الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالطَّرْقُ مِنَ الْجِبْتِ". الطَّرْقُ: الزَّجْرُ، وَالْعِيَافَةُ: الْخَطُّ. [حم 5/ 60]
3908 -
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارِ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: قَالَ عَوْفٌ: "الْعِيَافَةُ: زَجْرُ الطَّيْرِ، وَالطَّرْقُ: الْخَطُّ يُخَطُّ (1) في الأَرْضِ". [ق 8/ 139]
(24) بَابٌ: في الطِّيَرَةِ وَالْخَطِّ
3909 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَنَا سُفْيَانُ، عن سَلَمَةَ بْنِ
===
(والطرق) بالطاء المهملة المفتوحة وسكون الراء، وهو الضرب بالحصى الذي تفعله النساء (من الجبت) المذكور في قوله تعالى:{يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} (2)(3)، فالجبت: إبليس، والطاغوت: أولياؤه، والمراد أن هذه الثلاث مما يوسوس به إبليس ويأمر به أولياؤه الذين يطيعونه.
قال أبو داود: (الطرق: الزجر (4)) للطير، فإذا زجروها تيامنوا إذا طارت لجهة اليمين، وتشاءموا بها إذا طارت للشمال، يتفاءلون بطيرانها كالسانح والبادح، وهو نوع من الكهانة (والعيافة: الخط) أي: في الرمل.
3908 -
(حدثنا ابن بشار قال: قال محمد بن جعفر: قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط في الأرض) أي: في الرمل، أو يؤخذ منها وببسط في التحت، كما هو معروف للمنجمين، قاله ابن رسلان.
(24)
(بَابٌ: في الطِّيَرَةِ والْخَطِّ)
3909 -
(حدثنا محمد بن كثير، أنا سفيان عن سلمة بن
(1) في نسخة: "تخط".
(2)
واختلف أهل التفسير في المراد بهما في الآية على أقوال كما في "الجمل"(2/ 66). (ش).
(3)
سورة النساء: الآية 51.
(4)
وذكر القولين في تفسير الطرق أهل اللغة "كالمجمع" و"القاموس". (ش).
كُهَيْلٍ، عن عِيسَى بْن عَاصِمٍ، عن زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسعودٍ، عن رَسُولِ اللهِ (1) صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيرَةُ شِرْكٌ- ثَلَاثًا- وَمَا مِنَّا إلَّا، وَلَكِنَّ اللَّه يُذْهِبُهُ بِالْتَّوَكُّلِ". [ك 1/ 64، حب 6122، جه 3538، ق 8/ 139، حم 1/ 389]
3910 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّد، نَا يَحْيَى، عن الْحَجَّاجِ الصَّوَافِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عن هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عن مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ؟
===
كهيل، عن عيسى بن عاصم) الأسدي الكوفي، قال أبو طالب عن أحمد: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، له عندهم حديث زر، عن عبد الله في الطيرة، قلت: وقال الحاكم: كوفي ثقة، (عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الطيرة شرك، الطيرة شرك، ثلاثًا) أي: قال هذه الكلمة ثلاثًا.
(وما منا) أحد (إلَّا) أي: إلَّا ويعتريه شيء منه في أول الأمر قبل التأمل فيختلج في صدره، (ولكن الله) تعالى (يذهبه بالتوكل) على الله سبحانه وتعالى.
3910 -
(حدثنا مسدد، نا يحيى، عن الحجاج الصواف، حدثني يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت: يا رسول الله! ومنا رجال يَخطُّون؟ ) قال ابن عباس في تفسير هذا الحديث: الخط هو الذي يخطه الحازي، بالحاء المهملة والزاي، هو الحزاء، وهو الذي ينظر في المغيبات بظنه، وهو علم قد تركه الناس، فيأتي صاحب الحاجة إلى الحازي فيعطيه حلوانًا، فيقول له: اقعد حتى أَخُطَّ لك، وبين يدي الحازي غلام له معه مِيلٌ، ثم يأتي إلى أرض رِخْوة فيخطُّ فيها
(1) في نسخة: "النبي".
