الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه الدلالة:
عبر بـ (إنما) الدالة على الحصر، واكتفى بالإفاضة ولم يذكر الوضوء.
الدليل الرابع:
حكى بعضهم الإجماع على عدم وجوب الوضوء.
قال الحافظ في الفتح: «قام الإجماع على أن الوضوء في غسل الجنابة غير واجب»
(1)
.
وقال ابن عبد البر: الله عز وجل إنما فرض على الجنب الغسل دون الوضوء، بقوله عز وجل:(وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا)[النساء: 43]، وقوله:(وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)[المائدة: 6]
(2)
.
ولا تصح دعوى الإجماع مع خلاف داود الظاهري.
دليل من قال: الوضوء شرط في صحة الغسل:
لعل داود الظاهري رأى أن قوله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)[المائدة: 6].
فقوله سبحانه: (فَاطَّهَّرُوا) أمر، والأصل في الأمر الوجوب، وهو مجمل، وكل فعل يقع بيانًا لهذا المجمل يكون له حكم المجمل، فيكون واجبًا مثله.
وهذا الاستدلال ممكن أن يسلم لو أنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على صحة الغسل بلا وضوء، كحديث الأعرابي، وحديث أم سلمة، وقد سقناهما في أدلة الجمهور.
دليل ابن حزم على أن الوضوء لا يشرع في غسل الحيض:
رأى ابن حزم أن الدليل الذي جاء فيه ذكر الوضوء في غسل الحيض كان عن طريق إبراهيم بن المهاجر وهو ضعيف. ولا يرى ابن حزم قياس الحيض على الجنابة
(3)
.
(1)
في شرحه لحديث (259).
(2)
التمهيد (3/ 415) كما في فتح البر.
(3)
انظر المحلى المسألة (189).
والحديث الذي ضعفه ابن حزم رواه ابن أبي شيبة، قال:
(1647 - 109) حدثنا أبو الأحوص، عن إبراهيم بن مهاجر، عن صفية ابنة شيبة، عن عائشة قالت: دخلت أسماء بنت شكل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، كيف تغتسل إحدانا إذا طهرت من المحيض؟
قال: تأخذ سدرتها وماءها فتوضأ، وتغسل رأسها وتدلكه حتى تبلغ الماء أصول شعرها، ثم تفيض الماء على جسدها، ثم تأخذ فرصتها فتطهر بها. فقالت: يا رسول الله كيف أتطهر بها؟ قال: تطهري بها. قالت: عائشة: فعرفت الذي يكني عنه فقلت لها تتبعي أثر الدم
(1)
. [صحيح، وذكر الوضوء فيه حسن]
(2)
.
(1)
المصنف (864).
(2)
الحديث مداره على صفية بنت شيبة، عن عائشة.
ويرويه عنها اثنان:
الأول: ابنها منصور، وروايته مخرجة في الصحيحين، وفي غيرهما، وليس في روايته ذكر الوضوء.
الثاني: إبراهيم بن مهاجر، وقد زاد فيه ذكر الوضوء، وتارة يذكر الوضوء بلفظ مجمل، يحتمل أنه أراد الوضوء، ويحتمل أنه أراد به إزالة النجاسة. وتارة يصرح بذكر الوضوء كما في رواية أبي الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر عند أبي داود (314) وابن شيبة (1/ 78) ح 864.
فرواية مسلم (61 - 332) قال: (تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا .. ) الحديث.
فقوله: (فتطهر فتحسن الطهور) جاء في شرح النووي (4/ 21):
(التطهر الأول تطهر من النجاسة، وما مسها من دم الحيض، هكذا قال القاضي عياض قال: والأظهر والله أعلم أن المراد بالتطهر الأول الوضوء).
قلت: حمله على الوضوء أولى كما جاء مفصلًا في رواية أبي الأحوص التي قدمناها في الباب ولفظها: (تأخذ سدرتها وماءها، فتوضأ، وتغسل رأسها).
