الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني:
قالوا: ثبت الأمر بغسل نجاسة الكلب سبعًا، وغيرها من النجاسات مقيس عليها.
• والدليل على وجوب غسل نجاسة الكلب سبعًا:
(1741 - 202) ما رواه البخاري من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا. ورواه مسلم
(1)
.
• وأجيب:
بأن نجاسة الكلب مغلظة، ولا تقاس النجاسة المعتادة على النجاسة المغلظة. أرأيت دم الحيض مع أنه مجمع على نجاسته كما قدمنا إلا أنه لم يرد فيه تكرار الغسل، ولم يرد ذكر التراب في تطهير شيء من النجاسات إلا نجاسة الكلب، والرواية التي فيها ذكر التراب.
(1742 - 203) رواها مسلم من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين،
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب
(2)
.
•
دليل الحنفية على التفريق بين النجاسة المرئية وغير المرئية:
قالوا: بأن النجاسة إذا كانت مرئية كالدم ونحوه فطهارتها زوال عينها،
(1)
البخاري (172)، ومسلم (279).
(2)
صحيح مسلم (279).
ولا عبرة فيها بالعدد؛ لأن النجاسة في العين، فإذا زالت العين زالت النجاسة، وإن بقيت بقيت.
وأما إن كانت النجاسة غير مرئية فإنه يجب غسلها ثلاث مرات، والدليل على ذلك.
(1743 - 204) ما رواه الطحاوي من طريق عبد السلام بن حرب، عن عبد الملك، عن عطاء،
عن أبي هريرة في الإناء يلغ فيه الكلب أو الهر قال يغسل ثلاث مرار
(1)
.
[المحفوظ من حديث أبي هريرة الأمر بغسله سبعًا]
(2)
.
(1)
شرح معاني الآثار (1/ 23).
(2)
في إسناده عبد السلام بن حرب. مختلف فيه.
سئل عنه ابن المبارك، فقال: قد عرفته. وكان إذا قال: قد عرفته فقد أهلكه. انظر ضعفاء العقيلي (3/ 69)، وقيل لابن المبارك في عبد السلام، فقال: ما تحملني رجلي إليه. تهذيب الكمال (18/ 66).
وقال ابن سعد: كان فيه ضعف في الحديث، وكان عسرًا. الطبقات (6/ 386).
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، في حديث لين.
وقال الترمذي: ثقة حافظ، وقال أبو حاتم: ثقة صدوق، وقال يحيى بن معين: ثقة، والكوفيون يوثقونه، وقال مرة: صدوق. وقال الدارقطني: ثقة حجة، تذكرة الحفاظ (1/ 271)، الجرح والتعديل (6/ 47)، تهذيب التهذيب (6/ 282).
وقال النسائي في التمييز: ليس به بأس.
وفي إسناده أيضًا عبد الملك بن أبي سليمان.
قال الترمذي: ثقة مأمون لا نعلم أحدًا تكلم فيه غير شعبة.
وقال الثوري: حفاظ الحديث أربعة، فذكره منهم. وسماه هو وابن المبارك: الميزان. انظر تهذيب التهذيب (6/ 352).
وفي التقريب: صدوق له أوهام. والحق أنه ثقة، فقد وثقه أحمد، ويحيى بن معين، والنسائي،
وابن سعد، والترمذي، وابن عمار الموصلي، والثوري وابن المبارك والدارقطني. وأخذ عليه وهمه في حديث الشفعة، ثم ماذا؟ ومن الذي لا يهم؟ ولذلك لم يمنع هذا الوهم من أن يوثقه الأئمة. قال يحيى بن معين عندما سئل عن حديث الشفعة، قال: هو حديث لم يحدث به إلا عبد الملك، وقد أنكره الناس عليه، ولكن عبد الملك ثقة صدوق لم يرد على مثله. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال أحمد: هذا حديث منكر، وعبد الملك ثقة. انظر تهذيب التهذيب (6/ 352).
والحديث مداره على عبد الملك بن أبي سليمان. وقد اختلف عليه فيه. فمنهم من يرويه عنه موقوفًا من قوله، ومنهم من يرويه من فعل أبي هريرة. ومنهم من يرويه مرفوعًا، مع أن الحديث فيه مخالفة لجميع من روى الحديث عن أبي هريرة، ورواياتهم في الصحيحين وغيرها مرفوعة، وفيه الأمر بغسلها سبعًا. فلو صح عن أبي هريرة موقوفًا عليه لم يكن فيه حجة؛ لأن الموقوف لا حجة فيه مع معارضته للمرفوع. والله أعلم.
وإليك تخريج الحديث.
رواه الطحاوي كما في إسناد الباب من طريق عبد السلام بن حرب، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن أبي هريرة موقوفًا عليه من قوله.