قَالَ: "كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطُّهُ، فَذَاكَ". [م 537، ت 1614، جه 3538، حم 1/ 389]
3911 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَا: نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أَبِي سَلَمَةَ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا عَدْوَى،
===
خطوطًا كثيرة في أربعة أسطر بالعَجَلة لئلا يلحقها العَدَدُ، ثم يرجع فيمحو منها على مهل خطَّين خطَّين وغلامه يقول للتفاؤل: أي عيان أسرع البيان (1)، فإن بقي خطان فهو علامة النُّجح (2)، وإن بقي خط واحد فهو علامة الخيبة.
وهذا علم معروف، للناس فيه تصانيف كثيرة، وهو معمول به إلى الآن ويستخرجون به الضمير، وهو ضرب من الكهانة.
(قال: كان نبيٌّ من الأنبياء يخطُّ، فمن وافق خطه) خطه بالنصب (فذاك) مصيب، لكن لا يدري الموافقة (3)، فلا يباح، أو فلا يعرف المصيب، فلا ينبغي الاشتغال بمثله، والحاصل أنه منع عن ذلك.
3911 -
(حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني والحسن بن علي قالا: نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى) العدوى مجاوزة العلة من صاحبها إلى غيره بالمجاورة والقرب، وبظاهره يخالف ما يأتي من أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يوردن ممرض على مصح"، وأيضًا وقع في "البخاري" (4) وغيره: "فر من
(1) كذا في الأصل، والصواب:"ابنَيْ عِيَان أسْرِعا البيان"، كما في "النهاية"(2/ 47).
(2)
في الأصل: "النجم"، وهو تحريف.
(3)
قال النووي (5/ 23): لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح، وفعل ذلك النبي له كان جائزًا لتأييد الوحي له، وسمي هذا النبي إدريس عليه الصلاة والسلام، لكنه بإسناد شبه موضوع.
(4)
انظر: "صحيح البخاري"(5707)، و"صحيح مسلم"(2220).
وَلَا صَفَرَ، وَلَا هَامَةَ"
===
المجذوم فرارك من الأسد"، وهذان الحديثان يثبتان العدوى، فاختلفوا في وجه الجمع بينهما، فقال بعضهم: نفي العدوى هو الأصل، وأما الحديثان الآخران فهما محمولان على سد الذرائع لا على إثبات العدوى، وقال بعضهم: إن الأصل فيه هذان الحديثان، أي بأن الله سبحانه على جري عادته يعدي المرض من حيوان إلى آخر بسبب المخالطة، ونفي العدوى محمول على أنه لا عدوى بالذات، بل هو بجري عادة الله سبحانه وتعالى (1).
(ولا صفَر) بفتح الفاء، قيل: هو ما كانت الجاهلية تعتقد، أن في البطن دابة كالحية تهيج عند جوع الآدمي وتؤذيه، فأبطله الإسلام، وقيل: أراد به النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، وهو تأخير شهر المحرم إلى صفر، ويجعلون صفر هو الشهر الحرام، فأبطله الله في الإِسلام.
(ولا هامة) بتخفيف الميم على المشهور، ورجح القرطبي التشديد، وفيه تأويلان: أحدهما: أن العرب كانت تتشاءم بالهامة، وهي الطائر المعروف من طير الليل، قيل: هي البومة، كانوا إذا أسقط على دار أحدهم رآها ناعية له بعينه أو بعض أهله، هذا تفسير مالك.
والثاني: أن العرب كانت تعتقد أن (2) روح الآدمي، وقيل: عظامه تنقلب هامة يطير ويسمَّونها الصدى. وقيل: روح القتيل الذي لا تدرك بثأره يصير هامة، فيقول: اسقوني، فإذا أدرك بثأره طارت، والثاني قول أكثر العلماء، قاله ابن رسلان.
(1) وحكي في "أنفاس عيسى" عن حضرة الشيخ التهانوي- نوَّر الله مرقده- في العدوى ثلاثة مذاهب: الأول: أن العدوى ثابت، ولا يتوقف على مشيئة الله تعالى، وهذا كفر صريح. والثاني: اعتقاد ثبوت العدوى بالمشيئة، لكن المشيئة ضرورية، وهذا المذهب باطل، لكنه ليس بكفر. والثالث: أنه مقيد بالمشيئة، والمشيئة ليست بضرورية إن شاء الله يعدي وإلَّا فلا، لكن الأحاديث الصحيحة تدل على أن العدوى ليس بشيء. (ش).
