الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثالث:
قالوا: إن من شرط الاعتكاف أن تكون المرأة صائمة، والحائض ليس عليها صيام
(1)
.
(1844 - 304) فقد روى أبو داود من طريق عبد الرحمن يعني -ابن إسحاق- عن الزهري، عن عروة،
عن عائشة أنها قالت: السنة على المعتكف أن لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع.
قال أبو داود غير عبد الرحمن لا يقول فيه: قالت: السنة. قال أبو داود جعله قول عائشة.
= وقد ذكر ابن رشد في البداية (5/ 252) أن ابن لبابة ذهب إلى صحة الاعتكاف في غير المسجد مطلقًا للرجال والنساء. لأن قوله تعالى (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) ليس دليل خطاب، وإنما نهي عن المباشرة إذا كان الاعتكاف في المسجد، فأما إذا كان الاعتكاف في غير المسجد فله حكم آخر.
وأما المرأة فقد اختلفوا في اشتراط اعتكافها أن يكون في مسجد، فذهب الحنفية إلى جواز اعتكافها في غير مسجد، بل قالوا: إن مسجد بيتها أفضل لها، قال في بدائع الصنائع (2/ 113):«وأما المرأة فذكر في الأصل أنها لا تعتكف إلا في مسجد بيتها، ولا تعتكف في مسجد جماعة، وروى الحسن، عن أبي حنيفة أن للمرأة أن تعتكف في مسجد الجماعة، وإن شاءت اعتكفت في مسجد بيتها، ومسجد بيتها أفضل لها من مسجد حيها» . اهـ
وهذه مسألة تخص باب الاعتكاف، لكن أحببت أن أشير إلى أنها ليست محل وفاق، وإن كان الراجح عندي وجوب كون الاعتكاف في مسجد.
(1)
وهو مذهب الحنفية والمالكية يشترطون الصوم للاعتكاف. انظر بدائع الصنائع (2/ 109) مختصر الطحاوي (ص 57)، المبسوط (3/ 115)، الهداية (1/ 132). بخلاف الشافعية والحنابلة فإنهم يصححون الاعتكاف ولو بدون صوم. انظر مغني المحتاج (1/ 449)، الوجيز (1/ 106)، مختصر المزني (ص: 60).
[ضعيف مرفوعًا، ورجح البيهقي أن يكون من كلام الزهري أو عروة]
(1)
.
(1)
رواه أبو داود في السنن (2473)، ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي (4/ 321)، وقال: قد ذهب كثير من الحفاظ إلى أن هذا الكلام من قول من دون عائشة، وأن من أدرجه في الحديث وهم فيه، فقد رواه سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن عروة: قال المعتكف لا يشهد جنازة، ولا يعود مريضًا، ولا يجيب دعوة، ولا اعتكاف إلا بصيام، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة.
وعن ابن جريج، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب أنه قال: المعتكف لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة.
قلت: رواية ابن جريج عن الزهري، رواها الدارقطني (2/ 201) من طريق القاسم بن معن، ومن طريق حجاج، كلاهما، عن عبد الملك بن جريج، عن محمد بن شهاب، عن سعيد بن المسيب، وعن عروة بن الزبير، عن عائشة أنها أخبرتاهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان، حتى توفاه الله، ثم اعتكفن أزواجه من بعده، وأن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان، ولا يتبع جنازة، ولا يعود مريضًا، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة، ويأمر من اعتكف أن يصوم.
قال الدارقطني: يقال: إن قوله وإن السنة للمعتكف إلى آخره ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه من كلام الزهري، ومن أدرجه في الحديث فقد وهم. اهـ وقد صرح ابن جريج بالتحديث في طريق حجاج.
وقال البيهقي في المعرفة (6/ 395): وقد أخرج البخاري ومسلم صدر هذا الحديث -يعني حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان
…
الحديث. إلى قوله والسنة في المعتكف أن لا يخرج، ولم يخرجا الباقي لاختلاف الحفاظ فيه: فمنهم من زعم أنه من قول عائشة ومنهم: من زعم أنه من قول الزهري، ويشبه أن يكون من قول من دون عائشة؛ فقد رواه سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن عروة، قال: المعتكف لا يشهد جنازة، ولا يعود مريضًا، ولا يجيب دعوة، ولا اعتكاف إلا بصيام، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع. اهـ.
وقال البيهقي: (4/ 319): «روى أبو بكر الحميدي، عن عبد العزيز بن محمد، عن أبي سهيل ابن مالك: قال اجتمعت أنا ومحمد بن شهاب عند عمر بن عبد العزيز، وكان على امرأتي اعتكاف ثلاث في المسجد الحرام، فقال ابن شهاب: لا يكون اعتكاف إلا بصوم، فقال عمر بن عبد العزيز: أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا. قال: فمن أبي بكر؟ قال: لا. قال: فمن عمر؟ قال: لا. قال: فمن عثمان؟ قال: لا. قال أبو سهيل: فانصرفت، فوجدت طاوسا وعطاء فسألتهما عن ذلك فقال طاوس: كان ابن عباس لا يرى على المعتكف صيامًا إلا أن يجعله على نفسه وقال عطاء ذلك رأي. هذا هو الصحيح موقوف، ورفعه وهم، وكذلك رواه عمرو بن زرارة، عن عبد العزيز موقوفًا، وهو فيما أنبأني أبو عبد الله إجازة، أن أبا الوليد أخبرهم، ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه، حدثنا عمرو بن زرارة، حدثنا عبد العزيز، فذكره موقوفًا مختصرًا، قال: فقال: كان ابن عباس لا يرى على المعتكف صومًا. وقال عطاء: ذلك رأي. اهـ
قد ساقه البيهقي بإسناده مرفوعًا، وحكم بوهمه. وصحح الموقوف عن ابن عباس.
الشاهد من الحديث: قوله «ولا اعتكاف إلا بصوم» ، والحديث لا حجة فيه مع ضعفه، وقد جاء في الصحيح ما يشهد لصحة الاعتكاف بدون صوم.
(1845 - 305) فقد روى البخاري من طريق عبيد الله، أخبرني نافع، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما:
أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. قال: فأوف بنذرك. ورواه مسلم
(1)
.
قال ابن قدامة: «لو كان الصوم شرطًا لما صح اعتكاف الليل؛ لأنه لا صيام فيه»
(2)
.
والراجح أن الليلة تطلق، ويراد بها اليوم، ويطلق اليوم وتدخل الليلة، ولذلك رواه مسلم، بلفظ اليوم.
(1846 - 306)، فقد رواه مسلم من طريق أيوب، أن نافعًا حدثه، أن عبد الله ابن عمر حدثه،
أن عمر بن الخطاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة بعد أن رجع من الطائف، فقال: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوما في المسجد الحرام، فكيف ترى. قال: اذهب فاعتكف يومًا
…
الحديث
(3)
. وقال تعالى في سورة آل عمران: (قَالَ آيَتُكَ أَلَاّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَاّ رَمْزاً)[آل عمران: 41].
(1)
صحيح البخاري (2032)، ومسلم (1656).
(2)
المغني (4/ 459، 460).
(3)
صحيح مسلم (1656).