الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَعْدٌ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: فَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ وَلَمْ أَجِئْ أَنَا وَعَمَّارٌ بِشَىْءٍ. [ن 4697، جه 2288، ق 6/ 79]
(31) بَابٌ: في الْمُزَارَعَةِ
3389 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: مَا كُنَّا نَرَى بِالْمُزَارَعَةِ بَأْسًا حَتَّى سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ: يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا، فَذَكَرْتُهُ لِطَاوُسٍ فَقَالَ: قَالَ لِى ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَلَكِنْ قَالَ: "لِيَمْنَحَ (1) أَحَدُكُمْ أَرْضَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا خَرَاجًا مَعْلُومًا". [2330، م 1547، ن 3873، جه 2453، 2457]
===
وسعد) أي: عقدنا الشركة فيما بيننا (فيما) أي: في مال (نُصيبُ يوم بدر) يعني ما نحصل من المال في هذا الغزو يكون مشتركًا بيننا على السواء (قال) عبد ال له: (فجاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشيء) والحديث منقطع؛ لأن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله شيئًا.
(31)
(بَابٌ: فِي الْمُزَارَعَةِ)
3389 -
(حدثنا محمد بن كثير، نا سفيان، عن عمرو بن دينار قال) أي عمرو بن دينار: (سمعت ابن عمر) رضي الله عنه (يقول: ما كنا نرى بالمزارعة) أي: عقدها بإعطاء الأرض على ثلث ما يخرج منها أو الربع مثلًا (بأسًا، حتى سمعت رافعَ بن خديج يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها).
قال عمرو بن دينار: (فذكرته لطاوس) أي: هذا الحديث، حديث رافع بن خديج (فقال) طاوس:(قال لي ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها) أي: عن المزارعة (ولكن قال: ليمنح) أي: ليعطي (أحدكم أرضه) لآخر من المسلمين (خير من أن يأخذ عليها خراجًا) أي: كراء (معلومًا).
(1) في نسخة بدله: "لأن يمنح".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الشوكاني (1): واعلم أنه قد وقع لجماعة - لا سيما من المتأخرين - اختباط في نقل المذاهب في المسألة، حتى أفضى ذلك أن بعضهم يروي عن العالم الواحد الأمرين المتناقضين، وبعضهم يروي قولًا لعالم، وآخر يروي عنه نقيضه، ولا جرم في المسألة باعتبار اختلاف المذاهب فيها، وتعين راجحها من مرجوحها من المعضلات، انتهى.
قلت: ولهذا العقد صور مختلفة:
أحدها: أن يكون هذا العقد على دراهم أو دنانير مسماة.
والثاني: أن يكون على طعام مسمَّى، مثلًا على حنطة أو شعير مسمى، سواء كان من جنس ما يزرع في الأرض أو غيره، أو بجزء مسمى من الخارج من الأرض.
والثالث: أن يكون بحصَّة من الخارج من الثلث والربع.
والرابع: أن يكون العقد على قسمة الخارج من الأرض بأن يكون ما على السواقي والماذيانات فلربَّ الأرض، وما كان في غيرها من الأرض فهو للزارع.
قال الشوكاني (2): قال طاوس وطائفة قليلة: لا يجوز كراء الأرض مطلقًا؛ لا بجزء من الثمر والطعام، ولا بذهب ولا فضة، ولا بغير ذلك، وذهب إليه ابن حزم وقوَّاه، واحتج له بالأحاديث المطلقة في ذلك، انتهى.
قلت: وأما قول طاوس الواقع في هذا الحديث فهو يخالف ما نقل الشوكاني عنه من عدم الجواز مطلقًا، فإنه يدل على أن المزارعة كيف ما كانت يجوز عنده.
ثم قال: وقال الشافعي وأبو حنيفة والعترة والكثيرون: إنه يجوز كراء
(1)"نيل الأوطار"(3/ 665).
(2)
"نيل الأوطار"(3/ 664، 665).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الأرض بكل ما يجوز أن يكون ثمنًا في المبيعات من الذهب والفضة والعروض، وبالطعام سواء كان من جنس ما يزرع في الأرض أو غيره لا بجزء من الخارج منها.