(2)
الظاهر بدله: أنها.
فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا بَالُ الإبِلِ تَكُونُ في الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيُخَالِطُهَا الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيُجْرِبُهَا؟ قَالَ:"فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ"؟
قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ (1) صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَا يُورَدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ"، قَالَ: فَرَاجَعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ حَدَّثْتَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا عَدْوَى، وَلَا صَفَرَ، وَلَا هَامَةَ"؟
===
(فقال أعرابي: ما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء) أي: من حسن جسمها، (فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟ ) ولفظ مسلم:"فيجيء البعير الأجرب فيدخل فيها فيجربها كلها"، وبيانه أنهم كانوا يعتقدون أن المريض إذا دخل في الأصحاء أمرضهم وأعداهم، وكذلك في الإبل فأبطله النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم لما أوردوا على النبي صلى الله عليه وسلم الشبهة العارضة لهم على ذلك في الإبل، فأقطع النبي صلى الله عليه وسلم حجتهم، وأزاح شبهتهم بكلمة واحدة، وهي (قال: فمن أعدى) الجمل (الأول؟ ) ومعنى ذلك أن البعير الأجرب الذي أجرب هذه الصحاح على زعمهم، من أين جاءه الجرب؟ من قبل نفسه؟ أم من بعير آخر؟ فيلزم التسلسل، فظهر أن الذي فعل الأول والثاني هو الله تعالى الخالق لكل شيء.
(قال معمر: قال الزهري: فحدثني رجل، عن أبي هريرة، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يوردن ممرض) بكسر الراء، ومفعول لا يوردن محذوف، أي: لا يورد صاحب الإبل المراض إبله المراض (على مصح) بكسر الصاد، على صاحب الإبل الصحاح.
(قال: فراجعه) أي أبا هريرة (الرجل) الراوي عنه (فقال) أي الرجل: (أليس قد حدثتنا) قبل ذلك (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى، ولا صفر، ولا هامة؟ )
(1) في نسخة: "رسول الله".
قَالَ: لَمْ أَحَدِّثْكُمُوهُ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَدْ حَدَّثَ (1) بِهِ، وَمَا سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ نَسِيَ حَدِيثًا قَطُّ غَيْرَهُ. [خ 5717، م 2220، حم 2/ 267]
3912 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ- يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ -، عن الْعَلَاءِ، عن أَبِيهِ، عنِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا عَدْوَى، وَلَا هَامَةَ، وَلَا نوْءَ، وَلَا صَفَرَ". [م 2220، حم 2/ 397]
3913 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ الْبَرْقِيُّ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْحَكَمِ حَدَّثَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ:
===
والآن تحدث خلاف ذلك، لا يوردن ممرض على مصح (قال) أبوهريرة:(لم أحدثكموه، قال الزهري: قال أبو سلمة: قد حدث به، وما سمعت أبا هريرة نسي حديثًا قط غيره).
3912 -
(حدثنا القعنبي، نا عبد العزيز -يعني ابن محمد- عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى، ولا هامة، ولا نوء) وهي ثمانية وعشرون منزلة، ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها، ويسقط في المغرب كل ثلاثة عشر ليلة منزلة مع طلوع الفجر، ويطلع أخرى مقابلها (2) ذلك الوقت في الشرق، فتسقط جميعها مع انقضاء السنة، وكانت العرب تزعم أن مع سقوط منزلة وطلوع رقيبها يكون مطر، فينسبون إليها ويقولون: مطرنا بنوء كذا (3).
(ولا صفر) تقدم معناه.
3913 -
(حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن البرقي) بفتح الباء الموحدة وسكون الراء، (أن سعيد بن الحكم حدثهم قال: أخبرنا يحيى بن أيوب قال:
(1) في نسخة: "حدثت".
(2)
هكذا في الأصل، والظاهر: يطلع آخر مقابله.
(3)
انظر: "مرقاة المفاتيح"(9/ 4 - 5).
حَدَّثَني ابْنُ عَجْلَانَ قَالَ: حَدَّثَني الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَم وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عن أَبِي صَالِحٍ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا غُوْلَ".
