الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(69) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَبِيعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ
3503 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا أَبُو عَوَانَةَ، عن أَبِي بِشْرٍ، عن يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عن حَكِيمِ بْنِ حِزَام قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَأْتِينِى الرَّجُلُ فَيُرِيدُ مِنِّي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِى، أَفَأَبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ؟ فَقَالَ:"لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ". [ت 1232، ن 4613، جه 2187، حم 3/ 402، ق 5/ 267]
===
(69)
(بابٌ: في الرَّجُلِ يَبيعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ)
3503 -
(حدثنا مسدد، نا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن حكيم بن حزام قال: يا رسول الله، يأتيني الرجل فيريد مني البيع) أي: بيع شيء (ليس عندي) وفي نسخة الخطابي بالواو، أي:"وليس عندي"، وقال القاري (1): في "شرح السنَّة": وبعض نسخ "المصابيح" بالواو، وهو أوضح، والبيع بمعنى المبيع.
(أفابتاعه له من السوق؟ ) قال ابن الملك: هذا يحتمل أمرين: أحدهما: أن يشتري له من أحد متاعًا، فيكون دلَّالًا، وهذا يصح. والثاني: أن يبيع من أحد متاعًا لا يملكه، ثم يشتريه من مالكه ويدفعه إليه، وهذا باطل؛ لأنه باع ما ليس في ملكه وقت البيع، ومعناه: أفأشتريه له من السوق.
(فقال: لا تبع ما ليس عندك) قال القاري (2): قال في "شرح السنَّة": هذا في بيوع الأعيان دون بيوع الصفات، فلذا قيل: السلم في شيء موصوف عام الوجود عند المحل المشروط يجوز، وإن لم يكن في ملكه حال العقد، وفي معنى ما ليس عنده في الفساد: بيع العبد الآبق وبيع المبيع قبل القبض.
(1)"مرقاة المفاتيح"(6/ 88).
(2)
انظر: المصدر السابق.
3504 -
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنِى أَبِى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِيهِ، حَتَّى ذَكَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ
===
وفي معناه: مال غيره بغير إذنه؛ لأنه لا يدري هل يجيز مالكه أم لا؟ وبه قال الشافعي، وقال جماعة: يكون العقد موقوفًا على إجازة المالك، وهو قول مالك وأصحاب أبي حنيفة وأحمد.
3504 -
(حدثنا زهير بن حرب، نا إسماعيل، عن أيوب) قال: (حدثني عمرو بن شعيب، حدثني أبي) أي: شعيب، (عن أبيه) أي: محمد، قال أبو بكر بن أبي خيثمة: سمعت هارون بن معروف يقول: لم يسمع عمرو عن أبيه شيئًا، إنما وجده في كتاب أبيه، قال ابن أبي خيثمة: قلت ليحيى بن معين: أليس قد سمع من أبيه؟ قال: بلى، قلت: إنهم ينكرون ذلك، فقال: قال أيوب: حدثني عمرو، فذكر أبًا عن أب إلى جده قد سمع من أبيه، ولكنهم قالوا حين مات عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده: إنما هو كتاب.
قلت: يشير ابن معين بذلك إلى حديث إسماعيل بن علية، عن أيوب، حدثني عمرو بن شعيب، حدثني أبي، عن أبيه، عن أبيه حتى ذكر عبد الله بن عمرو، فذكر حديث:"لا يحل سلف وبيع"، أخرجه أبو داود والترمذي من رواية ابن علية عن أيوب، وروى النسائي من حديث ابن طاوس عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن أبيه محمد بن عبد الله بن عمرو. قال مرة: عن أبيه، وقال مرة: عن جده، في النهي عن لحوم الحمر الأهلية، ولم يأت التصريح بذكر محمد بن عبد الله بن عمرو في حديث إلَّا في هذين الحديثين فيما وقفت عليه، وذلك نادر لا تعويل عليه، انتهى بقدر الحاجة.
(عن أبيه) أي: عبد الله بن عمرو بن العاص (حتى ذكر عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل سلف) - بفتحتين-: القرض (وبيع) أي: لا يحل بيع بشرط قرض، بأن يقول: بعتك هذا العبد على أن تسلفني
وَلَا شَرْطَانِ في بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ،
===
ألفًا، وقيل: هو أن تقرضه ثم تبيع منه شيئًا بأكثر من قيمته، فإنه حرام؛ لأنه قرض جرَّ نفعًا، أو المراد السلم، بأن سلف إليه في شيء فيقول: إن لم يتهيأ عندك فهو بيع عليك.
(ولا شرطان في بيع) مثل أن يقول: بعتك هذا الثوب نقدًا بدينار ونسيئة بدينارين، وهذا عند من لم يجوز الشرط في البيع أصلًا كالجمهور، وأما من يجوز الشرط الواحد دون اثنين يقول: هو أن يقول: أبيعك هذا الثوب وعليَّ خياطته وقصارته، وفرَّق أحمد بن حنبل رحمه الله بين شرط واحد وبين شرطين اثنين، فقال: إذ اشترى منه ثوبًا واشترط قصارته صح البيع، وإن شرط عليه مع القصارة الخياطة فسد البيع.
قال الشيخ (1): ولا فرق بين أن يشترط عليه شيئًا واحدًا أو اثنين؛ لأن العلة في ذلك كله واحد، وذلك لأنه إذا قال: بعتك هذا الثوب بعشرة دراهم على أن تقصره، فإن العشرة التي هي الثمن تنقسم على الثوب وعلى أجرة القصارة، فلا يدري حينئذ كم حصة الثوب من حصة الإجارة؟ وإذا كان الثمن مجهولًا بطل البيع، وكذلك هذا في شرطين أو أكثر، وكل عقد جمع تجارة وإجارة فسبيله في الفساد هذا السبيل.
والشروط على ضروب: فمنها: ما يناقض البيوع ويفسدها، ومنها: ما يلائمها ولا يفسدها، وقد روي:"المسلمون على شروطهم"(2)، وثبت عنه أنه عليه السلام قال:"كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل"(3)، فعلم أن بعض الشروط يصح وبعضها يبطل.
(ولا ربح ما لم تضمن) أي: لا يحل ربح شيء لم يدخل في ضمانه،
(1) انظر: "معالم السنن"(3/ 141 و 142).
(2)
أخرجه الحاكم في "مستدركه" رقم (2309)، وأبو داود في "سننه"(3594).
(3)
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" رقم (4272)، وابن ماجه في "سننه"(2521).