلام الحافظ.
(قال أبو داود: هو عندنا صحيح).
حاصله: أن الحديث ورد على خلاف القياس، كما أشار إليه ابن عبد البر، فقال أبو داود: إن هذا الحديث وإن وقع خلاف الأصول، لكنه باعتبار السند
(1) زاد في نسخة:
3527 -
حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا جرير، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زُرعةَ بن عمرو بن جريرٍ، أنَّ عمر بن الخطاب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من عباد الله لأناسًا ما هم بأنبياءَ ولا شهداءَ، يَغْبِطُهُمْ الأنبياءُ والشهداءُ يوم القيامة لمكانهم من الله"، قالوا: يا رسول الله! تُخْبِرُنَا مَنْ هُم؟ قال: "هُمْ قومٌ تحابَّوا برَوحِ الله عز وجل على غيرِ أرحامٍ بينهم، ولا أموالٍ يَتَعَاطَونَها، فوالله إنَّ وجوهَهُم لنور، وإنَّهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناسُ، ولا يحزنون إذا حزن الناسُ"، ثم قرأ هذه الآية:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} الآية [يونس: 62].
[قلت: قال المزي بعد إيراده في "تحفة الأشراف" (10661): لم يذكره أبو القاسم، وهو في رواية أبي بكر بن داسة].
(2)
"فتح الباري"(5/ 144، 145).
(3)
كذا في الأصل، وفي "الفتح":"فيما حرم الربا".
(4)
(6/ 512).