وإذا كان الراجح ذلك، ولم يأت ذكر الوضوء إلا في رواية إبراهيم بن مهاجر مخالفًا من هو أوثق منه أعني منصورًا فهل تعتبر زيادته محفوظة؟ أو تعتبر شاذة لمخالفتها لمن هو أوثق؟ خاصة أن إبراهيم بن مهاجر أيضًا قد زاد فيه صفة الغسل أيضًا، ولم يذكر في رواية منصور. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولا شك أن منصورًا مقدم على إبراهيم بن مهاجر في الحفظ والإتقان، فمنصور أخرج له الشيخان، أما إبراهيم بن مهاجر فقد تجنبه البخاري، وتكلم فيه جماعة، وإليك أهم ما قيل فيه:
قال أحمد: ليس به بأس. وكذا قال الثوري. الجرح والتعديل (2/ 132).
وقال النسائي في موضع آخر: لا بأس به. تهذيب الكمال (2/ 211).
وقال النسائي ويحيى القطان: ليس بالقوي. الجرح والتعديل (2/ 132)، الضعفاء والمتروكين (7).
وضعفه يحيى بن معين، وقال ابن عدي:
…
حديثه يكتب في الضعفاء. الكامل (1/ 213).
وقال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي، هو وحصين بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب قريب بعضهم من بعض، فمحلهم عندنا محل الصدق، يكتب حديثهم، ولا يحتج بحديثهم. قلت لأبي: ما معنى لا يحتج بحديثهم؟
قال: كانوا أقوامًا لا يحفظون، فيحدثون بما لا يحفظون، فيغلطون. ترى في حديثهم اضطرابًا ما شئت. الجرح والتعديل (2/ 132).
وقال الدارقطني: حدث بأحاديث لا بتابع عليها. تهذيب التهذيب (1/ 146).
وفي التقريب: صدوق، لين الحفظ.
هذا ما قيل في إبراهيم بن مهاجر، فهل ترى زيادته الوضوء في حديث صفية شاذة. لمخالفته منصورًا وهو أوثق منه؟ فإن حكمنا بشذوذ الزيادة فإن مشروعية الوضوء لغسل الحيض ثابت في قياسه على غسل الجنابة. وإن حكمنا بحفظها فالأمر ظاهر.
ونفسي تميل إلى كون الوضوء محفوظًا في رواية إبراهيم، لأن رواية منصور فيها اختصار.
فلفظ البخاري من حديث منصور عن أمه عن عائشة (315): أن امرأة من الأنصار قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: كيف أغتسل من المحيض؟ قال: خذي فرصة ممسكة فتوضئي ثلاثًا، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم استحيى وأعرض بوجهه، أو قال: توضئي بها، فأخذتها فجذبتها فأخبرتها بما يريد النبي صلى الله عليه وسلم، فهنا الصحابية رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية الاغتسال من المحيض، واقتصر منصور في روايته عن أمه بذكر تطهير الفرج، وهو لا يكفي في الغسل من المحيض.
ويبعد أن تسأل المرأة عن صفة الغسل من المحيض ولا يجيبها إلا على تطهير الفرج من أثر الدم، فالباحث هنا يجزم بوقوع اختصار في رواية منصور، وترجمة البخاري تشير إلى قبول ما ورد من الحديث ممن ليس على شرطه، ولهذا ترجم البخاري للحديث بثلاثة أشياء، دلك المرأة نفسها عند غسل الحيض، والثاني كيف تغتسل والثالث أخذها فرصة ممسكة، قال ابن رجب رحمه الله في شرح البخاري (2/ 94) وليس في حديث منصور سوى الفرصة الممسكة، ولكنه أشار إلى أن الحكمين الآخرين قد رويا في حديث صفية عن عائشة من وجه آخر لكن ليس هو على شرطه، فخرج الحديث بالإسناد الذي على شرطه، ونبه بذلك على الباقي. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: فاعتماد البخاري صفة الغسل في فقه ترجمته ذهاب منه إلى تصحيح ما ورد في طريق إبراهيم بن مهاجر.
