الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورده الماوردي، فقال: هذا التعليل فاسد من وجهين:
أحدهما: غير المبتدأة إذا بدأت برؤية الدم تدع الصلاة، وإن كان هذا التجويز موجودًا.
والثاني: المعتادة إذا تجاوز دمها قدر العادة تدع الصلاة، وإن كان هذا التجويز موجودًا. وإذا بطل بهذين ما علل به من هذا التجويز، وجب أن يعتبر الغالب من حالها، وهو أن ما ابتدأت برؤيته حيض
(1)
.
دليل من قال: تترك الصلاة والصيام ستة أيام أو سبعة أيام فقط:
هذا القول رواية عن أحمد كما تقدم، وظاهره أنها تجلس ستة أيام أو سبعة أيام، ثم تغتسل وتصلي، ولو كان الدم جاريًا، ثم تغتسل عند انقطاعه حتى يتكرر ذلك ثلاثًا، ويتبين لها عادة ووقت، على قاعدة الحنابلة في معرفة العادة.
قال ابن قدامة: «روى حرب، قال: سألت أبا عبد الله، قلت: امرأة أول ما حاضت استمر بها الدم. كم يومًا تجلس؟
قال: إن كان مثلها من النساء من يحضن فإن شاءت جلست ستًا أو سبعًا حتى يتبين لها حيض ووقت، وإن أرادت الاحتياط جلست يومًا واحدًا أول مرة حتى يتبين وقتها»
(2)
.
ودليلهم على اعتبار ستة أيام أو سبعة أيام:
(1595 - 57) حديث حمنة بنت جحش عند أحمد، وفيه:
فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله ثم اغتسلي
(3)
.
(1)
انظر المرجع السابق.
(2)
المغني (1/ 409).
(3)
المسند (6/ 439)، وانظر تخريجه، ح: 1976 و 1524.
والحديث ضعيف. وسيأتي تخريجه في باب الاستحاضة، وقد ضعفه أبو حاتم الرازي وغيره
(1)
.
وفي التمهيد لابن عبد البر: «قال أبو داود: سمعت أحمد ابن حنبل يقول في الحيض: حديثان، والآخر في نفسي منه شيء.
قال أبو داود: يعني أن في الحيض ثلاثة أحاديث، هي أصول هذا الباب.
أحدها: مالك، عن نافع، عن سليمان بن يسار.
والآخر: حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
والثالث: الذي في قلبه منه شيء، هو حديث حمنة بنت جحش، الذي يرويه ابن عقيل»
(2)
.
وجه من قال: تجلس المبتدأة عادة أمها، وأختها وعمتها وخالتها:
قالوا في تعليل ذلك: إن شبه المرأة بقريباتها أقرب من شبهها بغالب النساء.
قال ابن قدامة: «روى الخلال بإسناده عن عطاء: في البكر تستحاض، ولا تعلم لها قرءًا، قال: لتنظر قرء أمها، أو أختها، أو عمتها، أو خالتها، فلتترك الصلاة عدة تلك الأيام، ولتغتسل وتصل.
(1)
ضعفه أبو حاتم الرازي في العلل لابنه (1/ 51)، كما ضعفه الدارقطني، وابن منده، ونقل الاتفاق على تضعيفه من جهة عبد الله بن محمد بن عقيل، فإنه تفرد بروايته، والمعروف عن الإمام أحمد أنه ضعفه، ولم يأخذ به، وقال: ليس بشيء. وقال مرة: ليس عندي بذلك وحديث فاطمة أصح منه، وأقوى إسنادًا، وقال مرة: في نفسي منه شيء لكن ذكر أبو بكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بحديث حمنة، والأخذ به. انظر شرح ابن رجب للبخاري (2/ 64)، والأخذ بالشيء لا يعني تصحيح إسناده، فلا يلزم من كون الإمام أحمد قال به فقهًا أن يكون عنده صحيحًا، أو حسنًا؛ لأن المجتهد قد يضعف الحديث من حيث السند، ويعمل به من حيث النظر، أو من حيث عمومات أخرى. والله أعلم.
(2)
التمهيد (16/ 61).
قال حنبل: قال أبو عبدالله: هذا حسن. واستحسنه جدًّا»
(1)
.
والراجح قول الجمهور، أنها تترك الصلاة إذا رأت الدم؛ لأن الأصل في الدم الذي تراه المرأة قد خرج من رحمها أنه دم حيض، ولا تترك هذا الأصل حتى تتيقن أنه استحاضة؛ ولأن ما خرج من فرج المرأة الأصل فيه أنه أذى، وقد قال سبحانه:(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى)[البقرة: 222].
والأصل السلامة، وأنه دم طبيعة لا دم علة ومرض، لكن إن أطبق الدم على المرأة جميع الشهر، أو تجاوز أكثر الحيض، وهو خمسة عشر يومًا علم أنه استحاضة؛ لأن الأكثر له حكم الكل، وباب الاستحاضة سوف يأتي إن شاء الله في باب مستقل.
* * *
(1)
المغني (1/ 409).