الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(53) بَابٌ: في فَضْلِ الإقَالَةِ
3460 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نَا حَفْصٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ". [جه 2199، حم 2/ 252، ق 6/ 27، ك 2/ 45]
(54) بَابٌ: فِيمَنْ بَاعَ بَيْعَتينِ في بَيْعَةٍ
3461 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله (1) صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِى بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا". [ق 5/ 343، ك 2/ 45]
===
(53)
(بَابٌ: في فَضْلِ الإقَالَةِ)
قال في "القاموس": وقلته البيع بالكسر وأقلته: فسخته، واستقاله: طلب إليه أن يقيله
3460 -
(حدثنا يحيى بن معين، نا حفص، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أقال مسلمًا أقاله الله عثرته) يوم القيامة، معناه: تبايع رجلان، فندم واحد منهما، فاستقال الآخر، فقبل الآخر، وأقال البيعة، يعني قبل فسخها، محا الله سبحانه ذنوبه، والعثرة: الزلة.
(54)
(بالٌ: فِيمَنْ بَاعَ بَيْعَتينِ في بَيْعَةٍ)
3461 -
(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، عن يحيى بن زكريا، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من باع بيعتين في بيعة فله) أي: للبائع (أوكسهما) أي: أنقص الثمنين (أو الربا).
(1) في نسخة: "النبي".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الخطابي (1): لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بظاهر هذا الحديث، أو صحح البيع بأوكس الثمنين إلَّا شيئًا يحكى عن الأوزاعي، وهو مذهب فاسد، وذلك لما تتضمنه هذه العقدة من الغرر والجهل، وإنما المشهور من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة:"أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة"، فأما رواية يحيى بن زكريا عن محمد بن عمرو على الوجه الذي ذكره أبو داود، فيشبه أن يكون ذلك في حكومة في شيء بعينه، كأنه أسلفه في قفيز بُر إلى شهر دينارًا، فلما حلَّ الأجل وطالبه بالبر، قال له: يعني القفيز الذي لك [علَّي] بقفيزين إلى شهرين، فهذا بيع ثان قد دخل على البيع الأول، فصار بيعتين في بيعة، فيردان إلى أوكسهما، وهو الأصل، فإن تبايعا المبيع الثاني قبل أن يتقابضا الأول كانا مُربيين.
قال الخطابي: ونقيس (2) ما نهي عنه من بيعتين في بيعة على وجهين: أحدهما أن يقول: بعتك هذا الثوب نقدًا بعشرة، ونسيئةً بخمسة عشر، فهذا لا يجوز؛ لأنه لا يدري أيهما الثمن الذي يختاره منهما، فيقع به العقد، وإذا جهل الثمن بطل البيع.
والوجه الآخر: أن يقول: بعتك هذا العبد بعشرين دينارًا على أن تبيعني جاريتك بعشرة دنانير، فهذا أيضًا فاسد؛ لأنه جعل ثمن العبد عشرين دينارًا وشرط عليه أن يبيع جاريته بعشرة دنانير، وذلك لا يلزمه، فإذا لم يلزمه ذلك سقط بعض الثمن، وإذ! سقط بعضه صار الباقي مجهولًا.
ومن هذا الباب أن يقول: بعتك هذا الثوب بدينار (3) على أن تعطيني بها دراهم صرف عشرين أو ثلاثين بدينار.
(1)"معالم السنن"(3/ 122، 123).
(2)
كذا في الأصل، وفي "معالم السنن": "وتفسير
…
" إلخ،
(3)
كذا في الأصل، وفي "المعالم":"بدينارين".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وأما إذا باعه شيئين بثمن واحد، كدار وثوب أو عبد وثوب فهذا جائز، وليس من باب البيعتين في البيعة الواحدة، وإنما هي صفقة واحدة جمعت شيئين بثمن معلوم، وعقد البيعتين في بيعة واحدة على الوجهين الذين ذكرناهما عند أكثر الفقهاء فاسد.
وحكي عن طاوس أنه قال: لا بأس أن يقول له: بعتك هذا الثوب بنقد بعشرة، وإلى شهر بخمسة عشر، فيذهب به إلى أحدهما، وقال الحكم وحماد: لا بأس به ما لم يفترقا، وقال الأوزاعي: لا بأس بذلك، ولكن لا يفارقه حتى يُبَاتَّه بأحد البيعين (1)، فقيل له: إنه ذهب بالسلعة على ذينك الشرطين؟ فقال: هي بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين.
قال الشيخ: هذا ما لا شك في فساده، أما إذا باتَّه بأحد العقدين في مجلس العقد فهو صحيح، لا خلف فيه، وما سواه لغو لا اعتبار به.
وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه رحمه الله: قوله: "من باع بيعتين" إلى آخره ظاهره مخالف للمذاهب كلها، إلَّا أن يقال في معناه: إن من باع شيئًا على أنه بخمسة إن كان ناجزًا، أو بعشرة إن كان نسيئة، ثم افترقا من غير أن يتعين أحدهما، فهذا البيع فاسد؛ لكونهما افترقا قبل تعين الثمن؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة، وكان الحكم فيه الفسخ، إلَّا أن المشتري استهلك المبيع، أو أكله فلا يجب فيه إلَّا المثل أو القيمة، وهو أوكس عادة من الثمن المتعين بينهما في البيعتين معًا، فصار المعنى أن من باع بيعتين كذلك، ثم لم يبق المبيع حتى يفسخ البيع، فله أن يأخذ القيمة أو المثل، ولا يأخذ الثمن؛ لأنه لو أخذ الثمن كان إبقاءً للبيع، وهو مأمور بفسخه، وأما إذا أخذ الثمن ولم يفسخ البيع، فقد أربى؛ لكونه عقد عقدًا فاسدًا، والعقود الفاسدة كلها داخلة في حكم الربا، انتهى.
(1) كذا في الأصل، وفي "المعالم":"حتى يباته بأحد المعنيين"(3/ 123).