بل جاء في مسلم (60 - 332) من طريق سفيان عن منصور الإشارة إلى تعمد الاختصار ولفظه: عن عائشة قالت: سألت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم كيف تغتسل من حيضتها؟ قال: فذكرت أنه علمها كيف تغتسل، ثم تأخذ فرصة من مسك فتطهر بها.
فقولها: (علمها كيف تغتسل ثم تأخذ فرصة من مسك) إشارة إلى أن رواية منصور لم تقتصر على ذكر تطهير الفرج بفرصة من مسك. وأنه طوى صفة الغسل للعلم به، ولفظ النسائي (251): فأخبرها كيف تغتسل ثم قال: خذي فرصة من مسك فتطهري بها.
تخريج الحديث:
الحديث مداره على صفية بنت شيبان، عن عائشة، ورواه عن صفية اثنان: الأول: منصور، عن صفية بنت شيبان.
رواه سفيان كما في مسند الحميدي (167) وصحيح البخاري (314)، وصحيح مسلم (332)، وسنن النسائي (251) ومستخرج أبي عوانة (1/ 317)، وصحيح ابن حبان (1199)، وسنن البيهقي (1/ 183)، ووهيب، كما في مسند أحمد (6/ 122)، وصحيح البخاري (315)، وصحيح مسلم (332)، وسنن النسائي (427)، والفضل بن سليمان، كما في صحيح البخاري (7357)، وصحيح ابن حبان (1200)، كلهم عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي، عن أمه صفية بنت شيبة، عن عائشة.
الطريق الثاني: إبراهيم بن مهاجر عن صفية بنت شيبة به فيرويه جماعة عنه منهم أبو عوانة، وأبو الأحوص، وشعبة، وإسرائيل، وقيس بن الربيع. يزيد بعضهم على رواية بعض. وإليك تخريج رواياتهم:
فرواه قيس بن الربيع كما في مسند أبي داود الطيالسي (1563).
وأبو عوانة كما في مسند أحمد (6/ 188)، وسنن أبي داود (315).
وأبو الأحوص كما في مصنف ابن أبي شيبة (864)، وسنن أبي داود (314)، وساق مسلم سند أبي الأحوص (232) ولم يذكر لفظه.
وشعبة كما في مسند أحمد (6/ 147)، وصحيح مسلم (61 - 232)، وسنن أبي داود (316)، وسنن ابن ماجة (642)، وسنن البيهقي (1/ 180).
وإسرائيل كما في سنن الدارمي (773) وسنن ابن الجارود في المنتقى (117)، كلهم عن إبراهيم بن مهاجر، عن صفية بنت شيبة به.
المسألة الثانية في موضع الوضوء من الاغتسال
مدخل في ذكر الضابط الفقهي:
- الوضوء في الجنابة قبل الاغتسال، وغسل الحيض مقيس عليه.
[م-722] أما في الجنابة فالأحاديث صريحة في أن الوضوء قبل الاغتسال.
وأما في الحيض فهل يكون الوضوء قبل الاغتسال أم بعده؟
فالأصل أن الحيض مقيس على الجنابة، لكن قال ابن رجب: «وقال يعقوب ابن بختان: سألت أحمد عن الحائض متى تتوضأ؟ قال: إن شاءت توضأت إذا بدأت واغتسلت، وإن شاءت اغتسلت ثم توضأت.
وظاهر هذا أنها مخيرة بين تقديم الوضوء وتأخيره، فإنه لم يرد في السنة تقديمه كما في غسل الجنابة، وإنما ورد في حديث أبي الأحوص عن إبراهيم بن المهاجر:(توضأ وتغسل رأسها وتدلكه) بالواو، وهي لا تقتضي ترتيبًا، فيحصل من هذا أن غسل الحيض والنفاس يفارق غسل الجنابة من وجوه.
أحدها: أن الوضوء في غسل الحيض لا فرق بين تقديمه وتأخيره، وغسل الجنابة
السنة تقديم الوضوء فيه على الغسل»
(1)
.
