الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أبو حاتم: له أحاديث مناكير.
وأما مسعدة البصري: فهو ابن اليسع، خرق أحمد بن حنبل أحاديثه، وتركه. وقال أبو حاتم: إنه يكذب على جعفر بن محمد»
(1)
. فهو إسناد مظلم.
الدليل السادس:
حديث عمرو بن حزم، وهو حديث طويل، من كتاب كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن، وسنذكره بطوله لنرى ما توبع فيه مما انفرد به.
(1763 - 224) فقد روى ابن حبان من طريق الحكم بن موسى، قال: حدثنا يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، حدثني الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم، عن أبيه،
عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات، وبعث به مع عمرو بن حزم، فقرئت على أهل اليمن، وهذه نسختها:
من محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال، والحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قَيْلِ
(2)
ذي رعين ومعافر وهمدان أما بعد.
فقد رجع رسولكم، وأعطيتم الغنائم خمس الله، وما كتب الله على المؤمنين من العشر في العقار، وما سقت السماء أو كان سيحًا أو بعلًا ففيه العشر إذ بلغ خمسة أوسق، وما سقي بالرشاء والدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق. وفي كل خمس من الإبل سائمة شاة إلى أن تبلغ أربعًا وعشرين فإذا زادت واحدةً على أربع وعشرين ففيها ابنة مخاض، فإن لم توجد بنت مخاض، فابن لبون ذكر إلى أن تبلغ خمسًا وثلاثين، فإذا زادت على خمس وثلاثين ففيها ابنة لبون إلى أن تبلغ خمسًا وأربعين، فإذا زادت على خمس وأربعين ففيها حقة طروقة إلى أن تبلغ ستين، فإن زادت على ستين
(1)
بيان الوهم والإيهام (3/ 466).
(2)
لقب الملك من ملوك حمير.
واحدة ففيها جذعة إلى أن تبلغ خمسة وسبعين، فإن زادت على خمس وسبعين واحدة ففيها ابنتا لبون إلى أن تبلغ تسعين فإن زادت على تسعين واحدة ففيها حقتان طروقتا الجمل إلى أن تبلغ عشرين ومئة، فما زاد ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة طروقة الجمل. وفي كل ثلاثين باقورة بقر وفي كل أربعين شاة سائمة إلى أن تبلغ عشرين ومئة فإن زادت على عشرين ومئة واحدة ففيها شاتان إلى أن تبلغ مئتين فإن زادت واحدة فثلاثة شياه إلى أن تبلغ ثلاثة مائة فما زاد ففي كل مائة شاة شاة، ولا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا عجفاء ولا ذات عوار ولا تيس الغنم، ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خيفة الصدقة، وما أخذ من الخليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية. وفي كل خمس أواق من الورق خمسة دراهم، فما زاد ففي كل أربعين درهم، وليس فيها دون خمس أواق شيء.
وفي كل أربعين دينارًا دينار، وإن الصدقة لا تحل لمحمد، ولا لأهل بيته وإنما هي الزكاة تزكى بها أنفسهم في فقراء المؤمنين، أو في سبيل الله، وليس في رقيق ولا مزرعة ولا عمالها شيء إذا كانت تؤدى صدقتها من العشر وليس في عبد المسلم ولا فرسه شيء، وإن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراك بالله، وقتل النفس المؤمنة بغير الحق، والفرار في سبيل الله يوم الزحف، وعقوق الوالدين، ورمي المحصنة، وتعلم السحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم وإن العمرة الحج الأصغر. ولا يمس القرآن إلا طاهر، ولا طلاق قبل إملاك، ولا عتق حتى يبتاع، ولا يصلين أحدكم في ثوب واحد ليس على منكبه منه شيء، ولا يحتبين في ثوب واحد ليس بينه وبين السماء شيء، ولا يصلين أحدكم في ثوب واحد وشقه باد، ولا يصلين أحدكم عاقصًا شعره، وإن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فهو قود إلا أن يرضى أولياء المقتول، وإن في النفس الدية مائة من الإبل، وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية، وفي اللسان الدية، وفي الشفتين الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي الصلب الدية، وفي العينين الدية، وفي الرجل الواحدة نصف الدية، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة
ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل، وفي كل أصبع من الأصابع من اليد والرجل عشر من الإبل، وفي السن خمس من الإبل، وفي الموضحة خمس من الإبل، وإن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار لفظ الخبر لحامد بن محمد بن شعيب.