3914 -
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنا شَاهِدٌ: أَخْبَرَكُمْ أَشْهَبُ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عن قَوْلِهِ: "لَا صَفَرَ"، قَالَ: إنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُحِلُّونَ صَفَرَ، يُحِلّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا صَفَرَ".
3915 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، نَا هِشَامٌ، عن قَتَادَةَ، عن أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا عَدْوَى، وَلَا طِيرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْل
===
حدثني ابن عجلان قال: حدثني القعقاع بن حكيم وعبيد الله بن مقسم وزيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا غول) بضم الغين، نوع من الجن كانوا يرون أن له تأثيرًا في الإضلال عن الطريق والإهلاك، وأنه يتصور بصور مختلفة، فنفى الشارع التأثير، وليس هذا نفيًا لِعَين الغول ووجوده فقد جاء: أن الأَذان يدفع الغيلان.
3914 -
(قال أبو داود: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد: أخبركم أشهب قال: سئل مالك عن قوله: لا صفر، قال: إن أهل الجاهلية كانوا يُحلُّون صفر) أي: يجعلونه حلالًا (يحلونه عامًا ويحرمونه عامًا) كان العرب يحرمون الأشهر الأربعة، وكانوا أصحاب حروب، وإنما كان يشق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متوالية لا يغزون فيها، فكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر، فيحرمونه، ثم يردون التحريم إلى المحرم، ولا يفعلون ذلك إلَّا في ذي الحجة إذا اجتمعت العرب للموسم.
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا صفر) أي: لا يؤخر المحرم إلى صفر.
3915 -
(حدثنا مسلم بن إبراهيم، نا هشام، عن قتادة، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى، ولا طيرة، ويعجبني الفأل
الصَّالِحُ، وَالْفَأْلُ الصَّالِحُ: الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ". [حم 3/ 130، خ 5756، م 2224، ت 1615، جه 3537]
3916 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، نَا بَقِيَّةُ قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ: قَوْلُهُ: "هَامَةُ"؟ قَالَ: كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَقُولُ: لَيْسَ أَحَدٌ يَمُوتُ فَيُدْفَنُ إلَّا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ هَامَةٌ. قُلْتُ: فَقَوْلُهُ "صَفَرَ"؟ قَالَ: سَمِعْنَا (1) أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ (2) يَسْتَشْئِمُونَ بِصَفَرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا صَفَرَ". قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَدْ سَمِعْنَا مَنْ يَقُولُ: هُوَ وَجَعٌ يَأَخُذُ في الْبَطْنِ، فكَانُوا يَقُولُونَ: هُوَ يُعْدِي، فَقَالَ:"لَا صَفَرَ".
3917 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، نَا وُهَيْبٌ، عن سُهَيْلٍ،
===
الصالح، والفأل الصالح: الكلمة الحسنة) يسمعها الإنسان.
3916 -
(حدثنا محمد بن المصفى، نا بقية قال: قلت لمحمد بن راشد) المكحول (3): (قوله: هامة) أي: ما معناه؟ (قال) أي: محمد بن راشد: كانت الجاهلية تقول: ليس أحد يموت فيدفن إلَّا خرج من قبره هامة، قلت: فقوله: صفر؟ قال) محمد بن راشد: (سمعنا أن أهل الجاهلية يستشئمون) أي: يتشاءمون (بصفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا صفر، قال) محمد بن راشد: (وقد سمعنا من يقول: هو وجع يأخذ في البطن، فكانوا يقولون: هو يعدي، فقال: لا صفر).
3917 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا وهيب، عن سهيل،
(1) في نسخة: "سمعت".
(2)
زاد في نسخة: "كانوا".
(3)
كذا في "التقريب"(2/ 160)، والصواب: المكحولي، كما في "التهذيب" (9/ 158) وغيره. (ش). [قلت:"المكحول" في الطبعة القديمة "للتقريب"، أما في الطبعة الجديدة ففيها:"المكحولي"].
