الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني:
(1833 - 293) ما رواه البخاري من طريق حميد، عن بكر، عن أبي رافع
عن أبي هريرة قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب، فأخذ بيدي، فمشيت معه حتى قعد، فانسللت، فأتيت الرحل فاغتسلت، ثم جئت وهو قاعد فقال: أين كنت يا أبا هريرة؟ فقلت له: فقال: سبحان الله، يا أبا هريرة إن المؤمن لا ينجس. ورواه مسلم
(1)
.
وجه الشاهد منه، قوله:(إن المؤمن لا ينجس).
فإذا كان المؤمن لا ينجس فالحائض والجنب ونحوهما أجسامهم طاهرة؛ لأنهم من جملة المؤمنين، والطاهر لا يمنع من دخول المسجد.
والحقيقة أن قوله: (إن المؤمن لا ينجس) يحتمل أن المؤمن لا ينجس بالجنابة، لأنه معلوم أن المؤمن كغيره تلحقه النجاسة الحسية كما لو وقع عليه بول أو غائط، ودم الحيض مجمع على نجاسته.
ويحتمل أن معنى قوله: (إن المؤمن لا ينجس) بمعنى أنه طاهر بإيمانه فهي طهارة معنوية، كما أن المشرك نجس بالشرك نجاسة معنوية، وإن كان بدنه طاهرًا حسًا، وعلى كلا المعنيين لا يصلح دليلًا لمسألتنا.
الدليل الثالث:
(1834 - 294) ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه، قال: حدثنا عبد العزيز ابن محمد الدراوردي، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم
عن عطاء بن يسار، قال: رأيت رجالًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤا وضوء الصلاة
(2)
.
(1)
البخاري (285)، ومسلم (371) واللفظ للبخاري.
(2)
تفسير ابن كثير (2/ 313).
[اختلف فيه على هشام بن سعد، والمحفوظ أنه عن زيد بن أسلم عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وليس فيه (إذا توضؤوا) الدالة على الشرطية]
(1)
.
وجه الاستدلال:
أن الوضوء لا يرفع الجنابة، فإذا جاز جلوس الجنب بالوضوء دل على جواز دخول المسجد للجنب، والمحفوظ من لفظه ليس فيه ما يدل على الشرطية، وإنما لفظه:(كان الرجل منهم يجنب، ثم يتوضأ، ثم يدخل المسجد) فتكون دلالته حكاية فعل لا يدل على وجوب الوضوء، حتى ولو صح لفظ:(إذا توضؤوا) فاشتراط الوضوء للمكث في المسجد دليل على جواز دخول الجنب مع بقاء حكم الجنابة ..
(1)
اختلف في على هشام بن سعد:
فرواه الدراوردي كما في سنن سعيد بن منصور (647)، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، قال: رأيت رجالًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد، وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة.
بلفظ يشعر بالشرطية: (إذا توضؤوا).
ورواه وكيع كما في مصنف ابن أبي شيبة تحقيق عوامة (1567) عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم قال: كان الرجل منهم يجنب، ثم يتوضأ، ثم يدخل المسجد فيجلس فيه. اهـ
فهنا سقط من الإسناد عطاء بن يسار.
ووكيع أثبت من الداروردي ولا مقارنة، وقد ذكره عن زيد ولم يذكر عطاء بن يسار، وقد توبع وكيع، ولم يتابع الدراوردي،
قال ابن كثير في تفسيره (2/ 313) روى حنبل بن إسحاق صاحب أحمد، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون في المسجد وهم على غير وضوء، وكان الرجل يكون جنبًا فيتوضأ، ثم يدخل المسجد فيتحدث.
وهنا تابع أبو نعيم وكيعًا في عدم ذكر عطاء. وذكره أن إسناده على شرط مسلم. وزيد بن أسلم لم يرو عن صحابي إلا ابن عمر، وسمع منه حديثين.
ولفظ وكيع وأبي نعيم ليس فيه لفظ (إذا توضؤوا) الدال على الشرطية، فتكون الدلالة فيه حكاية فعل لا تدل على الوجوب.