قال أبو حاتم: سليمان بن داود هذا هو سليمان بن داود الخولاني من أهل دمشق ثقة مأمون وسليمان بن داود اليمامي لا شيء وجميعهما يرويان عن الزهري.
[ضعيف جدًّا، والصحيح أنه مرسل]
(1)
.
(1)
اختلف فيه على الحكم بن موسى:
فرواه عمرو بن منصور كما في سنن النسائي مختصرًا (4853).
وأبو داود كما في المراسيل مختصرًا (259)،
والدارمي (1621) وذكر منه ما يتعلق بالزكاة خاصة.
محمد بن يحيى وإبراهيم بن هانئ كما في سنن الدارقطني (1/ 122).
صالح بن عبد الله بن محمد بن حبيب الحافظ، كما في مستدرك الحاكم (1/ 395، 397) وعنه البيهقي (1/ 87).
وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد العبدي كما في مستدرك الحاكم (1/ 395) وعنه البيهقي (8/ 73).
وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، كما في السنن الكبرى للبيهقي (4/ 89) وفي الخلافيات (1/ 501).
الحسن بن سفيان، وأحمد بن الحسن الصوفي، وأبي يعلى، وحامد بن محمد بن شعيب، ومحمد ابن عبد الله بن عبد العزيز كما في الكامل لابن عدي (3/ 275) كلهم (عمرو بن منصور، وأبو داود، والدارمي، ومحمد بن يحيى، وإبراهيم بن هانئ، وصالح بن عبد الله، ومحمد العبدي، وأحمد الصوفي، والحسن بن سفيان، وأبي يعلى، وابن شعيب، ومحمد بن عبد الله بن عبد العزيز) رووه عن الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، عن الزهري، عن أبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده.
ورواه عبد الله بن أحمد بن حنبل كما في سنن الدارقطني (3/ 209) عن الحكم بن موسى، أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابًا له إذ وجهه إلى اليمن، فذكر بعض أحكام الديات.
وهذا الخطأ من قبل إسماعيل بن عياش، فإن روايته عن غير أهل بلده فيها ضعف.
وكما اختلف فيه على الحكم بن موسى، اختلف فيه على يحيى بن حمزة: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فرواه الحكم بن موسى، عنه، عن سليمان بن داود، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم، عن أبيه، عن جده.
وخالفه محمد بن بكار بن بلال، فرواه عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن أرقم، قال: حدثني الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم به.
فالحكم يقول: سليمان بن داود.
ومحمد بن بكار يقول: سليمان بن أرقم.
وسليمان بن داود: صدوق وسليمان بن أرقم: متروك. فأيهما أرجح؟
فبعضهم صحح أن يكون الحديث عنهما جميعًا، إلا أنهم اختلفوا في سليمان بن داود، فبعضهم يقول: خولاني، وبعضهم يقول: سليمان بن أبي داود، وبعضهم يوثقه، وبعضهم يضعفه.
وممن ضعفه يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل.
قال ابن معين في رواية ابن طهمان عنه برقم (41، 42، 43) وسليمان بن داود الشامي، روى عن الزهري حديث عمرو بن حزم، ليس هو بشيء، وسليمان بن داود اليمامي، ليس هو بشيء، ولم يتابع سليمان بن داود في حديث عمرو بن حزم أحد، وليس في الصدقات حديث له إسناد».
وقال أيضًا: سليمان بن داود ليس يعرف، ولا يصح هذا الحديث. الكامل (3/ 274).
وقال يحيى أيضًا كما في رواية عثمان بن سعيد: سليمان بن داود ليس بشيء. الجرح والتعديل (4/ 110)، الكامل (3/ 274).
وقال البخاري عن سليمان بن داود: فيه نظر. وهذا جرح شديد عنده التاريخ الكبير (4/ 10).
وقال أبو زرعة الدمشقي: عرضت على أبي عبد الله أحمد بن حنبل حديث يحيى بن حمزة في الديات، فقال: هذا رجل من أهل الجزيرة، يقال له: سليمان بن أبي داود، ليس بشيء. الكامل - ابن عدي (3/ 275).
