الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَضَاهَا عَنْهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. [جه 2406، ك 2/ 10 - 11]
(3) بَابٌ: في اجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ
3329 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عن (1) ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ (2) - وَلَا أَسْمَعُ
===
وقد يحتمل ذلك أيضًا وجهًا آخر: وهو أن يكون إنما كرهه لما يقع فيه من الشبهة، ويدخله من الغرر عند استخراجهم إياه من المعدن، وذلك أنهم إنما استخرجوه بالعشر، أو الخمس، أو الثلث مما يصيبونه، وهو غرر، لا يُدرى هل يصيب العامل فيه شيئًا [أم لا]؟ فكان ذلك بمنزلة العقد على رد الآبق أو البعير الشارد؛ لأنه لا يدري هل يظفر بهما أم لا؟
وفيه أيضًا نوع من الخطر والتغرير بالأنفس؛ لأن المعدن ربما انهار على من يعمل فيه، فكره من أجل ذلك معالجته واستخراجَ ما فيه، انتهى.
(فقضاها عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم) تبرعًا.
ومناسبة ترجمة الباب بكتاب البيوع بأن ما يستخرج من المعادن وهو الذهب والفضة، وهو الثمن الذي يعقد به البيع، فإن في الحديث بيان المستخرج من المعدن وهو الذهب والفضة، وكذا مناسبة الحديث بالبيوع بأن في الدين عند أدائه مبادلة المال بالمال بالتراضي، وهذا هو البيع، والله تعالى أعلم.
(3)
(بابٌ: في اجْتِنَابِ الشبُهَاتِ)
خصوصًا في الشبهات التي تقع في البيوع والمعاوضات
3329 -
(حدثنا أحمد بن يونس، نا أبو شهاب، عن ابن عون، عن الشعبي قال: سمعت النعمانَ بنَ بشير، ولا أسمع
(1) في نسخة: "ثنا".
(2)
زاد في نسخة: "يقول".
أَحَدًا بَعْدَهُ - يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ» (1). وَأَحْيَانًا يَقُولُ: «مُشْتَبِهَةٌ» «وَسَأَضْرِبُ فِى ذَلِكَ مَثَلًا، إِنَّ اللَّهَ حَمَى حِمًى، وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ محارمه (2) ، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْعَي حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُخَالِطَهُ، وَإِنَّهُ مَنْ يُخَالِطِ الرِّيبَةَ يُوشِكْ أَنْ يَجْسُرَ» (3)، [خ 2051، م 1599، ت 1205، ن 4453، جه 3984، حم 4/ 269]
3330 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِىُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عن (4) زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: «وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ (5) لا يَعْلَمُهَا
===
أحدًا بعده) أي لا حاجة إلى السماع من أحد بعده؛ لأنه الصادقُ المعتمدُ عليه.
(يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الحلال بَيِّن، وأن الحرام بيِّن، وبينهما أمور متشابهات، وأحيانًا يقول) هذا قول التلميذ، أي: أحيانًا يقول شيخي: (مشتبهة، وسأضرب في ذلك (6) مثلًا، إن الله حَمَى حِمًى، وإن حمى الله محارمه، وإنه من يرعى حول الحمى يوشك أن يخالطه) أي الحمى، وإنه من يخالط الريبة) أي المشتبهات (يوشك أن يجسُر) على الحرام.
3330 -
(حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أنا عيسى، عن زكريا، عن عامر الشعبي قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) فروى (بهذا الحديث) المتقدم (قال: وبينهما مشبهات لا يعلمها
(1) في نسخة: "شبهات"، وفي نسخة:"مشتبهات".
(2)
في نسخة: "ما حرَّمه"، وفي نسخة:"ما حرَّم الله".
(3)
في نسخة بدله: "يخسر".
(4)
في نسخة بدله: "حدثنا".
(5)
في نسخة بدله: "مشتبهات".
(6)
ضرب لهم ذلك؛ لأنهم أعرف بهذا الأمر لكثرة ما وقع مثل هذا عندهم. (ش).
كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ دِينَهُ وَعِرْضَهُ، وَمَنْ وَقَعَ فِى الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِى الْحَرَامِ». [خ 52، م 1599، وانظر سابقه]
===
كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات) أي ما فيه الشبهات (استبرأ) أي طلب البراءة وطَهَّر (دينه وعِرْضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)(1).
