الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: ليس بحيض، وهو قول أبي سعيد الاصطخري من الشافعية، وبه يقول كل من يرى أن الصفرة والكدرة ليست حيضًا مطلقًا كالظاهرية.
وثالثها لا يلتفت إليه حتى يتكرر مرتين أو ثلاثًا، وهو قول الإمام أحمد
(1)
.
وقيل: الصفرة حيض، وأما الكدرة فليست بحيض إلا أن يتقدمها دم، وهذا هو اختيار أبي يوسف من الحنفية
(2)
.
هذا ملخص الأقوال في المسألة.
دليل من قال: الصفرة والكدرة حيض مطلقًا:
الدليل الأول:
قوله تعالى: (حَتَّى يَطْهُرْنَ)[البقرة: 222].
والمرأة التي ينزل منها الكدرة والصفرة لم تطهر بعد.
الدليل الثاني:
(1613 - 75) استدلوا بما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: كنا في حجرها مع بنات ابنتها، فكانت إحدانا تطهر، ثم تصلي، ثم تنكس بالصفرة اليسيرة، فتسألها، فتقول: اعتزلن الصلاة ما رأيتن ذلك، حتى لا ترين إلا البياض خالصًا.
[حسن]
(3)
.
(1)
فتح الباري لابن رجب (2/ 127).
(2)
المبسوط السرخسي (3/ 150)، بدائع الصنائع (1/ 39)، تبيين الحقائق (1/ 55).
(3)
المصنف (1/ 90) رقم 1008 سنده حسن، رجاله كلهم ثقات إلا ابن إسحاق فإنه صدوق، وقد صرح بالتحديث عند الدارمي (861) وعند ابن المنذر في الأوسط (2/ 234).
وقد رواه ابن أبي شيبة (1008) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 336) عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى. =
وجه الاستدلال:
أن أسماء رضي الله عنها أمرتهن باعتزال الصلاة من الصفرة، ولو كانت بعد الطهر والاغتسال حتى ولو كانت الصفرة يسيرة.
وأجيب:
بأن هذا مخالف لما روي عن عائشة، وعلي بن أبي طالب، وأم عطية، بل ظاهر كلام أم عطية أن له حكم الرفع كما سيأتي تقريره. وقد يفسر قولها:(كانت إحدانا تطهر) أي تطهر بالجفاف لا برؤية البياض، فكانت الواحدة منهن إذا طهرت بالجفاف اغتسلت
= والدارمي (861): من طريق يزيد بن زريع، وابن المنذر في الأوسط (2/ 234) من طريق زهير، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، قال: حدثتني فاطمة بنت المنذر به، وقد أنكر هشام بن عروة زوج فاطمة بنت المنذر أن يكون ابن إسحاق سمع من زوجته شيئًا. وقال هشام: أهو كان يدخل على امرأتي.
وجاء في الميزان (3/ 471) من أبي بشر الدولابي، ومحمد بن جعفر بن يزيد، حدثني أبو داود سليمان بن داود، قال: قال يحيى القطان: أشهد أن محمد بن إسحاق كذاب، قلت: وما يدريك؟ قال: قال لي وهيب، فقلت لوهيب: وما يدريك؟ قال: قال لي مالك بن أنس. فقلت لمالك: وما يدريك؟ قال: قال لي هشام بن عروة. قال: قلت لهشام بن عروة: وما يدريك؟ قال: حدث عن امرأتي فاطمة بنت المنذر، وأدخلت علي وهي بنت تسع، وما رآها رجل حتى لقيت الله تعالى.
قال الذهبي في الميزان (3/ 471): «وهذا غلط بين، ما أدري ممن وقع من رواة الحكاية، فإنها أكبر من هشام بثلاث عشرة سنة، ولعلها ما زفت إليه إلا وقد قاربت بضعًا وعشرين سنة، وأخذ عنها ابن إسحاق وهي بنت بضع وخمسين سنة أو أكثر» . اهـ
قلت: اتهامه بالكذب من أجل هذه القصة فيه جناية، وقد صرح بالتحديث، وقد عرف بالتدليس، وقد قال عنه شعبة: ابن إسحاق إمام من أئمة المسلمين.
قال الذهبي: وما يدري هشام بن عروة، فلعله سمع منها في المسجد، أو سمع منها وهو صبي، أو دخل عليها فحدثته من وراء حجاب، فأي شيء في هذا، وقد كانت امرأة قد كبرت وأسنت.
وقال أيضًا: «أفبمثل هذا يعتمد على تكذيب رجل من أهل العلم» . اهـ. ثم إنه ليس الرجل الوحيد الذي روى عنها، فقد ذكر المزي في تهذيبه ممن روى عنها محمد بن سوقة.
فإسناده حسن، ولا يلتفت لما قيل.