الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وعللوا هذا الاستثناء:
بأن غسل الميت تعبد، وليس عن حدث، لأنه لو كان حدثًا لم يرتفع مع بقاء سببه كالحائض لا تغتسل مع جريان الدم، وليس غسل الميت عن نجاسة، لأنه لو كان عنه لم يطهر مع بقاء سبب التنجيس، وهو الموت، وكون الوضوء مستحبًا في حق الميت.
(1656 - 118) لما رواه البخاري من طريق خالد، عن حفصة بنت سيرين، عن
أم عطية، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم لهن في غسل ابنته:
ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها. ورواه مسلم
(1)
.
•
دليل من قال لا يجب غسل أعضاء الوضوء مرة أخرى:
استدلوا بدليلين: أثري ونظري.
(1657 - 119) أما الأثر ففيما رواه البخاري من طريق هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل، ثم يخلل بيديه شعره، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته، أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده
(2)
.
وقد قدمت أن كلمة: (سائر جسده) تعني: بقية جسده.
الدليل الثاني:
قد يستدل له بأنه لا يمكن رفع الحدث الأصغر والأكبر باق، وعليه فتكون نيته في الوضوء، هي نية الغسل، وإنما بدأ بمواضع الوضوء لشرفها، وإذا كانت نيته هي الغسل لم يحسن تكرار غسل مواضع الوضوء؛ لأن الحدث قد ارتفع عنها، ولا يشرع التكرار إلا في حق الرأس. والفرق بين أن يتوضأ بنية رفع الحدث الأصغر، وبين أن يغسل أعضاء الوضوء بنية الغسل أنه لو أحدث أثناء الوضوء فمن قال: يتوضأ بنية
(1)
البخاري (167) ومسلم (939).
(2)
رواه البخاري (272) واللفظ له، ومسلم (316).
رفع الحدث عليه أن يعيد الوضوء إذا أراد أن يأتي بسنة الوضوء، أما من قال: أنه مجرد تقديم أعضاء الوضوء لشرفها، والنية هي نية الغسل فإنه لو أحدث في أثنائه بنى.
قال النووي: «لم يذكر الجمهور ماذا ينوي بهذا الوضوء، قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: لم أجد في مختصر ولا مبسوط تعرضًا لكيفية نية هذا الوضوء إلا لمحمد بن عقيل الشهرزوري فقال: يتوضأ بنية الغسل، قال: إن كان جنبًا من غير حدث أصغر فهو كما قال
(1)
، وإن كان جنبًا محدثًا كما هو الغالب، فينبغي أن ينوي هذا بوضوئه هذا رفع الحدث الأصغر، لأنا إن أوجبنا الجمع بين الوضوء والغسل فظاهر، لأنه لا يشرع وضوءان، فيكون هذا هو الواجب، وإن قلنا بالتداخل كان فيه خروج من الخلاف»
(2)
.
وقال ابن الحاجب المالكي في جامع الأمهات: «ويجزئ الغسل عن الوضوء، والوضوء عن غسل محله» .
قال خليل في التوضيح شارحًا هذه العبارة: «ويجزئ
…
الوضوء عن غسل محله، ما لو توضأ، ثم ذكر أنه جنب، أنه لا يلزمه أن يأتي في غسله على أعضاء الوضوء، وقد نص اللخمي على ذلك أيضًا»
(3)
.
وقال اللخمي في التبصرة: «ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، وينوي الجنابة، وإن نوى الوضوء أجزأه»
(4)
.
(1)
قد ضرب النووي للجنب من غير حدث صورًا أشهرها:
أن ينزل المتطهر المني من غير مباشرة تنقض الوضوء، بنظر أو استمناء، أو مباشرة فوق حائل، أو في النوم قاعدًا، فهذا جنب لا خلاف، وليس محدثًا على المذهب الصحيح المشهور، الذي قطع به الجمهور.
(2)
المجموع (2/ 211).
(3)
التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 179)، وقال اللخمي في التبصرة (1/ 140):«ولو توضأ ثم تذكر أنه جنب أجزأه أن يبني على المغسول من وضوئه» .
(4)
التبصرة (1/ 121).