الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
(19) أَوَّلُ كتَابِ الْعِلْمِ
(1) بَابٌ: في فَضْلِ الْعِلْمِ
(1)
3641 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ يُحَدِّثُ، عن دَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ، عن كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ في مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ (2)، جِئْتُكَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم
===
بسم الله الرحمن الرحيم
(19)
(أَوَّلُ كِتَابِ الْعِلْمِ)
(1)
(بَابٌ: في فَضْلِ الْعِلْمِ)
3641 -
(حدثنا مسدد بن مسرهد، نا عبد الله بن داود قال: سمعت عاصم بن رجاء بن حيوة يحدث، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس قال: كنت جالسًا مع أبي الدرداء في مسجد دمشق، فجاءه رجل) لم أقف على تسميته، (فقال: يا أبا الدرداء، جئتك من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم) أي من سفر بعيد،
(1) في نسخة: "باب الحث على طلب العلم".
(2)
زاد في نسخة: "إني".
لِحَدِيثٍ بَلَغَني أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا جِئْتُ لِحَاجَةٍ.
قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ (1) اللَّه بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنّةِ، وإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ (2) أَجْنِحَتَهَا رِضًا (3) لِطَالِبِ الْعِلْمِ،
===
ومسافة طويلة الحديث) أي بسبب حديث (بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما جئت لحاجة) أخرى غير هذه الحاجة.
(قال) أبو الدرداء: (فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم)(4) يحتمل أن يكون هذا الحديث الذي ذكره أبو الدرداء هو المطلوب للرجل، أو غيره، وذكر ذلك تبشيرًا له (يقول: من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا) أي من القرآن والسنَّة (سلك الله به طريقًا من طرق الجنة) لأنه سبب دخول الجنة (وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم).
قال الخطابي (5): يتأوَّل على وجوهٍ، أحدها: أن يكون وضعها الأجنحة بمعنى التواضع والخشوع تعظيمًا لحقه، وتوقيرًا لعلمه، كقوله تعالى:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} (6)، وقيل: وضع الجناح معناه [الكف] عن الطيران للنزول عنده، كقوله صلى الله عليه وسلم:"ما من قوم يذكرون الله تعالى إلا حفت بهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة"، وقيل:[معناه] بسط الجناح، وفرشها لطالب العلم لتحمله عليها، فتبلِّغُه حيث يؤمه ويقصده من البقاع في طلبه، ومعناه: المعونة وتيسير السعي له في طلب العلم.
(1) في نسخة: "سلك به طريق".
(2)
في نسخة: "تضع".
(3)
في نسخة: "رضًى".
(4)
وقد أخرج الترمذي نحو هذه القصة برواية أبي الدرداء أيضًا رقم (2682). (ش).
(5)
"معالم السنن"(4/ 183).
(6)
سورة الإسراء: الآية 24.
وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ (1) لَه مَنْ في السَّمَوَاتِ (2) وَالأَرْضِ وَالْحِيتَانُ في جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْل الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ،
===
(وإن العالم ليستغفر له من في السموات والأرض والحيتان في جوف الماء).
قال الخطابي (3): قال بعض العلماء: إن الله سبحانه قد قيَّض للحيتان وغيرها من أنواع الحيوان بالعلم على ألسنة العلماء أنواعًا من المنافع، والمصالح، والإرفاق، فهم الذين بينوا الحكم فيما يحل ويحرم منها، وأرشدوا إلى المصلحة في بابها، وأوصوا بالإحسان إليها، ونفي الضرر عنها، فألهمها الاستغفار للعلماء مجازاة على حسن صنيعهم بها وشفقتهم عليها.
(وإن فضل العالم) أي الغالب عليه العلم، وهو الذي يقوم بنشر العلم بعد أدائه ما توجه إليه من الفرائض والسنن المؤكدة (على العابد) أي الغالب عليه العبادة، وهو الذي يصرف أوقاته بالنوافل مع كونه عالمًا بما تصح به العبادة (كفضل القمر ليلة البدر) أي ليلة الرابع عشر (على سائر الكواكب).
قال القاضي: شبَّه العالم بالبدر والعابد بالكواكب؛ لأن كمال العبادة ونورها لا يتعدى من العابد، ونور العالم يتعدى إلى غيره فيستضيء بنوره المتلقي عن النبي صلى الله عليه وسلم، كالقمر يتلقى نوره من نور الشمس، من خالقها عز وجل.