قلت: حديث أبي الأحوص جاء بالترتيب أيضًا في رواية أبي داود، قال:
(1648 - 110) حدثنا عثمان بن أبي شيبة، أخبرنا سلام بن سليم، عن إبراهيم ابن مهاجر، عن صفية بنت شيبة،
عن عائشة، قالت: دخلت أسماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله كيف تغتسل إحدانا إذا طهرت من المحيض؟ فقال: تأخذ سدرتها وماءها فتوضأ، ثم تغسل رأسها وتدلكه حتى يبلغ الماء أصول شعرها .. وذكر الحديث
(2)
.
فقوله: (توضأ ثم تغسل رأسها) دليل على تقديم الوضوء على الغسل، إلا أن الحديث قد رواه البغوي من طريق أبي داود نفسه
(3)
، ورواه ابن أبي شيبة، عن أبي الأحوص به
(4)
بلفظ: (توضأ وتغسل رأسها) ورواية (الواو) لا تعارض رواية (ثم) خاصة أنه قد قدم الوضوء بالذكر، وعلى فرض أن الترتيب بين الوضوء والاغتسال لم يرد في الحيض، فإنه مقيس على الجنابة.
ولا أرى لها أن تتوضأ بعد الاغتسال إذا لم تتوضأ قبله؛ لأنه لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه توضأ بعد غسله من الجنابة، والغسل وحده كاف في رفع الحدث إلا إن مست فرجها فقد انتقضت الطهارة الصغرى ومس الفرج على الراجح ناقض للوضوء مطلقًا سواء كان بشهوة أم بغير شهوة.
* * *
(1)
شرح ابن رجب للبخاري (2/ 98).
(2)
سنن أبي داود (314)، وانظر ح:(1647).
(3)
شرح السنة (253).
(4)
المصنف (1/ 78).
المسألة الثالثة
في غسل أعضاء الوضوء مرة ثانية في الغسل
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• لم يحفظ في وضوء الغسل من الجنابة تكرار لغسل أعضائه.
• التكرار في الغسل لا فضيلة فيه إلا في غسل الكفين وفاقًا، وغسل الرأس على قول.
• إذا توضأ الجنب والحائض قبل الغسل نوى بوضوئه الجنابة، ولا يلزمه إعادة غسل أعضاء الوضوء عند الاغتسال.
[م-723] إذا توضأت المرأة لغسل الحيض، فهل تغسل بقية بدنها دون أعضاء الوضوء؟ أو يلزمها غسل بدنها مع أعضاء الوضوء؟ فتكون غسلت أعضاء الوضوء مرتين، مرة في الوضوء، ومرة في الغسل. هاتان مسألتان:
الأولى: هل تكرر غسل أعضاء الوضوء مرة في الوضوء، ومرة في الغسل.
والثانية: هل يشرع التثليث في غسل البدن، بحيث يغسل بدنه ثلاثًا عند الغسل.
وسوف أناقش المسألة الأولى أعني: هل تكرر غسل أعضاء الوضوء مرة في الوضوء، ومرة في الغسل، وأما المسألة الثانية فسوف يأتي الحديث عنها في مبحث خاص.
(1649 - 111) فقد روى البخاري من طريق هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل، ثم يخلل بين شعره، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده، ورواه مسلم
(1)
.
فقولها: (ثم غسل سائر جسده) أي بقية جسده، وقد ذكر الزبيدي: أن كلمة سائر الناس: أي الباقي من الناس
(2)
.
وله شاهد من حديث ميمونة من رواية مسلم له، في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة.
(1650 - 112) وفيه: (ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه، ثم غسل سائر جسده)
(3)
.
(1)
البخاري (272)، ومسلم (316).
(2)
انظر تاج العروس (6/ 489). وفي حديث أبي موسى في البخاري (3411) ومسلم (2431)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. فمعنى (سائر الطعام) أي على بقيته.