وقد أطلق ابن المنذر: أن الصحابة أجمعوا على جواز كراء الأرض بالذهب والفضة، ونقل ابن بطال اتفاق فقهاء الأمصار عليه، وتمسكوا بما سيأتي من النهي عن المزارعة بجزء من الخارج، وأجابوا عن أحاديث الباب: بأن خيبر فتحت عنوة، فكان أهلها عبيدًا له صلى الله عليه وسلم، فما أخذه من الخارج منها فهو له، وما تركه فهو له، وروى الحازمي هذا المذهب عن ابن عمر وابن عباس ورافع بن خديج وأسيد بن حضير (1) وأبي هريرة ونافع، قال: وإليه ذهب مالك، والشافعي، ومن الكوفيين أبو حنيفة (2)، انتهى.
وقال مالك: إنه يجوز كراء الأرض بغير الطعام والتمر؛ لئلا يصير من بيع الطعام بالطعام، وحمل النهي على ذلك. قال ابن المنذر: ينبغي أن يحمل ما قال مالك على ما إذا كان المكرى به من الطعام جزءٍ مما يخرج منها، فأما إذا اكتراها بطعام معلوم في ذمة المكتري، أو بطعام حاضر يقبضه المالك، فلا مانع من الجواز.
وقال أحمد بن حنبل: يجوز إجارة الأرض بجزء خارج منها إذا كان البذر من رب الأرض، وأما المذهب الثالث فذكر له صاحب "المنتقى" والبخاري وغيرهما من أصحاب "السنن" معاملة أهل خيبر وآثارًا كثيرة في إثبات تلك المزارعة.
قال الشوكاني: وقد ساق البخاري في "صحيحه" عن السلف غير هذه
(1) كذا في الأصل، وكذا في "الاعتبار"(ص 134)، وفي "نيل الأوطار":"أسيد بن ظهير"، وكلاهما صحابيان. (ش).
(2)
وهكذا حكى عنهم المذاهب العيني [انظر: "عمدة القاري" (5/ 723)]. (ش).
3390 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، نَا ابْنُ عُلَيَّةَ. (ح): وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، الْمَعْنَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ،
===
الآثار، ولعله أراد بذكرها الإشارة إلى أن الصحابة لم ينقل عنهم الخلاف في الجواز، خصوصًا أهل المدينة، وقد تمسك بالأحاديث المذكورة في الباب جماعة من السلف.
قال الحازمي: روي عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وسعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وعمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى والزهري، ومن أهل الرأي: أبو يوسف القاضي (1) ومحمد بن الحسن، فقالوا: تجوز المزارعة والمساقاة بجزء من الثمر والزرع، قالوا: ويجوز العقد على المزارعة والمساقاة مجتمعتين، فتساقيه على النخل وتزارعه على الأرض كما جرى في خيبر، ويجوز العقد على كل واحد منها منفردة.
وأجابوا عن الأحاديث القاضية بالنهي عن المزارعة: بأنها محمولة على التنزيه، وقيل: إنها محمولة على ما إذا اشترط صاحب الأرض ناحية منها معينة، انتهى.
وأما الرابع فلم يُجَوِّزها أحد.
3390 -
(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا ابن علية، ح: وحدَّثنا مسدد، نا بشر، المعنى) أي: معنى حديثهما واحد، كلاهما (عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار) بن ياسر العنسي أخو سلمة بن محمد، وقيل: هما واحد، قال ابن معين: ثقة، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: منكر الحديث ولا يسمى، وقال في موضع آخر: صحيح الحديث، وقال في موضع آخر: [اسمه، سلمة، وقد قال البخاري في ترجمة سلمة: أراه أخا أبي عبيدة، وذكر الحاكم:
(1) وفي "التقرير": منع الإِمام المزارعة لاختلاف الروايات، والترجيح للمحرم. وقال صاحباه: روايات النهي محمولة على ما قارن به الشرط الفاسد. (ش).
عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِى الْوَلِيدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: "يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُ، إِنَّمَا أَتَاهُ رَجُلَانِ" - قَالَ مُسَدَّدٌ: "مِنَ الأَنْصَارِ" ثُمَّ اتَّفَقَا - قَدِ اقْتَتَلَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنْ كَانَ هَذَا شَأْنَكُمْ فَلَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ"، زَادَ مُسَدَّدٌ: فَسَمِعَ قَوْلَهُ: "لَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ". [ن 3927، جه 2461، حم 5/ 182]
3391 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَبِيبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ،
===
أبو أحمد أبا عبيدة فيمن لا يعرف اسمه، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: أبو عبيدة هذا ثقة، وأخوه سلمة لم يرو عنه إلَّا علي بن زيد، ولا يعرف حاله.
(عن الوليد بن أبي الوليد) عثمان القرشي، مولى عمر (1)، وقيل: مولى عثمان، أبو عثمان المدني، وقيل: الوليد بن الوليد وهو وهم، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ربما خالف على قلة روايته، (عن عروة بن الزبير قال: قال زيد بن ثابت: يغفر الله لرافع بن خديج) لأنه حدث بما لم يفهم.
(أنا واللهِ أعلمُ بالحديث منه، إنما أتاه رجلان، قال مسدد: من الأنصار) لم أقف على تسميتهما (ثم اتفقا) أي: مسدد وأبو بكر (قد اقتتلا) أي: تنازعا (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كان هذا شأنكم) أي: من المنازعة والاقتتال (فلا تكروا المزارع) أي: لا تكروا الأرضين (زاد مسدد: فسمع قوله: لا تكروا المزارع) فرواه على قدر ما سمع، ولم يسمع تمام القصة فلم يروها.
3391 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا يزيد بن هارون، أنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، عن سعيد بن المسيب،
(1) كذا في الأصل و"التهذيب"، والصواب:"مولى عمر"، انظر:"تهذيب الكمال"(7340)، و"التقريب"(7464).
عَنْ سَعْدٍ قَالَ: كُنَّا نُكْرِى الأَرْضَ بِمَا عَلَى السَّوَاقِى مِنَ الزَّرْعِ وَمَا سَعِدَ بِالْمَاءِ مِنْهَا، فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَنَا أَنْ نُكْرِيَهَا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ. [ن 3894]
3392 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِىُّ، أَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ. (ح) وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا لَيْثٌ، كِلَاهُمَا عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَاللَّفْظُ لِلأَوْزَاعِىِّ، حَدَّثَنِى حَنْظَلَةُ بْنُ قَيْسٍ الأَنْصَارِىُّ قَالَ: سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ،
===
عن سعد) أي: ابن أبي وقاص (قال: كنا نكري الأرض) أي: نعطي الأرض على الكراء (بما) أي: بشيء ينبت (على السواقي) أي: على أطراف الجداول (من الزرع، وما سَعِد) أي: جرى (بالماء منها) أي: من السواقي، يريد أنا نجعل ما جرى عليه الماء من الزرع بلا طلب لصاحب الزرع.
(فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأمرنا أن نكريها بذهب أو فضة)، وهذه الصورة من المزارعة أن يكري الأرض بما على الجداول والسواقي لا يجوز عند أحد من الأئمة، وكذلك الكراء على الذهب والفضة المسمى جائز عند جمهور العلماء.
3392 -
(حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أنا عيسى، نا الأوزاعي، ح: وحدثنا قتيبة بن سعيد، نا ليث، كلاهما) أي: الأوزاعي والليث (عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، واللفظ للأوزاعي، قال: حدثني حنظلة بن قيس) بن عمرو (الأنصاري) الزرقي المدني، قال ابن سعد عن الواقدي: كان ثقة قليل الحديث، وحكي عن الزهري قال: ما رأيت من الأنصار أحزم ولا أجود رأيًا من حنظلة بن قيس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: رأى عمر وعثمان.