قال الخطابي (2): هذ الحديث أصل في الورع، وفيما يلزم الإنسانَ اجتنابُه من الشبه والريب، ومعنى قوله:"وبينهما أمور مشتبهات"، أي إنها تشتبه على بعض الناس دون بعض، وليس إنها في ذوات أنفسها مشتبهة لا بيان لها في جملة أصول الشريعة، فإن الله تعالى لم يترك شيئًا يجب له فيه حكم إلَّا وقد جعل فيه بيانًا، ونصب عليه دليلًا، ولكن البيان ضربان: بيان جلي يعرفه عامة الناس كافة، وبيان خفي لا يعرفه إلَّا الخاص من العلماء الذين عنوا بعلم الأصول، واستدركوا معاني النصوص، وعرفوا طرقَ القياسِ والاستنباطِ، وردَّ الشيء إلى المثل والنظير.
ودليل صحة ما قلناه، وأن هذه الأمور ليست في أنفسها مشتبهة: قولُه: "لا يعرفها كثير من الناس"، وقد عقل ببيان فحواه أن بعض الناس يعرفونها وإن كانوا قليلي العدد، فإذا صار معلومًا عند بعضهم فليس بمشتبه في نفسه، ولكن الواجب على كل من اشتبه عليه أن يتوقف، ويستبرئ الشكَ، ولا يُقدِم إلَّا على بصيرة، فإنه إن أقدم على الشيء قبل التثبت والتبين لم يأمن أن يقع في المحرَّم عليه، وذلك معنى الحمى وضربِه المثلَ به.
وقوله: "الحلال بيِّن والحرام بيَّن"، أصل كبير في كثير من الأمور والأحكام إذا وقعت فيها الشبهة أو عرض فيها الشك، ومهما كان ذلك فإن
(1) بسط العيني (1/ 437) الكلام على الحديث بما لا مزيد عليه، وسيأتي في "باب ما لم يذكر تحريمه":"ما سكت عنه فهو عفو". (ش).
(2)
"معالم السنن"(3/ 56 - 58).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الواجب أن ينظر، فإن كان للشيء أصلٌ في التحليل والتحريم فإنه يتمسك به ولا يفارقه باعتراض الشك، حتى يزيله عنه بيقين العلم.
فالمثال في الحلال والحرام الزوجة للرجل، والجارية تكون عنده يتسرَّى بها ويطؤها، فيشك هل طلق تلك أو أعتق هذه، فهما عنده على أصل التحليل، حتى يتيقن وقوع طلاق أو عتق. وكذلك الماء يكون عنده، وأصله الطهارة، فيشك هل وقع فيه نجاسة أم لا؟ فهو على أصل الطهارة، حتى يتيقن أن قد حَلَّته نجاسة. وكالرجل يتطهر للصلاة، ثم يشك في الحدث، فإنه يصلي ما لم يعلم الحدث يقينًا، وعلى هذه الأمثلة.
وأما الشيء إذا كان أصله الحظر، وإنما يُسْتَباح على شرائط وعلى هيئة معلومة، كالفروج لا تحل إلَّا بعد نكاح أو ملك يمين، وكالشاة لا يحل لحمها إلا بذكاة، فإنه مهما شك في وجود تلك الشرائط وحصولها يقينًا على الصفة التي جعلت علمًا للتحليل كان باقيًا على أجل الحظر والتحريم.
وعلى هذا المثال لو اختلطت امرأة بنساء أجنبيات، أو اختلطت مذكاة بميتات ولم يميزها بعينها، لزمه أن يجتنبها كلها ولا يقربها، وهذان قسمان حكمهما الوجوب واللزوم.
وههنا قسم ثالث، وهو أن يوجد الشيء ولا يُعْرَف له أصل متقدم في التحليل ولا في التحريم، وقد استوى وجه الإمكان فيه حلًا وحرمة، فإن الورع فيما هذا سبيله الترك والاجتناب، وهو غير واجب عليه وجوب النوع الأول، وهذا كما روي عن رسول الله أنه مر بتمرة ملقاة في الطريق فقال:"لولا أني أخاف أن تكون صدقة لأكلتها"، وقُدَّمَ له الضَّبُّ فلم يأكله، وقال:"إن أمة مُسِخَتْ فلا أدري لعله منها"، أو كما قال. ثم إن خالد بن الوليد أكله بحضرته فلم ينكره.
3331 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ
===
ويدخل في هذا الباب معاملة من كان في ماله شبهة أو خالطه رِبًا (1)، فإن الاختيار تركها إلى غيرها، وليس بمحرم عليه ذلك ما لم يتيقن أن عينه حرام، أو مخرجه من حرام، وقد رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعه من يهودي على أصْوُع من شعير أخذها لقُوت أهله، ومعلوم أنهم يربون في تجارتهم، ويستحلون أثمان الخمور، ووصفهم الله تعالى بأنهم:{سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} (2)، فعلى هذه الوجوه الثلاثة يجري الأمر فيما ذكرته لك.
