الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحنفية وأدلتهم شديدة الضعف، وإنما حكّموا العادة والوجود في زمانهم، ولا دليل من القرآن ولا من السنة على الرجوع إلى العادة حتى تصير حدًا بحيث يُجْعل الدم الذي قبل تمام خمسة عشر يومًا بساعة يُجْعَل حيضًا مانعًا من الصلاة والصوم، والدم الذي بعد تمام خمسة عشر يومًا يُجْعَل استحاضة. والدم هو الدم، واللون هو اللون، والرائحة هي الرائحة. فهذا تفريق في الحكم بين متماثلين، بلا دليل واضح من الشرع.
الدليل الثالث:
(1589 - 51) ما رواه البخاري من طريق هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي
(1)
.
وجه الاستدلال:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم علق أحكام الحيض على إقباله، وعلق أحكام الطهارة على إدباره، ولو كان له حد لا يتجاوزه لقال: فإذا مضى خمسة عشر يومًا، أو سبعة عشر يومًا فاغتسلي وصلي.
الدليل الرابع:
لو كان التحديد معتبرًا لوجب على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبينه للأمة، لكونه يتعلق به أعظم العبادات وهي الصلاة، بل يتعلق به ركنان من أركان الإسلام: الصلاة والصيام، ويتعلق به ما يتعلق من استحلال الفروج، وخروج المرأة من عدتها، والحكم لها ببراءة رحمها إلى غير ذلك من الأحكام، فلو كان التحديد معتبرًا لبينه
(1)
البخاري (228)، ومسلم (333، 334).
الرسول صلى الله عليه وسلم لعموم البلوى به، فلما لم يبينه علم أن هذا التحديد غير معتبر شرعًا.
(1)
.
وهذا القول هو القول الراجح، ومع ذلك إذا أطبق على المرأة الحيض، واستمر شهرًا كاملًا فهي مستحاضة؛ لأن الله تبارك وتعالى جعل عدة المرأة ذات الأقراء في الطلاق ثلاثة قروء.
فقال سبحانه: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)[البقرة: 228]، وجعل عدة اليائسة من المحيض والصغيرة التي لا تحيض ثلاثة أشهر، فقال سبحانة:(وَاللَاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَاّئِي لَمْ يَحِضْنَ)[الطلاق: 4] فجعل بإزاء كل شهر طهرًا وحيضًا، فكونه يطبق عليها الدم الشهر كاملًا نعلم أن هذا الدم منه ما هو حيض، ومنه ما هو استحاضة وليس بحيض».
والطب يؤكد حقيقة أن الحيض لا يمكن أن يأتي في الشهر مرتين:
ففي سؤال وجه لإحدى أخصائيات النساء والولادة، يقول السؤال:
دورتي الشهرية منتظمة، ولكنها تأتي في الشهر مرتين: أي في بدايته ونهايته، فهل يمكن أن يتم التبويض مرتين في الشهر؟
وكان جواب الدكتورة: لا يمكن أن تتم عملية التبويض مرتين في الشهر الواحد، حتى وإن جاءت الدورة الشهرية مرتين أو ثلاث مرات في الشهر الواحد، كما في بعض الحالات المرضية. إلخ كلامها
(2)
.
(1)
مجموع الفتاوى (19/ 237).
(2)
مائة سؤال وجواب في النساء والولادة ـ الدكتورة سلوى محمد بهكلي (ص: 136) السؤال 53.
وأرى والله أعلم أن السائلة لم تأتها الدورة في الشهر مرتين؛ لأنها ذكرت أنها تأتيها في بداية الشهر ونهايته، فالحيضة النازلة في نهاية الشهر هي للشهر المستقبل، وليس للشهر الماضي، فتكون دورة واحدة كل شهر.
* * *