عن رَجُلٍ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم سمِعَ كَلِمَةً، فَأَعْجَبَتْهُ، فَقَالَ:"أَخَذْنَا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ". [حم 2/ 388]
3918 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، نَا أَبُو عَاصِمٍ، نَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عن عَطَاءٍ قَالَ:"يَقُولُ نَاسٌ: الصَّفَرُ (2) وَجَعٌ يَأْحُذُ في الْبَطْنِ، قُلْتُ: فَمَا الْهَامَةُ (3)؟ قَالَ: يَقُولُ نَاسٌ: الْهَامَةُ الّتِي تَصْرُخُ: هَامَةُ النَّاسِ، وَلَيْسَتْ بِهَامَةِ الإنْسَانِ، إنَّمَا هِيَ دَابَّةٌ".
3919 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ شَيْبَةَ، الْمَعْنَى،
===
عن رجل) لم يسم، (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع كلمة، فأعجبته) أي الكلمة لحسنها (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أخذنا فألك من فيك) تقريره: قد أخذنا فألك الحسن أيها المتكلم من فيك، وإن لم تقصد خطابنا، وإنما يعجبه الفأل لأن فيه الأمل والرجاء من الله سبحانه وتعالى، وفي الطيرة وغيرها سوء الظن بالله بوقوع النبلاء، فأبطله.
3918 -
(حدثنا يحيى بن خلف، نا أبو عاصم، نا ابن جريج، عن عطاء قال: يقول ناس: الصفر وجع يأخذ في البطن، قلت: فما الهامة؟ ) هذا قول ابن جريج (قال) عطاء: (يقول ناس: الهامة التي تصرخ: هامة الناس) أي التي تصرخ لهم وتنزل في بيوتهم يتشاءمون بها.
(وليست بهامة الإنسان) التي تخرج من عظام الميت أو رأسه، وتنقلب فتصير هامة تطير، ويسمى ذلك الطائر: الصدى، (إنما هي دابة) معروفة تسمى: البوم.
3919 -
(حدثنا أحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة، المعنى،
(1) في نسخة: "النبي".
(2)
في نسخة: "لصفر".
(3)
في نسخة بدله: "ما هامة".
قَالَا: نَا وَكِيعٌ، عن سُفْيَانَ، عن حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عن عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ - قَالَ أَحْمَدُ: الْقُرَشِيِّ- قَالَ: ذُكِرَتِ (1) الطِّيَرَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ، وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا، فَإذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إلَّا أَنْتَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِكَ". [ق 8/ 139]
3920 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، نَا هِشَامٌ، عن قَتَادَةَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عن أَبيهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيءٍ، وَكَانَ إذَا بَعَثَ عَامِلًا (2)
===
قالا: نا وكيع، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن عامر) القرشي، ويقال: الجهني المكي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا في الطيرة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، قلت: أثبت غير واحد له صحبة، وشك فيه بعضهم، وروايته عن بعض الصحابة لا تمنع أن يكون صحابيًا، والظاهر أن رواية حبيب عنه غفلة.
(قال أحمد) بن حنبل شيخ المصنف: (القرشي) أي عروة بن عامر القرشي، (قال) أي عروة، (ذكرت الطيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أحسنها الفأل) قال في "النهاية"(3): جاءت الطيرة بمعنى الجنس، والفأل بمعنى النوع (ولا ترد) الطيرة (مسلمًا) عن المضي فيما يقصده.
(فإذا رأى أحدكم ما يكره، فليقل: "اللَّهُمَّ لا يأتي بالحسنات إلَّا أنت، ولا يدفع السيئات إلَّا أنت، ولا حول ولا قوة إلَّا بك") أي: إلَّا بقدرتك وتوفيقك.
3920 -
(حدثنا مسلم بن إبراهيم، نا هشام، عن قتادة، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه) بريدة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث عاملًا
(1) في نسخة بدله: "ذكر".
(2)
في نسخة. "غلامًا".
(3)
"النهاية"(3/ 406).
سَأَلَ عن اسْمِهِ، فَإذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ، وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ في وَجْهِهِ. وَإنْ كَرِهَ اسْمَهُ، رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ في وَجْهِهِ. وَإذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَألَ عن اسْمِهَا، فَإذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ بِهَا، وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ في وَجْهِهِ. وَإنْ كَرِهَ اسْمَهَا، رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ في وَجْهِهِ". [حم 5/ 347]
3921 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ: نَا أَبَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، أَنَّ الْحَضْرَمِيَّ بْنَ لَاحِقٍ
===
سأل عن اسمه، فإذا أعجبه اسمه فرح به، ورئي بشر ذلك) أي: بشارة ذلك (في وجهه، وإن كره اسمه، رئي كراهية ذلك في وجهه) لانتفاء التفاؤل لا للتشاؤم والتطير.