وقوله: "من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"[أصل في باب "الجرح والتعديل" وفيه دلالة على أن من لم يتوق الشبهات في كسبه ومعاشه فقد عرض دينه وعرضه](3) للطعن، وأهدفهما للقول، وقوله:"وقع في الشبهات وقع في الحرام" يريد أنه إذا اعتادها، واستمر عليها أدَّته إلى الوقوع في الحرام بأن يتجاسر عليه فيواقعه، يقول: فليتق الشبهة ليسلم من الوقوع في الحرام، انتهى.
3331 -
(حدثنا محمد بن عيسى، نا هشيم، نا عباد بن راشد) التميمي مولاهم، البصري البزار آخره راء مهملة، ابن أخت داود بن أبي هند، ويقال: ابن خالته، عن أحمد: شيخ ثقة، صدوق صالح، وعن ابن معين: حديثه ليس بالقوي، لكن يكتب، وقال الدورقي عن ابن معين: ضعيف، وقال البخاري: روى عنه عبد الرحمن وتركه يحيى القطان، وقال أبو داود: ضعيف، وقال النسائي: ليس بالقوي، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وأنكر على البخاري ذكرَه في "الضعفاء"، وقال: يحول (4)، روى له البخاري مقرونًا بغيره،
(1) في الأصل: "رِيَاءٌ"، وهو تحريف، والتصويب من "المعالم".
(2)
سورة المائدة: الآية 42.
(3)
سقطت هذه العبارة في الأصل، وقد زدتها من "المعالم"(3/ 58).
(4)
كذا في "تهذيب التهذيب"(5/ 92)، والصواب ما في "الجرح والتعديل" (6/ 79):"وقال: يُحَوَّل من هناك". وكذا في "تهذيب الكمال" رقم (3065).
قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي خَيْرَةَ يَقُولُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. (ح): وَحَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ دَاوُدَ - يَعْنِى ابْنَ أَبِى هِنْدٍ - وَهَذَا لَفْظُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى خَيْرَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إلَّا أَكَلَ الرِّبَا، فَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَصَابَهُ مِنْ بُخَارِهِ» ، قال ابن عيسي:"أصابه من غباره". [ن 4455، جه 2278، حم 2/ 494]
===
قلت: قال: العجلي وأبو بكر: ثقة، وقال الساجي: صدوق، وقال فيه أحمد: ثقة ورفع أمره.
(قال: سمعت سعيد بن أبي خيرة) بفتح المعجمة بعدها تحتانية ساكنة، البصري، ذكره ابن حبان في "الثقات"، له عندهم حديث واحد في ذكر الربا. (يقول: نا الحسن منذ أربعين سنة، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم، ح: وحدثنا وهب بن بقية، نا خالد، عن داود -يعني ابن أبي هند- وهذا لفظه، عن سعيد بن أبي خيرة، عن الحسن).
(عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلَّا كل الربا) بصيغة الفاعل، أو الماضي، فهو كناية عن انتشاره في الناس بحيث إنه يأكله كل أحد لفساد عقود الناس ومعاملاتهم (فإن لم يأكله أصابه من بخاره، قال ابن عيسى: أصابه من غباره) أي يصل إليه أثره بأن يكون شاهدًا في عقد الربا أو آكلًا من ضيافة آكله أو هديته، والمعنى أنه لو فرض أن أحدًا سلِم من حقيقته لم يسلم من آثاره وإن قَلَّت جدًا، انتهى (1).
قلت: وفي هذا الزمان كذلك، فإن جميع أنواع التجارات في أيدي الكفار، وعقودهم كلها فاسدة، فهي في حكم الربا، فلم يسلم منه أحد.
(1) انظر: "مرقاة المفاتيح"(6/ 60).
3332 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى جَنَازَةٍ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْقَبْرِ يُوصِى الْحَافِرَ:«أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ» ، فَلَمَّا رَجَعَ اسْتَقْبَلَهُ دَاعِىَ امْرَأَةٍ، فَجَاءَ وَجِئَ (1)
===
3332 -
(حدثنا محمد بن العلاء، أَنا ابن إدريس، أنا عاصم بن كليب، عن أبيه) كليب، (عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي) أي يأمر (الحافر: أَوْسِعْ من قِبَل رجليه، أَوْسِع مِن قِبَل رأسه، فلما رجع) رسول الله صلى الله عليه وسلم من المقبرة (استقبله داعي امرأة) هكذا في جميع نسخ أبي داود الموجودة عندي من المكتوبة والمطبوعة، وفي نسخة "مشكاة المصابيح" (2):"داعي امرأته"، وفي "شرح القاري" (3): أي زوجة المتوفى.
