الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: بل تحيض، وهو مذهب المالكية
(1)
، والشافعية في الجديد
(2)
، ورواية عن أحمد، بل حكي أنه رجع إليه
(3)
.
-
أدلة من قال: الحامل لا تحيض:
(1563 - 25) روى الدارقطني، قال: أخبرنا أبو محمد بن صاعد، أخبرنا عبد الله بن عمران العائذي بمكة، أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن مسلم الجندي، عن عكرمة عن ابن عباس قال:
نهى صلى الله عليه وسلم أن توطأ حامل حتى تضع أو حائل حتى تحيض.
قال لنا ابن صاعد: وما قال لنا في هذا الإسناد أحد عن ابن عباس إلا العائذي
(4)
اهـ يعني أنه انفرد بوصله وغيره يرسله.
[صحيح بمجموع طرقه]
(5)
.
(1)
الموطأ (1/ 60)، المدونة (1/ 155)، التمهيد (فتح البر)(3/ 497)، الاستذكار (3/ 197)، القوانين الفقهية (ص: 31)، الخرشي (1/ 205)، مختصر خليل (ص: 19)، المنتقى للباجي (1/ 120)، الشرح الصغير (1/ 211)، حاشية الدسوقي (1/ 169)، مواهب الجليل (1/ 369)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (1/ 134)، منح الجليل (1/ 168).
(2)
المجموع (2/ 411)، روضة الطالبين (1/ 174)، مغني المحتاج (1/ 118، 119)، نهاية المحتاج (1/ 355)، المبسوط لابن المنذر (2/ 238)، حاشية القليوبي وعميرة (1/ 108).
(3)
قال ابن تيمية في الاختيارات (ص: 30): «الحامل قد تحيض، وهو مذهب الشافعي، وحكاه البيهقي رواية عن أحمد، بل حكي أنه رجع إليه» .
(4)
سنن الدارقطني (3/ 257).
(5)
في هذا الحديث عمرو بن مسلم، ضعفه أحمد، وابن القطان، وقال النسائي: ليس بالقوي. واختلف فيه قول يحيى بن معين، فقال مرة: ليس بالقوي كما في رواية عباس الدوري. تهذيب الكمال (22/ 243).
وقال أخرى: لا بأس به كما في رواية إبراهيم الجندي عنه. تهذيب التهذيب (5/ 119).
وفي التقريب: صدوق له أوهام.
وقد اختلف عليه في هذا:
فرواه الدارقطني: كما في هذا الإسناد من طريق ابن عيينة، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه معمر كما في مصنف ابن أبي شيبة (17460) عن عمرو بن مسلم، عن طاووس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مناديًا
…
فذكر نحوه مرسلًا، والذي يظهر أن الوصل ليس من ابن عيينة، ولكنه من الراوي عنه، عبد الله بن عمران العائذي، ولذا نقل الدارقطني عن شيخه ابن صاعد:«قال لنا ابن صاعد: وما قال في هذا الإسناد أحد: عن ابن عباس، إلا العائذي» . يشير إلى تفرده بوصله، وأن الراجح فيه المرسل. ولم يتعقب الدارقطني شيخه كالموافق له. والعائذي له ترجمة في الجرح والتعديل (5/ 130)، قال أبو حاتم: صدوق.
فعلى هذا علة هذا الحديث هي الإرسال علة إلا أن له شواهد، منها.
الشاهد الأول: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
رواه أحمد (3/ 62) حدثنا يحيى بن إسحاق، وأسود بن عامر، قالا: أخبرنا شريك، عن أبي إسحاق وقيس بن وهب، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سبي أوطاس: لا توطأ حامل -قال أسود حتى تضع- ولا غير حامل حتى تحيض حيضة -قال يحيى: أو تستبري بحيضة.
وهذا إسناد ضعيف أيضًا من أجل شريك؛ فإنه سيء الحفظ.
وأخرجه أبو داود (2157)، والدارمي (2295)، والدارقطني (4/ 112)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 449)، والحاكم في المستدرك (2/ 195) من طريق شريك، عن قيس بن وهب وحده به. قال الحاكم: هذا حديث على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.
قلت: لا ينبغي أن يكون على شرط مسلم، فإن مسلمًا إنما أخرج لشريك مقرونًا.
