الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقيل: لا يجوز للحائض المكث فيه.
وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد
(1)
.
وقيل: يجوز للحائض المكث فيه، وهو مذهب داود وابن حزم
(2)
، واختيار المزني
(3)
.
•
أدلة الجمهور القائلين بالمنع:
الدليل الأول:
(1819 - 279) ما رواه البخاري من طريق يزيد بن إبراهيم، عن محمد بن سيرين،
عن أم عطية، قالت: أمرنا أن نخرج الحيض يوم العيدين، وذوات الخدور فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم، ويعتزل الحيض عن مصلاهن. قالت امرأة: يا رسول الله إحدانا ليس لها جلباب؟ قال: لتلبسها صاحبتها من جلبابها
(4)
.
وجه الاستدلال:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الحيض، أن يعتزلن المصلى والمراد به مكان الصلاة، فهذا نص في منع الحائض من الدخول في المسجد.
(1)
انظر في مذهب الحنفية: البحر الرائق (1/ 205)، فتح القدير (1/ 165)، البناية (1/ 636)، تبيين الحقائق (1/ 56).
وانظر في مذهب المالكية: التفريع لابن الجلاب (1/ 206)، المعونة (1/ 186)، منح الجليل (1/ 174)، حاشية الدسوقي (1/ 173، 174)، مواهب الجليل (1/ 347)، الشرح الصغير (1/ 312).
وانظر في مذهب الشافعية: المهذب (1/ 45)، المجموع (2/ 156)، الوسيط الغزالي (1/ 413)، مغني المحتاج (1/ 109)، الحاوي الكبير (1/ 384).
وانظر في مذهب الحنابلة: المغني (1/ 200)، كشاف القناع (1/ 197)، المبدع 1/ 260).
(2)
المحلى (مسألة 262).
(3)
المجموع (2/ 160).
(4)
صحيح البخاري (351)، رواه مسلم (890).
• ورد عليهم بأقوال منها:
قيل: إن الأمر باعتزال الحيض المصلى للندب؛ لأن المصلى ليس بمسجد فيمتنع الحيَّض من دخوله، ونسب ابن حجر هذا القول للجمهور
(1)
.
والأصل أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم باعتزال الحائض المصلى للوجوب، ولا يصرف للندب إلا لقرينة، وأما قولهم إن مصلى العيد ليس بمسجد فهذه مسألة محل نزاع
(2)
ولا يكفي هذا صارفًا للأمر من الوجوب إلى الندب.
وقيل: إن اعتزال الحيَّض المصلى إنما هو حال الصلاة ليتسع على النساء الطاهرات مكان صلاتهن ثم يختلطن بهن، ورجحه ابن رجب
(3)
.
وهذا الافتراض لا دليل عليه من اللفظ، فإن الأمر باعتزال المصلى مطلق وليس مقيدًا بحال الصلاة، وتقييد ما أطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجوز إلا بدليل.
وقيل: المراد بالمصلى هنا الصلاة نفسها لدليلين:
(1820 - 280) الأول: أن مسلمًا أخرجه من طريق هشام، عن حفصة بنت سيرين:
عن أم عطية قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق، والحيَّض، وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين. قالت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب. قال: لتلبسها أختها من جلبابها
(4)
.
(1)
الفتح (324).
(2)
قال ابن رجب في شرحه للبخاري (2/ 141): «قد قيل: بأن مصلى العيدين مسجد، فلا يجوز للحائض المكث فيه، وهو ظاهر كلام بعض أصحابنا، منهم ابن أبي موسى في شرح الخرقي، وهو أيضًا أحد الوجهين للشافعية» .
ثم قال أيضًا: «وقيل: إن المصلى يكون له حكم المساجد في يوم العيدين خاصة، في حال اجتماع الناس فيه دون غيره من الأوقات
…
» إلخ كلامه رحمه الله.
(3)
شرح ابن رجب للبخاري (2/ 142).
(4)
صحيح مسلم (12/ 890) الحديث رواه محمد بن سيرين وحفصة بنت سيرين عن أم عطية:
فقد رواه أيوب كما في البخاري (324، 974) ومسلم (10/ 890)، ويزيد بن إبراهيم كما عند البخاري (351)، وابن عون كما في البخاري (981) ثلاثتهم عن محمد بن سيرين عن أم عطية بالأمر باعتزال المصلى. لم يختلف على محمد في ذكر المصلى.
وروته حفصة عن أم عطية، واختلف على حفصة في لفظه .. فرواه عنها أيوب كما في البخاري (980) بالأمر باعتزال المصلى كما هي رواية محمد بن سيرين.
ورواه عاصم الأحول عنها، كما في البخاري (97)، ومسلم (890) وفيه:(أن يكن خلف الناس).
ورواه هشام، عن حفصة بالأمر باعتزال الصلاة كما في رواية مسلم (890) والله أعلم.
فقال: (يعتزلن الصلاة)، فعلم أن المراد باعتزال المصلى، الصلاة نفسها.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون بالفضاء، وليس بالمسجد، فإذا طلب منهن اعتزال المصلى علم أن المراد الصلاة.
وحتى لا يقطع الحيَّض صفوف الطاهرات، طلب منهن أن يكن خلف الصفوف.
(1821 - 281) فقد رواه البخاري، من طريق عاصم الأحول عن حفصة،
عن أم عطية قالت: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد، حتى نخرج البكر من خدرها، حتى نخرج الحيض فيكن خلف الناس، فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته.
هذا لفظ البخاري، وأخرجه مسلم عدا قوله:(يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته) فقد انفرد بها البخاري
(1)
.
وكون الحيض خلف الناس لا يلزم منه أن يكن خارج المصلى.
والحقيقة أن هذا الحديث محتمل، فيحتمل أن الأمر باعتزال المصلى المقصود به الصلاة
…
كما ورد عند مسلم، وهذا يرجحه أن المصلى على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن مسجدًّا، بل كان في الصحراء، فلا يكون له حكم المسجد.
(1)
صحيح البخاري (971) ومسلم (11/ 890).