الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هناك أصل جامع. وهذا الغلو في القياس هو الذي فتح الباب للجمود على ظاهر النصوص، وعدم قبول القياس الصحيح.
وبقي في مذهب مالك ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها تقعد إلى تمام الخمسة عشر يومًا، ثم تغتسل، وتصلي، وتكون مستحاضة، وهذا القول مبني على أن أكثر الحيض خمسة عشر يومًا فما زاد فهو استحاضة، وقد أوضحت خلاف العلماء في أكثر الحيض، وأدلتهم في مسألة مستقلة، فارجع إليها إن شئت.
الثاني: أنها تقعد أيامها المعتادة، ثم تغتسل وتصلي، وتكون مستحاضة من غير استظهار، وهذا قول محمد بن مسلمة.
دليل هذا القول:
قوله في الحديث الصحيح: (اجلسي قدر ما كانت تحبسك حيضتك).
وبناء عليه فالعادة عنده لا تقبل الزيادة، والمرأة مأمورة إذا زادت عادتها أن تجلس قدر عادتها، وما زاد فهو استحاضة.
ويجاب:
بأن هذا الحديث في امرأة ثبت أنها استحاضت، لا في امرأة زادت عادتها فقط، فالعادة كما أنها عرضة للنقص، فهي عرضة للزيادة.
الثالث: أنها تقعد أيامها المعتادة، ثم تغتسل، وتصلي، وتصوم، ولا يأتيها زوجها، فإن انقطع عنها الدم ما بينها وبين خمسة عشر يومًا، علم أنها حيضة، وانتقلت إليها، ولم يضرها ما صامت، ولا ما صلت. يريد: وتغتسل عند انقطاعه.
وإن تمادى بها الدم على خمسة عشر يومًا علم أنها كانت مستحاضة، وأن ما مضى من الصلاة والصيام كان في موضعه.
وجه هذا القول:
أن هذه الزيادة لا يعلم هل هي حيض أو استحاضة؟ فتجلس قدر عادتها، ثم تصلي، فإن انقطع لأقل من خمسة عشر يومًا، أعادت الصيام الواجب الذي صامته؛ لأنه تبين أن الدم حين انقطع لأقل الحيض أنها صامت وهي حائض، وإن تجاوز الدم خمسة عشر يومًا، حكمنا بأن ما زاد على عادتها كانت مستحاضة.
وهذا قول ضعيف؛ لأنه يوجب على المرأة الصيام مرتين، فمن صام وامتثل الأمر الشرعي بحسب طاقته فلا يلزم بالإعادة، ولم يوجب الله سبحانه وتعالى صيام يوم مرتين.
هذه ملخص الأقوال في مذهب المالكية، وقد ساقها ابن رشد في المقدمات
(1)
.
القول الثالث: مذهب الشافعية
(2)
.
إذا كانت للمرأة عادة، دون خمسة عشر يومًا، فرأت الدم وجب عليها الإمساك، كما تمسك عنه الحائض لاحتمال الانقطاع قبل مجاوزة خمسة عشر يومًا، ويكون الجميع حيضًا.
قال النووي في المجموع: «ولا خلاف -يعني في المذهب- في وجوب هذا الإمساك، ثم إن انقطع من خمسة عشر يومًا، فما دونها، فالجميع حيض، وإن جاوز خمسة عشر يومًا، علمنا أنها مستحاضة، فترد إلى عادتها، فتغتسل بعد الخمسة عشر يومًا، فتقضي صلاة ما زاد على عادتها، وإن استمر بها الدم في الشهر الثاني، وجاوز العادة اغتسلت عند مجاوزة العادة، لأننا علمنا في الشهر الأول أنها مستحاضة
(3)
.
وهذا القول جيد، إلا أن تحديده بخمسة عشر يومًا ضعيف؛ لأنه مبني على أن
(1)
المقدمات (1/ 130).
(2)
المجموع (2/ 440، 442).
(3)
المجموع (2/ 440، 442).