فعلى نسخة "المشكاة" و"شرحه" إشكال من جهة أن فقهاءنا صرَّحوا بأنه لا تحل الضيافة من أهل الميت (4)؛ لأنها شرعت في السرور لا في الشرور، وقبول الضيافة من رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على جوازها، فيمكن أن يجاب عنها لو كان ما في نسخة "المصابيح" صحيحًا: أن هذه القصة وقعت قبل النهي عنها، ويمكن أن يحمل على بيان الجواز، فإنها من أهل الميت ليست بمحرمة بل مكروهة، فلعله فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز.
(فجاء) رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت المرأة (فجيء) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
(1) في نسخة: "وجيء".
(2)
"مشكاة المصابيح" ح (5942).
(3)
انظر: "مرقاة المفاتيح"(10/ 278).
(4)
يشكل عليه ما في "البخاري"(5417): أن عائشة رضي الله عنها إذا مات الميت من أهلها، فاجتمع لذلك النساء، ثم تفرقن إلَّا أهلها وخاصتها؛ أمرت ببرمة من تلبينة فَطُبِخَتْ، ثم صُنِعَ ثريد فصُبَّت التلبينةُ عليه، ثم قالت: كلن منها
…
الحديث. (ش).
بِالطَّعَامِ (1) فَوَضَعَ يَدَهُ، ثُمَّ وَضَعَ الْقَوْمُ فَأَكَلُوا، فَنَظَرَ (2) آبَاؤُنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلُوكُ لُقْمَةً فِى فَمِهِ (3) ثُمَّ قَالَ:«أَجِدُ لَحْمَ شَاةٍ أُخِذَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا» ، فَأَرْسَلَتِ (4) الْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى أَرْسَلْتُ إِلَى الْبَقِيعِ (5) يَشْتَرِى لِى شَاةً، فَلَمْ أَجِدْ، فَأَرْسَلْتُ إِلَى جَارٍ لِى قَدِ اشْتَرَى
===
(بالطعام، فوضع) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يده) في الطعام ليأكله (ثم وضع القوم) أيديهم فيه (فأكلوا، فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) وإنما قال: "نظر آباؤنا"؛ لأن هذا الرجل لعله لم يكن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين دخلوا في البيت للأكل، أو كان فيهم ولكن لم يكن قريبًا منه صلى الله عليه وسلم حتى ينظر هذه الكيفية (يلوك) أي يمضغ (لقمة في فمه) ولا يبتلعها.
(ثم قال: أجد) أي في هذا الطعام (لحم شاة أُخِذَتْ بغير إذن أهلها) والظاهر أنه عليه السلام لم يبتلعها بل رماها من فيه (فأرسلت المرأة (6)) وقالت: (يا رسول الله! إني أرسلت إلى النقيع) اختلفت نسخ أبي داود، ففي بعضها بالباء، وفي بعضها بالنون، قال الخطابي (7): أخطأ من قال بالموحدة، وهو بالنون: موضع في المدينة يباع فيها الغنم، أي رسولًا.
(يشتري لي شاة، فلم أجد، فأرسلتُ إلى جار لي قد اشترى
(1) زاد في نسخة: "فوضع بين يديه".
(2)
في نسخة بدله: "فنظرت"؛ وفي نسخة: "ففطن".
(3)
في نسخة بدله: "فيه".
(4)
زاد في نسخة: "قالت".
(5)
في نسخة بدله: "النقيع".
(6)
قال الشوكاني (5/ 217): ذبيحة المرأة تجوز عند الجمهور، وعن مالك نقل محمد بن عبد الحكم الكراهة، وفي "المدونة": الجواز، وفي وجه للشافعي: يكره ذبح المرأة الأضحيةَ، ويجوز ما ذبح بغير إذن مالكه، وخالف فيه طاووس وعكرمة وإسحاق وأهل الظاهر والبخاري لهذا الحديث، كذا في "فتح الباري"(9/ 632)، واستدلَّ الحافظ بهذا الحديث على جواز أكل ما ذُبِحَ بغير إذن صاحبه. [راجع:"فتح الباري"(9/ 633)]. (ش).
(7)
انظر: "مرقاة المفاتيح"(10/ 279).