(وإذا دخل قرية سأل عن اسمها، فإذا أعجبه اسمها فرح بها، ورئي بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمها رئي كراهية ذلك في وجهه).
قال محيي السنَّة (1): ينبغي أن يختار الرجل لأولاده وخدمه الأسماء الحسنة، فإن الأسماء المكروهة قد توافق القدر، فإن رجلًا لو سمَّى ابنه بخسار، فربما جرى قضاء الله بأن يلحق خسار ذلك المسمى بخسار، فيعتقد بعض الناس أنه بسبب اسمه فيتشاءمون به، فيحترزون عنه، ويصير معروفًا بالشؤم، فلا ينبغي أن يسمى باسم ليصير بسببه مبغوضًا.
وسبب كراهته الاسم القبيح للقرية؛ لئلا يحصل لهم في القرية مكروه، فيحدث لهم التشاؤم.
3921 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل قال: نا أبان قال: حدثني يحيى، أن الحضرمي بن لاحق) التميمي السعدي الأعرج اليمامي، قال يحيى بن معين: ليس به بأس، وليس هو بحضرمي بن لاحق، وقال أبو حاتم: الحضرمي اليمامي، وحضرمي بن لاحق هما عندي واحد، وقال عكرمة بن عمار: كان فقيهًا، وخرجت معه إلى مكة سنة مائة، وذكره ابن حبان في "الثقات"،
(1) انظر: "مرقاة المفاتيح"(9/ 10).
حَدَّثَهُ، عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّب، عن سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:"لَا هَامَةَ، وَلَاَ عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَإنْ تَكُنِ الطّيَرَةُ في شَيءٍ فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ". [حم 1/ 180]
3922 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، نَا مَالِكٌ، عن ابْنِ شِهَابٍ، عن حَمْزَةَ
===
قلت: وفرق بين الحضرمي بن لاحق وحضرمي الذي يروي عنه سليمان التيمي، فقال في الثاني: لا أدري من هو؟ ولا ابن من هو؟ انتهى كلامه.
وكذلك قال ابن المديني: حضرمي شيخ بالبصرة، روى عنه التيمي، مجهول، وكان قاصًّا، وليس هو بحضرمي بن لاحق.
قلت: والذي يظهر لي أنهما اثنان.
(حدثه عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا هامة، ولا عدوى، ولا طيرة، وإن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار).
قال القرطبي: لا نظن أن الذي رخص فيه من الطيرة في هذه الثلاثة هو على نحو ما كانت الجاهلية تعتقد، كأنها كانت لا تقدم على ما تطيرت به ولا تفعله بوجه، فإن هذا ظن خطأ، وإنما معنى ذلك أن هذه الثلاثة المذكورة أكثر ما يتشاءم الناس ويتطيرون بها لملازمتها الفرس التي يرتبطونها للجهاد ونحوه، والمرأة التي يتزوجونها خصوصًا أن جاء منها أولاد، والدار التي يسكنونها، فمن وقع له شيء من ذلك فقد أباح الشرع له أن يتركه ويستبدل به غيره بما تطيب به نفسه، ويسكن له خاطره، ولم يلزمه الشرع أن يقيم في موضع يكرهه أو يستمر مع امرأة يكرهها، بل قد فسح له في ترك ذلك كله ببيع وعتق وطلاق ونحو ذلك.
3922 -
(حدثنا القعنبي، نا مالك، عن ابن شهاب، عن حمزة (1)
(1) أورد الترمذي (2824) على ذكر حمزة في هذا الحديث، وتعقب الحافظ على كلام الترمذي. [انظر:"فتح الباري"(6/ 16)، ح (2858)]. (ش).