(قال: سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق) المسمى
فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا (1) ، إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ وَأَشْيَاءَ مِنَ الزَّرْعِ، فَيَهْلِكُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَهْلِكُ هَذَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إلَّا هَذَا، فَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ فَأَمَّا شَىْءٌ مَضْمُونٌ مَعْلُومٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَحَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ أَتَمُّ، وَقَالَ قُتَيْبَةُ: عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ رَافِعٍ. [خ 2327، م 1547، ن 3899، جه 2458]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَنْظَلَةَ نَحْوَهُ.
===
(فقال: لا بأس بها، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما على الماذيانات)(2) بالذال المعجمة المكسورة: مسايل المياه، وقيل: ما ينبت على حافتي مسيل الماء (وأقبال) جمع قبل، بالضم: رأس الجبل، أي: رؤوس (الجداول) وأوائلها (وأشياء) أي: وعلى أشياء معينة من الزرع يجعلونها لأنفسهم (من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كراء إلَّا هذا، فلذلك) أي: لما وقع في النزاع في صورة هلاك بعضها (زجر) أي: نهى (عنه) صلى الله عليه وسلم (فأما شيء) أي: الكراء على شيء (مضمون معلوم فلا بأس به).
وحديث أبي رافع هذا لا يدل على جواز المزارعة المختلفة فيهما، ولا على عدم جوازه بل هو ساكت عنهما (وحديث إبراهيم) بن موسى الرازي (أتم، وقال قتيبة: عن حنظلة عن رافع) يعني روى قتيبة عن حنظلة عن رافع معنعنة (قال أبو داود: رواية يحيى بن سعيد (3) عن حنظلة نحوه) أي نحو رواية ربيعة.
(1) في نسخة: "بهما".
(2)
قوله: "الماذيانات" جمع الماذيان، وهو أصغر من النهر وأعظم من الجدول، فارسي معرب، وقيل: ما يجتمع فيه ماء السيل ثم تسقى منه الأرض. [انظر: "المغرب" (2/ 262)].
(3)
أخرج روايته البخاري في "صحيحه"(2332، 2722)، ومسلم في "صحيحه"(1547)، والنسائي في "سننه"(2902)، وابن ماجه في "سننه"(2458).
3393 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ: أَنَّهُ سَأَلَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ فَقُلْتُ: أَبِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ؟ فَقَالَ: أَمَّا بِالذَّهَبِ (1) وَالْوَرِقِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
===
3393 -
(حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن حنظلة بن قيس: أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض، فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض، فقلت: ) هذا قول حنظلة (أبالذهب والورِق؟ فقال) أي رافع بن خديج: (أما بالذهب والورق فلا بأس به)، وفي رواية للبخاري:"أما الذهب والورق فلم يكن يومئذ"، وفي رواية لهما:"فأما الورق فلم ينهنا".
قال الشوكاني (2): لا منافاة بين الروايتين؛ لأن عدم النهي عن الورِق لا يستلزم وجوده، ولا وجودَ المعاملة به، وفي رواية عند البخاري كما عند أبي داود:"قال: ليس بها بأس بالدينار والدرهم".
قال في "الفتح" يحتمل أن يكون رافع قال ذلك باجتهاده، ويحتمل أن يكون علم ذلك بطريق التنصيص على جوازه، أو علم أن النهي عن كري الأرض ليس على إطلاقه، بل بما إذا كان بشيء مجهول ونحو ذلك، فاستنبط من ذلك جواز الكراء بالذهب والفضة، ويرجح كونه مرفوعًا بما أخرجه أبو داود والنسائي (3) بإسناد صحيح عنه، قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة، وقال: إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض، ورجل مُنِحَ أرضًا، ورجل اكترى أرضًا بذهب أو فضّةً".
لكن بيَّن النسائي من وجه آخر: أن المرفوع منه النهي عن المحاقلة
(1) في نسخة: "أما الذهب".
(2)
"نيل الأوطار"(3/ 666).
(3)
"سنن أبي داود"(3400)، و"سنن النسائي"(3890).