وقال ابن عبد الهادي (1/ 617)، والحافظ في التلخيص (1/ 304): إسناده حسن. اهـ ولو قالا: حديث حسن لحمل على المجموع، أما أن يكون إسناده حسنًا فإن شريكًا لا يبلغ حديثه حديث الحسن لذاته.
الشاهد الثاني: رواه ابن أبي شيبة (17451) حدثنا أبو خالد الأحمر، عن داود، عن الشعبي، قال: قلت له: إن أبا موسى نهى حين فتح تستر: لا توطأ الحبالى، ولا نشارك المشركين في أولادهم، فإن الماء يزيد في الولد. أشيء قاله برأيه؟ أو شيء رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع أو غير حامل حتى تستبرأ.
إسناده حسن إلا أنه مرسل، ورجاله ثقات، إلا أبا خالد الأحمر، وثقه ابن المديني وابن سعد، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال ابن معين: صدوق، وليس بحجة، وتكلم فيه البزار، وقال الذهبي: غيره أثبت منه، وفي التقريب: صدوق يخطئ.
انظر الضعفاء للعقيلي (2/ 124)، الطبقات الكبرى (6/ 391)، الجرح والتعديل (4/ 106)، (الكامل (3/ 281)، تهذيب الكمال (11/ 394)، وتهذيب التهذيب (4/ 159). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الشاهد الثالث: روى أحمد (4/ 108) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2701) عن يحيى بن إسحاق وقتيبة بن سعيد.
ورواه أحمد (4/ 109) حدثنا حسن بن موسى، ورواه الطبراني في الكبير (4/ 402) ح 4360 من طريق سعيد بن أبي مريم، وعبد الله بن محمد الفهمي. خمستهم عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن حنش الصنعاني، عن رويفع بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لأحد -وقال قتيبة: لرجل- أن يسقي ماءه ولد غيره، ولا يقع على أمة حتى تحيض، أو يبين حملها.
وهذا الإسناد فيه ابن لهيعة إلا أن قتيبة بن سعيد ويحيى بن إسحاق ممن روى عنه قبل احتراق كتبه، فتكون روايتهما عنه أعدل من غيرها، وإن كان ابن لهيعة في نفسه لا يخلو من ضعف، انظر سير أعلام النبلاء (8/ 17)، وقد توبع ابن لهيعة.
فقد رواه محمد بن إسحاق واختلف عليه فيه:
فرواه ابن أبي شيبة في المصنف (17749) عن عبد الرحيم بن سليمان.
ورواه أحمد (4/ 108) حدثنا يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة، كلاهما (عبد الرحيم ويحيى) عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق مولى تجيب، عن رويفع بن ثابت الأنصاري.
وفي هذا الإسناد انقطاع بين أبي مرزوق وبين رويفع بن ثابت.
وخالفهما كل من:
أبو معاوية كما في مصنف ابن أبي شيبة (17750) وسنن سعيد بن منصور (2722)، وسنن أبي داود (2159)، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (2700).
وإبراهيم بن سعد كما في مسند أحمد (4/ 108)، والكبير للطبراني (5/ 27) ح 4485، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (2700).
وأحمد بن خالد كما في سنن الدارمي (2477)، والمعجم الكبير للطبراني (5/ 26) ح 4482، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (2700).
ومحمد بن سلمة كما في سنن أبي داود (2158).
وابن المبارك كما في معرفة الصحابة لأبي نعيم (2700).
وزهير بن معاوية كما في معرفة الصحابة لأبي نعيم (2700)، كلهم رووه عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق مولى تجيب، عن حنش الصنعاني، عن رويفع ابن ثابت الأنصاري.
فجعلوا بين أبي مرزوق وبين رويفع حنش الصنعاني. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهذا أرجح، فقد توبع فيه ابن إسحاق في هذا الطريق، فقد رواه ابن الجارود في المنتقى (712) والطبراني في الأوسط (3204)، والكبير (5/ 28)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2699)، والخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 91) من طريق عبد الله بن يوسف، حدثنا بكر بن مضر،
ورواه الطبراني في الكبير (5/ 26) من طريق ابن لهيعة، كلاهما عن جعفر بن ربيعة، عن أبي مرزوق، عن حنش الصنعاني، عن رويفع. وإسناد ابن الجارود رجاله كلهم ثقات.