وَسَالِمٍ ابْنَيْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الشُّؤْمُ في الدَّارِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالْفَرَسِ". [خ 5753، م 2225، ت 2824، ن 3569، حم 2/ 115]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْن مِسْكِينٍ وَأَنا شَاهِدٌ: أَخْبَرَكَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عن الشَّؤْمِ في الفَرَسِ وَالدَّارِ؟ قَالَ: "كَمْ مِنْ دَارٍ سَكَنَهَا قَوْمٌ (1) فَهَلَكُوا؟ ! ثُمَّ سَكَنَهَا آخَرُونَ، فَهَلَكُوا، فَهَذَا تَفْسِيرُهُ فِيمَا نُرَى، وَاللهُ أَعْلَمُ"(2).
===
وسالم ابني عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الشؤم في الدار، والمرأة، والفرس).
(قال أبو داود: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد: أخبرك ابن القاسم قال: سئل مالك عن الشؤم في الفرس والدار؟ قال: كم من دار سكنها قوم فهلكوا؟ ! ثم سكنها آخرون، فهلكوا، فهذا تفسيره (3) فيما نرى، والله أعلم).
اختلفت الروايتان بظاهرهما، فإن أولاهما تقتضي نفي الشؤم والطيرة في الفرس والدار والمرأة، والثانية تثبتها.
ووجه الجمع بينهما ما كتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه رحمه الله: أن الطيرة بمعنى الشؤم الذاتي (4)، والنحوسية الخلقية منتفية حيث أوردها بلفظ "إن" الشرطية الدالة على أنه غير واقع، فالمعنى لو تحقق الشؤم بهذا المعنى لكان في هذه الثلاثة، لكنه غير متحقق فيها فلا يتحقق في
(1) في نسخة: "ناس".
(2)
زاد في نسخة: "قال أبو داود: وقال عمر: حصيرٌ في البيت خير من امرأة لا تَلِدُ". [قلت: هذا القول أورده الغزالي في "الإحياء" (2/ 267)].
(3)
وبسط الحافظ في شرح كلام مالك. [انظر: "فتح الباري" (6/ 62)]. (ش).
(4)
وبهذا جزم الشيخ في "الكوكب الدري"(3/ 418) أيضًا. (ش).
3923 -
حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ وَعَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ (1) قَالَا: نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عن يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ فَرْوَةَ بْنَ مُسَيْكٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرْضٌ عِنْدَنَا يُقَالُ لَهَا أَرْضُ أَبْيَنَ، هِيَ أَرْضُ رِيفِنَا وَمِيرَتِنَا، وَإنَّهَا وَبِئَةٌ - أَوْ قَالَ: وَبَاؤُهَا شَدِيدٌ - فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "دَعْهَا عَنْكَ، فَإنَّ مِنَ الْقَرَفِ التَّلَفَ". [حم 3/ 451]
===
شيء، وأما الشؤم بمعنى ما يلحق من المضار أحيانًا أو قلة الجدوى في بعض أفرادها نسبة إلى البعض الآخر منها فغير منفي، بل أثبته بعد بقوله: الشؤم في الدار إلى آخره.
فالحاصل أن النفي والإثبات راجعان إلى شيئين لا إلى شيء واحد، فلا تعارض، وعلى هذا يحمل قوله:"كم من دار سكنها قوم فهلكوا"، فإن هلاكهم ليس لأثر ذاتي في نفس الدار، بل لما عارضها من أمور معترضة من كثافة الهواء وخباثة الأرض وغير ذلك.
3923 -
(حدثنا مخلد بن خالد وعباس العنبري قالا: نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن يحيى بن عبد الله بن بحير) بفتح الموحدة وكسر المهملة، ابن ريسان المرادي اليماني، ابن أبي وائل القاص، ذكره ابن حبان في "الثقات".
(قال: أخبرني من سمع فروة بن مسيك قال: قلت: يا رسول الله! أرض عندنا يقال لها أرض أبين) أي: اسمها هذا (هي أرض ريفنا) أي: زرعنا (وميرتنا) أي: طعامنا (وإنها وبئة) أي: كثيرة الوباء (أو قال: وباؤها شديد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعها) أي: الأرض (عنك، فإن من القرف) بفتحتين ملابسة الداء وملاقاة المرض (التلف) هو الهلاك يعني من قارب متلفًا يتلف، يعني إذا لم يكن هواء تلك الأرض موافقًا لك فاتركها، وليس هذا من باب العدوى،
(1) زاد في نسخة: "المعنى".