وقال ابن الأثير في النهاية (2/ 327): «والسائر: الباقي، والناس يستعملونه بمعنى الجميع، وليس بصحيح، وقد تكررت هذه اللفظة في الحديث، وكلها بمعنى باقي الشيء» . اهـ
وذكر الزبيدي في تاج العروس (6/ 489) إلى أن في السائر قولين:
الأول: وهو قول الجمهور من أئمة اللغة وأرباب الاشتقاق أنه بمعنى الباقي، ولا نزاع فيه بينهم، واشتقاقه من السُّوْر، وهو البقية.
والثاني: أنه بمعنى الجميع، وقد أثبته جماعة وصوبوه، وإليه ذهب الجوهري، والجواليقي، وحققه ابن بري في حواشي الدرة، وأنشد عليه شواهد كثيرة، وأدلة ظاهرة، وانتصر لهم الشيخ النووي في مواضع من مصنفاته، وسبقهم إمام العربية أبو علي الفارسي، ونقله بعضٌ عن تلميذه ابن جني
…
إلخ كلامه رحمه الله. ولا مانع أن يكون معنى كلمة (سائر) مشتركًا بين المعنيين، والأصل فيها أن تكون بمعنى الباقي إلا إن دلت قرينة على أن المراد بمعنى سائر: الكل فيقبل.
(3)
مسلم له (317).
وقال ابن رجب: الجنب له حالتان:
إحداهما: أنه لا يلزمه سوى الغسل، وهو من أجنب من غير أن يوجد منه حدث أصغر، فهذا لا يلزمه أكثر من الغسل، فإن بدأ بأعضاء الوضوء فغسلها لم يلزمه سوى غسل بقية بدنه بغير تردد، وينوي بوضوئه الغسل لا رفع الحدث الأصغر، وهو ظاهر.
الثاني: أن يجتمع عليه حدث أصغر وجنابة، كأن يحدث، ثم يجنب، فهل يتداخل الوضوء مع الغسل أم لا؟ في ذلك خلاف بين العلماء». اهـ بتصرف
(1)
.
قلت: وملخص الأقوال في المسألة كالآتي:
قيل: إذا نوى الطهارة الكبرى، أجزأه عن نية الطهارة الصغرى، وهو مذهب المالكية
(2)
، والشافعية
(3)
.
وقيل: يجزئ ولو لم ينو أحدهما، باعتبار أن النية ليست بشرط، وهو مذهب الحنفية
(4)
.
وقيل: لا تتداخل الطهارتان الكبرى والصغرى إلا بنية، فعلى هذا إما أن يتوضأ قبل الغسل أو ينوي بغسله الطهارة من الحدثين، وهو مذهب الحنابلة
(5)
، ووجه في مذهب الشافعية
(6)
.
وقيل: يجب الوضوء، إما قبل الغسل وإما بعده، ولا تتداخل النيتان، وسواء
(1)
في شرحه للبخاري (1352).
(2)
حاشية الدسوقي (1/ 140)، فتح البر بترتيب تمهيد ابن عبد البر (3/ 415) القوانين الفقهية (ص: 23)، شرح الزرقاني لمختصر خليل (1/ 105)، مختصر خليل (ص: 15)، منح الجليل (1/ 132)، التاج والإكليل المطبوع بهامش مواهب الجليل (1/ 318).
(3)
الأم (1/ 40)، المجموع (2/ 223)، الحاوي الكبير (1/ 221)، روضة الطالبين (1/ 54، 89).
(4)
البناية (1/ 173)، تبيين الحقائق (1/ 5)، البحر الرائق (1/ 24)، بدائع الصنائع (1/ 19).
(5)
كشاف القناع (1/ 131)، المحرر (1/ 20)، شرح منتهى الإرادات (1/ 88)، الإنصاف (1/ 259)، المبدع (1/ 200، 201)، الفروع (1/ 205)، المغني (1/ 289).
(6)
المجموع (2/ 223)، روضة الطالبين (1/ 54، 89).