وفيه اختلاف ثالث على ابن إسحاق:
فرواه أحمد (4/ 109) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2698)، من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، حدثني عبيد الله بن أبي جعفر المصري، قال: حدثني من سمع حنشًا الصنعاني يقول: سمعت رويفع بن ثابت الأنصاري، يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبتاعن ذهبًا بذهب إلا وزنًا بوزن، ولا ينكح ثيبًا من السبي حتى تحيض.
وهذا الإسناد ضعيف لإبهام في إسناده. وفيه اختلاف رابع على ابن إسحاق.
فقد روى البزار في مسنده (2314) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الحسن، عن رويفع.
فأسقط من الحديث أبا مرزوق، وأبدله بأبي الحسن. وأبو الحسن هذا مجهول.
وقد رواه الترمذي (1131) وابن حبان (4850) من طريق ابن وهب، عن يحيى بن أيوب، عن ربيعة بن سليم، عن بسر بن عبيد الله، عن رويفع. وهذا إسناد رجاله ثقات إلا يحيى بن أيوب فإنه صدوق يخطئ، وقد تفرد بهذا الطريق.
قال الترمذي: هذا حديث حسن. اهـ والحسن عند الترمذي هو الضعيف إذا روي من غيره وجه.
وربيعة بن سليم قيل هو أبو مرزوق، وقيل: أبو مرزوق اسمه حبيب بن الشهيد، فإن كانا واحدًا فهذا اختلاف على أبي مرزوق، فتارة يحدث به عن حنش الصنعاني، عن رويفع، وتارة يحدث به عن رويفع مباشرة بلا واسطة، وكلا الطريقين رواهما ابن إسحاق.
وتارة يحدث به عن بسر بن عبيد الله، عن رويفع، وهذا الطريق انفرد به يحيى بن أيوب، وهو صدوق يخطئ.
لهذا أجد أرجح الطرق عن ابن إسحاق ما تابع فيه الحارث بن يزيد، وجعفر بن ربيعة، حيث رواه الحارث ولم يختلف عليه فيه عن حنش الصنعاني، عن رويفع، وكذا رواه جعفر بن ربيعة، عن أبي مرزوق، عن حنش الصنعاني به.
وهي رواية الجماعة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق، عن حنش الصنعاني به، فيكون المحفوظ من حديث رويفع ما رواه الحارث وأبو مرزوق، عن حنش =
وجه الاستدلال:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل وجود الحيض علمًا على براءة الرحم، ولو كانت الحامل تحيض ما جاز وطؤها بمجرد الحيض.
وأجيب:
(1)
.
وقال ابن القيم: «النبي صلى الله عليه وسلم قسم النساء إلى قسمين:
حامل، فعدتها وضع الحمل، وحائل، فعدتها بالحيض.
ونحن قائلون بموجب هذا، غير منازعين فيه، ولكن أين فيه ما يدل على أن ما تراه الحامل من الدم على عادتها تصوم وتصلي، هذا أمر آخر لا تعرض للحديث به. ولهذا يقول القائل بأن دمها دم حيض هذه العبارة بعينها، ولا يعد هذا تناقضًا ولا خللًا في العبارة.
وقال أيضًا: قولكم إنه جعله دليلًا على براءة الرحم من الحمل في العدة والاستبراء. جعله دليلًا ظاهرًا أو قطعيًّا؟
الأول: صحيح. والثاني: باطل؛ فإنه لو كان دليلًا قطعيًا لما تخلف عن مدلوله،
= الصنعاني، عن رويفع، وما عدا ذلك يكون شاذًّا، والله أعلم.
وطريق جعفر بن ربيعة إسناد رجاله كلهم ثقات، فيكون صحيحًا، وطريق الحارث فيه ابن لهيعة كما قد علمت، فيكون الحديث قد صح من رواية حنش الصنعاني، وبه يتقوى حديث ابن عباس، وحديث أبي سعيد، ومرسل الشعبي، وقد ذكر الحافظ في التلخيص شواهد أخرى ضعيفة ارجع إليها (1/ 304). والله أعلم.
(1)
فتح البر بترتيب التمهيد (3/ 498، 499).