الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَكُلُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا". [خ 5478، م 1930، ت 1464، جه 3207، حم 4/ 193]
(47) بَابٌ: في دَوَابِّ الْبَحْرِ
3839 -
حَدّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَ: نَا زُهَيْرٌ قَالَ: ثنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عن جَابِرٍ قَالَ: بَعَثنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ نَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشِ، وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ نَجِدْ لَهُ
===
فهل نستعمل أوانيهم؟ (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا) واتركوا أوانيهم، (وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها) أي اغسلوها (بالماء وكلوا واشربوا) أي إذا غلب الظن بنجاستها.
قال الخطابي: الرحض الغسل، هذا إذا كان معلومًا، والأصل من حال المشركين أنهم يطبخون في قدورهم الخنزير، ويشربون في آنيتهم الخمر، فإنه لا يجوز استعمالها إلا بعد الغسل والتنظيف، فأما مياههم فإنها على الطهارة كمياه المسلمين وثيابهم، إلا أن يكونوا من قوم لا يتحاشون النجاسات، أو من عادتهم استعمال الأبوال في طهور، فإن استعمال ثيابهم غير جائز إلَّا أن يعلم أنها لم يصبها شيء من النجاسات.
(47)
(بَابٌ: في دَوَابِّ الْبَحْرِ)
3839 -
(حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: نا زهير، ثنا أبو الزبير، عن جابر (1) قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمَّر علينا) أي جعل أميرًا علينا (أبا عبيدة بن الجراح نتلقى عيرًا لقريش، وزوَّدنا جرابًا من تمر لم نجد له) أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي نسخة: لنا.
(1) ولا يذهب عليك أن لجابر رضي الله عنه حديثًا آخر في هذا المعنى، ونبَّه الزيلعي أنهما قصتان. انتهى. [انظر:"نصب الراية"(4/ 205)]. (ش).
غَيْرَهُ، فَكانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً، كُنَا نَمُصُّهَا كَمَا يَمُصُّ الصَّبِيُّ، ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنْ الْمَاءِ، فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلَى اللَّيْلِ، وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِينا الْخَبَطَ، ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ.
قَالَ: وَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، فَرُفِعَ لَنَا كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ الضَّخْمِ، فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هُوَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَةَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ وَلَا تَحِلُّ لنَا، ثُمَّ قَالَ (1):
===
(غيره، فكان أبو عبيدة بن الجراح يعطينا) أي منه في اليوم (تمرة تمرة) أي لكل واحد تمرة واحدة (كنا نمصها كما يمص الصبي) ثدي أمه (ثم نشرب عليها من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا) العصي جمع عصا (الخبط) أي ورق الشجر يضرب بالعصا ليتناثر الورق (ثم نبله بالماء فنأكله).
(قال) أي جابر: (وانطلقنا على ساحل البحر، فرفع لنا) أي دابة كبيرة (كهيئة الكثيب الضخم) أي التل العظيم، وهو ما اجتمع من الرمل (فأتيناه فإذا هو دابة تدعى العنبرة) وهي سمكة كبيرة، ووقع في رواية البخاري (2):"ثم انتهينا إلى البحر فإذا حوت مثل الظرب".
قال الحافظ (3): أما الحوت فهو اسم جنس لجميع السمك، وقيل: هو مخصوص بما عظم منها، قال أهل اللغة: العنبر سمكة بحرية كبيرة يتخذ من جلدها الترسة، ويقال: إن العنبر المشموم رجع هذه الدابة، وقال الأزهري: العنبر سمكة تكون بالبحر الأعظم يبلغ طولها خمسين ذراعًا، يقال لها: بالة وليست بعربية.
(فقال أبو عبيدة: ميتة) أي هذه ميتة (ولا تحل لنا، ثم) تغير اجتهاده (قال:
(1) زاد في نسخة بدله: "لنا".
(2)
انظر: "صحيح البخاري"(4360).
(3)
"فتح الباري"(8/ 79).
لَا بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَفِي سَبِيلِ الله، وَقَدْ اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ فَكُلُوا، فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا، وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةِ حَتَّى سَمِنَّا، فَلَمَّا قَدِمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:"هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّه لَكُمْ، فَهَلْ (1) مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيءٌ فَتُطْعِمُونَا مِنْهُ؟ "، فَأَرْسَلْنَا (2) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَ". [م 1935، ن 4354، حم 1/ 313]
===
لا، بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سبيل الله) أي الجهاد، (وقد اضطررتم إليه) وصرتم مضطرين (فكلوا، فأقمنا) أي وقفنا (عليه شهرًا، ونحن ثلثمائة حتى سَمِنَّا، فلما قدمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرنا ذلك له، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء، فتطعمونا منه؟ فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل).
ولعل أبا عبيدة بن الجراح ومن كان معه من الصحابة رضي الله عنهم قد علموا حرمة الميتة، ولم يعلموا بعد أن ميتة البحر حلال، ولكن وقع اجتهادهم على أنهم مضطرون أباح لهم بسبب الاضطرار.
فإن قلت: لما وقع اجتهادهم على أنهم مضطرون وأباحوه لكونهم مضطرين، فكيف جاز لهم أن يأكلوا منه حتى سمنوا وتزودوا منه حتى كان معهم إلى المدينة؟ .
قلت: لم يبيحوه بسبب أنهم مضطرون فقط، بل لأنهم رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأنهم كانوا في حاجة الله ورسوله، أخرج الله لهم رزقًا، فبهذا الوجه غلب على ظنهم أنه مباح لهم، فأكلوا منها ما شاؤوا، وتزودوا منها ما شاؤوا - والله أعلم -.
ثم لما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بقية لحمه علم أن ميتة البحر حلال.
(1) في نسخة: "هل".
(2)
زاد في نسخة: "منه".