(وإن العلماء ورثة الأنبياء) وإنما لم يقل: ورثة الرسل ليشمل الكل، قاله ابن الملك، يعني فإن البعض ورثة الرسل كأصحاب المذاهب، والباقون ورثة الأنبياء على اختلاف مراتبهم.
(1) في نسخة: "يستغفر".
(2)
زاد في نسخة: "ومن في".
(3)
"معالم السنن"(4/ 183).
وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَرَّثُوا (1) الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ". [ت 2682، جه 223، دي 347، حم 5/ 196]
3642 -
حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ الْوَزِيرِ الدِّمَشْقِيُّ، نَا الْوَلِيدُ قَالَ: لَقِيتُ شُعَيْب (2) بْنَ شَيْبَةَ
===
(وإن الأنبياء لم يورثوا) من التوريث (دينارًا ولا درهمًا) أي شيئًا من الدنيا، لئلا يتوهم أنهم كانوا يطلبون شيئًا منها يورث عنهم.
ولا يرد الاعتراض بأنه عليه الصلاة والسلام كانت له صفايا بني النضير وفدك وخيبر إلى أن مات وخلفها، وكان لشعيب عليه الصلاة والسلام أغنام كثيرة، وكان أيوب وإبراهيم عليهما السلام ذوي نعمة كثيرة؛ لأن المراد ما ورثت أولادهم وأزواجهم شيئًا من ذلك، بل بقي بعدهم معدًا لنوائب المسلمين.
وإنما (ورَّثوا العلم، فمن أخذه) أي العلم (أخذ بحظ وافر) أي نصيب تام؛ لأنه لا أعلى من ميراث النبوة.
3642 -
(حدثنا محمد بن الزبير الدمشفي، نا الوليد قال: لقيت شعيب بن شيبة) وفي نسخة: شبيب بن شيبة، قال في "التقريب" (3): شامي مجهول، وقيل: الصواب شعيب (4) بن رزيق، روى عن عثمان بن أبي سودة، عن أبي الدرداء في فضل العلم، قاله محمد بن الوزير الدمشقي عن الوليد عن شبيب، وقال عمرو بن عثمان: عن الوليد عن شعيب بن رزيق عن عثمان، وهو أشبه بالصواب.
(1) في نسخة: "ولكن ورثوا".
(2)
في نسخة: "شبيب بن شيبة".
(3)
"تقريب التهذيب"(2756).
(4)
هكذا في "التهذيب"(4/ 353).
فَحَدَّثَنِي بِهِ، عن عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ، عن أَبِي الدَّرْدَاءِ، بِمَعْنَاهُ، يَعْنِي عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. [انظر سابقه]
3643 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، نَا زَائِدَةُ، عن الأَعْمَشِ، عن أَبِي صَالِحٍ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ رَجُلٍ يَسْلُكُ طَرِيقًا (1) يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا إِلَّا سَهَّلَ اللَّه لَهُ بِهِ طَرِيقًا (2) إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ (3) يُسْرعْ بِهِ نَسَبُهُ". [م 2699، ت 2646، جه 225، حم 2/ 407]
===
(فحدثني به) أي بالحديث المتقدم، (عن عثمان بن أبي سودة) المقدسي، وكان أبوه مولى لعبد الله بن عمر، وأمه مولى لعبادة بن الصامت، روى عنه أخوه زيادة وشبيب بن شيبة وغيرهما، قال مروان بن محمد: عثمان وزياد ثقتان وثبتان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه أيضًا يعقوب بن سفيان، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله، (عن أبي الدرداء، بمعناه) أي بمعنى الحديث المتقدم، (يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم) مرفوعًا.
3643 -
(حدثنا أحمد بن يونس، نا زائدة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجل يسلك (4) طريقًا يطلب فيه) أي في سلوك الطريق (علمًا إلَّا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة، ومن أبطأ به عمله) أي أخَّره عمله عن البلوغ إلى الجنه أو إلى الدرجات العالية (لم يسرع به نسبه) أي لم يبلغه علو النسب، ولم ينفعه في الآخرة شرف النسب، كما ورد:"إن الله لا ينظر إلى صوركم بل إلى أعمالكم"(5).
(1) زاد في نسخة: "يعني".
(2)
في نسخة: "طريق الجنة".
(3)
في نسخة: "بَطُؤَ به عمله لَا يُسرع".
(4)
وفي "الشامي"(1/ 121): مذاكرة العلم ساعة خير من إحياء ليلة، وله الخروج لطلبه بدون إذن الوالدين لو ملتحيًا، أما الأمرد فلا. (ش).
(5)
أخرجه مسلم في "صحيحه"(2564)، وأحمد في "مسنده"(2/ 539).