الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(39) بَابٌ: في كَسْبِ الْحَجَّامِ
3421 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِى ابْنَ قَارِظٍ -، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ،
===
(39)
(بَابٌ: في كَسْبِ الْحَجَّامِ)
3421 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا أبان، عن يحيى، عن إبراهيم بن عبد الله -يعني ابن قارظ-، عن السائب بن يزيد، عن رافع بن خديج، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كسب الحجام خبيث).
قال الخطابي (1): نا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن محيصة، عن أبيه:"أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام، فنهاه عنها، فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى أمره: أن اعلفه ناضحك أو رقيقك".
قال الشيخ: حديث محيصة يدل على أن أجرة الحجام ليس بحرام وأن خبثها من قِبَل دناءة مخرجها، وقال ابن عباس: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطى الحجام أجره، ولو علمه حرامًا لم يعطه.
قال الشيخ: وقوله: " [اعلفه] ناضحك أو رقيقك" يدل على صحة ما قلناه، وذلك لأنه لا يجوز له أن يطعم رقيقه إلَّا من مال قد ثبت له ملكه، وإذا ثبت له ملكه، فقد ثبت أنه مباح، وإنما وجهه: التنزيه عن الكسب الدنيء، والترغيب في تطهير الطعم، والإرشاد فيها إلى ما هو أطيب وأحسن، وبعض الكسب أعلى وأفضل، وبعضه أدنى وأوكح.
(1)"معالم السنن"(3/ 102، 103).
وَمَهْرُ الكلبِ خَبِيثٌ،
===
وقد ذهب بعض (1) أهل العلم إلى أن كسب الحجام إن كان حرًا فهو محرم، واحتج بهذا الحديث وبقوله:"إنه خبيث"، قال: وإن كان عبدًا فيعلفه ناضحه، وينفقه على دوابه. قال الشيخ: وهذا القائل لم يذهب في التفريق بينهما مذهبًا تبين له (2) معنى صحيح، وكل شيء حل من المال للعبيد حل للأحرار، والعبد لا ملك له، ويده يد لسيده، وكسبه كسبه، وإنما وجه الحديث ما ذكرته لك، وأن الخبيث معناه الدنيء، كقوله سبحانه:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (3) أي: الدون.
(وثمن الكلب خبيث) قال القاري (4): استدل به الشافعي رحمه الله على أن بيع الكلب معلمًا كان أو غيره غير جائز، وجوَّزه أبو حنيفة، وأجاب عن الحديث بأن لفظ الخبيث لا يدل على الحرمة لما في الخبر:"وكسب الحجام خبيث" مع أنه ليس بحرام اتفاقًا، فقوله:"خبيث" أي ليس بطيب، فهو مكروه وليس بحرام (5)، وإطلاق الحديث عليه باعتبار حصوله بأدنى المكاسب.
(1) وفي "شرح الشمائل"(2/ 177): قال أحمد: يجوز أجره للعبد لا للحر، وجمع ابن العربي: بأن النهي على فعل مجهول (2/ 177)، والإباحة لفعل معلوم، وذكر ابن الجوزي: أن أجر الحجّام إنما كره؛ لأنه من الأشياء التي يجب للمسلم على المسلم إعانته عند الاحتياج، فما كان ينبغي أن يأخذ على ذلك أجرًا، انتهى.
وحكى الشوكاني (3/ 676) تحريم كسب الحجام مطلقًا عن بعض أصحاب الحديث، وعن الجمهور الجواز، انتهى.
قلت: وسيأتي التفريق بين الحر والعبد. (ش).
(2)
كذا في الأصل، وفي "المعالم":"ليس له".
(3)
سورة البقرة: الآية 267.
(4)
"مرقاة المفاتيح"(6/ 16).
(5)
وقال أبو الطيب في "شرح الترمذي": إنه محمول على غير المأذون، أو على زمن يؤمر بقتلها، وبسطه، وصرح في "الهداية"(3/ 238) جوازه مطلقًا، وحكي عن أبي يوسف عدم جواز العقور، وكذا في "الشامي"(9/ 72)، وسيأتي المذاهب في "باب أثمان الكلب". (ش).
وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ". [م 1568، ت 1275، ن 4294، حم 3/ 464]
3422 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ مُحَيِّصَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى إِجَارَةِ الْحَجَّامِ، فَنَهَاهُ عَنْهَا، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ وَيَسْتَأْذِنُهُ حَتَّى أَمَرَهُ "أَنِ
===
(ومهر البغي) بتشديد الياء، أو هو فعول في الأصل بمعنى الفاعلة، من بغت المرأة بغاء بالكسر إذا زنت، ومنه قوله تعالى:{وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} (1) والمعنى مهر الزانية (خبيث) أي: حرام إجماعًا؛ لأنها تأخذه عوضًا عن الزناء المحرم، ووسيلة الحرام حرام، وسمَّاه مهرًا مجازًا لأنه في مقابلة البضع، انتهى.
قلت: وما وقع في بعض حواشي "شرح الوقاية": أن أجرة الزانية حلال، فمعناه أن أجرة الزانية التي ليست بعوض الزناء، بل هو عوض الخدمة مثل طبخ الطعام وغيره حلال لا الأجرة على الزناء (2)، فإن عندنا مصرح ومتفق عليه أن كل أجرة تكون على فعل المعصية تكون حرامًا.
3422 -
(حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن محيصة) حرام بن سعد بن محيصة بن مسعود بن كعب الأنصاري أبو سعد، ويقال: أبو سعيد المدني، وقد ينسب إلى جده، روى عن الزهري عن اختلاف فيه، قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن أبيه) باعتبار أنه ينسب إلى جده، فالمراد بالأب الجد وهو محيصة (أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام) ولفظ مالك في "الموطأ" (3):"أجرة الحجام"، وهو الأوضح (فنهاه عنها، فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى أمره: أَن
(1) سورة النور: الآية 33.
(2)
وبسطه كل البسط الوالد المرحوم في "الكوكب الدري"(2/ 239). (ش).
(3)
قلت: بل فيه "إجارة الحجام"، انظر:"الموطأ"(2/ 974).
اعْلِفْهُ نَاضِحَكَ وَرَقِيقَكَ". [ت 1277، جه 2166، حم 5/ 435، ق 9/ 337]
3423 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا يَزِيدُ-يعني ابْنُ زُرَيْعٍ-، نَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:"احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَلَوْ عَلِمَهُ خَبِيثًا لَمْ يُعْطِهِ". [خ 2279]
3424 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (1) قال: "حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ،
===
اعْلفه ناضحك) أي: الجمل الذي يسقى عليه الماء (ورقيقك) وقد مر (2) حكمه قبل.
3423 -
(حدثنا مسدد، نا يزيد -يعني ابن زريع-، نا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره، ولو علمه خبيثًا) أي: حرامًا (لم يعطه) أي: الأجر.
3424 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: حجم أبو طيبة (3)) الحجام مولى الأنصار، من بني حارثة، وقيل: من بني بياضة، قال العسكري: قيل: اسمه نافع، ولا يصح ولا يعرف اسمه (رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر له بصاع من تمر) أجرة الحجامة (4)
(1) زاد في نسخة: "أنه".
(2)
قال القاري في "شرح الشمائل"(2/ 177): ذهب به أحمد إلى الفرق بين الحر والعبد، فكره للحر الاحتراف بها، وحرم عليه الإنفاق على نفسه منها، وجوز له الإنفاق على الرقيق والدواب، وأباح للعبد مطلقًا. (ش).
(3)
بسط الاختلاف في اسمه القاري في "شرح الشمائل"(2/ 175، 176)، وقد حجمه أبو هند أيضًا كما تقدم. (ش).
(4)
وترجم عليه البخاري: "من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون"، وأدخل فيه هذا الحديث، فكأنه أشار إلى أن هذه الأجرة كانت معروفة. [انظر:"صحيح البخاري" رقم الحديث (2210)]. (ش).