ورواه الدارقطني (1/ 66) من طريق ابن فضيل، عن عبد الملك بن أبي سليمان به. بلفظ: كان إذا ولغ الكلب في الإناء أهرقه وغسله ثلاث مرات. وهذا موقوف على أبي هريرة إلا أنه من فعله.
ورواه إسحاق الأزرق، عن عبد الملك بن أبي سليمان واختلف عليه فيه.
فرواه الدارقطني (1/ 66) من طريق سعدان بن نصر، عن إسحاق الأزرق، عن عبد الملك بن سليمان، عن عطاء، عن أبي هريرة موقوفًا عليه من قوله.
ورواه حسين الكرابيسي كما في الكامل لابن عدي (2/ 366) عن إسحاق الأزرق، عن عبد الملك بن سليمان، عن عطاء، عن الزهري مرفوعًا. وهذا مرسل، وقد خالف الكرابيسي في إسناده حيث أبدل أبا هريرة بالزهري، وأرسله عن الزهري مرفوعًا.
ورواه عمر بن شبة كما في الكامل لابن عدي (2/ 366)، حدثنا إسحاق الأزرق، حدثنا عبد الملك بن سليمان، عن عطاء، عن الزهري نحوه موقوفًا على الزهري.
قلت: لم يرفعه إلا الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي، ولم يقل أحد: عن عطاء عن الزهري إلا هو، وهو خطأ.
ورواية سعدان بن نصر عن إسحاق الأزرق الموقوفة أرجح، وهي موافقة لرواية عبد السلام بن حرب، ورواية ابن فضيل كلاهما عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن أبي هريرة موقوفًا عليه، وليس فيها ذكر للزهري، والله علم.
قال ابن عدي: وهذا لا يرويه غير الكرابيسي مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى ما ذكر في متنه من الإهراق والغسل ثلاث مرات. والحسين الكرابيسي له كتب مصنفة ذكر فيها اختلاف الناس من المسائل، وكان حافظًا لها ولم أجد منكرًا غير ما ذكرت من الحديث، والذي حمل أحمد بن حنبل عليه من أجل اللفظ في القرآن. فأما في الحديث فلم أر به بأسًا. =
= وقال الخطيب: كان فاهمًا عالمًا وله تصانيف كثيرة في الفقه وفي الأصول تدل على حسن فهمه وغزارة علمه. وقال أيضًا: تكلم فيه أحمد بسبب مسألة اللفظ في القرآن، وكان هو أيضًا يتكلم في أحمد، فتجنب الناس الأخذ عنه لهذا السبب. تاريخ بغداد (8/ 64).
وقد ثبت عن أبي هريرة أنه قال: يغسل سبع مرات موقوفًا عليه، وهذا أصح. فقد روى أبو داود في السنن (72)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 305)، والدارقطني (1/ 64)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 248) من طريق حماد بن زيد.
وأخرجه أبو عبيد في كتاب الطهور (204) من طريق إسماعيل بن إبراهيم،
ورواه أبو داود (72) من طريق المعتمر بن سليمان، ثلاثتهم عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: إذا ولغ الكلب فاغسلوه سبع مرات، أولاهن بالتراب.
قال الحافظ في الفتح في شرحه لحديث (172): «وثبت أنه أفتى -يعني أبا هريرة- بالغسل سبعًا. ورواية من روى عنه موافقة فتياه أرجح ممن روى عنه مخالفتها من حيث الإسناد ومن حيث النظر. أما النظر فظاهر، وأما الإسناد فالموافقة وردت من رواية حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين عنه. وهذا من أصح الأسانيد. وأما المخالفة فمن رواية عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عنه. وهو دون الأولى في القوة بكثير
…
إلخ».
وقال البيهقي في المعرفة (2/ 59): «لم يروه غير عبد الملك، وعبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات» . ثم قال أيضًا (2/ 61): «ولمخالفته -يعني عبد الملك- ولمخالفته أهل الحفظ والثقة في بعض رواياته تركه شعبة بن الحجاج، ولم يحتج به محمد بن إسماعيل البخاري في الصحيح. وحديثه هذا مختلف عليه، فروي عنه من قول أبي هريرة. وروي عنه من فعله. فكيف يجوز ترك رواية الحفاظ الثقات الأثبات من أوجه كثيرة لا يكون مثلها غلطًا، برواية واحد قد عرف بمخالفته الحفاظ في بعض الأحاديث» . اهـ
وقال الدارقطني في العلل (8/ 101) «ورواه جماعة من التابعين عن أبي هريرة، منهم عبيد ابن حنين، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، وعبد الرحمن الأعرج، وعقبة بن أبي الحسناء اليمامي،
وأبو صالح السمان، عن أبي هريرة فاتفقوا على أن يغسل من ولوغ الكلب سبع مرات، وخالفهم عطاء بن أبي رباح فرواه عن أبي هريرة أنه يغسل ثلاثًا. ولم يرفعه. قاله عبد الملك بن أبي سليمان».