3924 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، نَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، عن عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عن إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عن أَنسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إنَّا كُنَّا في دَارٍ كَثيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا، وَكَثير فِيهَا أَمْوَالُنا، فَتَحَوَّلْنَا إلَى دَارٍ أُخْرَى، فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا، وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ذَرُوهَا ذَمِيمَةً". [ق 8/ 140]
3925 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ، عن حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عن مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ،
===
إنما هو من باب الطب، فإن استصلاح الهواء عن أعون الأشياء على صحة الأبدان، وفساد الهواء من أسرع الأشياء إلى الأسقام (1).
3924 -
(حدثنا الحسن بن يحيى، نا بشر بن عمر، عن عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: قال رجل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، وكثير فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى، فقلَّ فيها عددنا، وقلَّت فيها أموالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذروها ذميمة).
هذا أيضًا ليس من الطيرة ولا العدوى، بل من الطب، فإن الهواء مختلف، فبعضها توافق الطباع، وبعضها تخالفها، والأرض الأولى كان هواؤها وماؤها ونباتها كانت موافقة لهم، والدار الثانية التي انتقلوا إليها مخالفة لهم، وأمرهم أن يتركوها إرشادًا إلى المصالح الدنيوية والدينية، ومعنى قوله: ذميمة، أي: اتركوا هذه الدار فإنها مذمومة، فعيلة بمعنى مفعولة.
3925 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا يونس بن محمد، نا مفضل بن فضالة، عن حبيب بن الشهيد، عن محمد بن المنكدر،
(1) انظر: "معالم السنن"(3/ 509).
عن جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ، فَوَضَعَهَا مَعَهُ في الْقَصْعَةِ، وَقَالَ:"كُلْ، ثِقَةً بِاللَّهِ، وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ"(1). [1817، جه 3542]
آخِرُ كِتَابِ الطِّبِّ (2)
===
عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم)، وهذا المجذوم هو معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي (3)، حليف بني أمية، من مهاجرة الحبشة.
(فوضعها معه في القصعة)، وهذا فعله لبيان الجواز، وأما قوله (4) صلى الله عليه وسلم:"فر من المجذوم، كفرارك من الأسد"، فمحمول على الاحتياط.
(وقال: كل) بسم الله، (ثقة (5) بالله، وتوكلًا (6) عليه).
آخِرُ كِتَابِ الطِّبِّ
(1) في نسخة: "توكلًا على الله".
(2)
زاد في نسخة: "آخر الجزء الرابع والعشرين، وأول الجزء الخامس والعشرين من أصل الخطيب".
(3)
انظر ترجمته في: " أسد الغابة"(4/ 176) رقم (5059).
(4)
وبسط العيني في الجمع بينهما. [انظر: "عمدة القاري" (14/ 692)]. (ش).
(5)
وأورد عليه في "الكوكب الدري"(3/ 17) بأن ظاهره مشكل، فإن المجذوم لا يخاف شيئًا حتى يثق بالله، وإنما الخائف من يأكل معه، والجواب أنه أيضًا ربما يخاف على نفسه أن يلحقه عار بإعداء مرضه إلى غيره، وأيضًا ربما يهم هو في أكله مع من يحبه كولده وزوجته، وهاهنا من هذا القبيل، فإن المجذوم لما أشفق على النبي صلى الله عليه وسلم لم يشته أن يأكل معه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كل، ثقة باللهِ، ولا تخف علي. (ش).
(6)
ولله در الشيخ إذ قال في "الكوكب الدري"(3/ 78): إن التوكل على ثلاثة أنواع بمقابلة النص كشرب السم والتردي من الجبل فهو حرام، ومن الأسباب المظنونة كالدواء هو أعلى مراتب التوكل، وعلى هذا فالأولى ترك المعالجة وهو من أعلى مراتب التوكل، وبترك ما لم يغلب الظن على السببية كالرقي فهو أعلى مراتب التوكل، فترك الرقية من أدنى المراتب، فمن استرقى فليس له شيء من التوكل. وبسط الحافظ في "الفتح"(10/ 211) في أن الرقي ينافي التوكل أم لا؟ . (ش).