وقال ابن عدي: رجل مجهول. المرجع السابق.
وقال محمد بن يحيى: رواه سليمان بن داود بطوله -يعني حديث الصدقات- وهو مجهول. الضعفاء للعقيلي (2/ 127).
وقال ابن خزيمة: لا يحتج به. تهذيب التهذيب (4/ 165).
وضعفه الزيلعي في نصب الراية (3/ 342).
وبعضهم حسن حديث سليمان بن داود.
قال عثمان بن سعيد: «أرجو أنه ليس كما قال يحيى بن معين، وقد روى عنه يحيى بن حمزة أحاديث حسانًا كلها مستقيمة، وهو دمشقي خولاني» . التاريخ (ص: 123، 124)، الكامل (3/ 275). وقال ابن حبان: ثقة. الثقات (6/ 387).
وقال أبو حاتم: لا بأس به، يقال: إنه سليمان بن أرقم. والله أعلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الدارقطني: لا باس به. وقال مرة ضعيف. تهذيب التهذيب (4/ 165).
وقال الحافظ في التقريب: صدوق.
وبعضهم رجح أن سليمان بن داود، وسليمان بن أرقم واحد.
قال أبو حاتم: «قد كان يحيى بن حمزة قدم العراق فيرون أن الأرقم نعت، وأن الاسم داود، ومنهم من يقول: سليمان بن داود الدمشقي، شيخ ليحيى بن حمزة، وما أظن أنه
هو». الميزان (2/ 202).
والذي يترجح لي أن الحديث حديث سليمان بن أرقم، وأن الحكم بن موسى أخطأ عندما قال: سليمان بن داود. وإليك الأدلة.
قال الحافظ ابن منده: رأيت في كتاب يحيى بن حمزة بخطه عن سليمان بن أرقم عن الزهري، هو الصواب.
وقال صالح جزرة: «حدثنا دحيم، قال: نظرت في أصل كتاب يحيى حديث عمرو بن حزم في الصدقات فإذا هو عن سليمان بن أرقم فكتب عني مسلم» . الميزان (2/ 201) وفيه فكتبت هذا الكلام عن مسلم، وهو خطأ. انظر تلخيص الحبير (4/ 35).
وقال أبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق (1/ 455): «حدثت أنه وجد في كتاب يحيى بن حمزة، عن سليمان بن أرقم، عن الزهري، ولكن الحكم بن موسى لم يضبطه» . اهـ
وفي تحفة الأشراف (8/ 147): «نسبه إلى أبي داود في المراسيل، فقال: وعن هارون ابن محمد بن بكار بن بلال، عن أبيه، وعمه، كلاهما، عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده.
وعن ابن هبيرة، قال: قرأت في أصل يحيى بن حمزة، حدثني سليمان بن أرقم بإسناده نحوه. وعن الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود، عن الزهري نحوه. قال أبو داود: هذا وَهْم من الحكم: يعني قوله: ابن داود». اهـ وانظر تهذيب التهذيب (4/ 165).
وقال أبو داود أيضًا: «لا أحدث به، وقد وهم الحكم بن موسى في قوله: سليمان بن داود وقد حدثني محمد بن الوليد الدمشقي أنه قرأه في أصل يحيى بن حمزة: سليمان بن أرقم» . تلخيص الحبير (4/ 35).
وقال أبو داود أيضًا: والذي قال: سليمان بن داود وهم فيه. المراسيل (ص: 213).
وقال النسائي بعد أن خرج في المجتبى رواية الحكم بن موسى، قال: خالفه -يعني الحكم بن موسى- خالفه محمد بن بكار بن بلال، أخبرنا الهيثم بن مروان بن الهيثم بن عمران العنسي، ثنا محمد بن بكار بن بلال، ثنا يحيى، ثنا سليمان بن أرقم، حدثني الزهري به، وساق الحديث، ثم قال: وهذا أشبه بالصواب. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال أبو الحسن الهروي: الحديث في أصل يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم غلط عليه الحكم. الميزان (2/ 201).
وقال الذهبي: ترجح أن الحكم بن موسى وَهِمَ، ولابد.
فهذا أبو الحسن الهروي، وصالح جزرة، ودحيم، والحافظ ابن مندة، وأبو الحسن الهروي،
وأبو زرعة الدمشقي، وأبو داود، والذهبي، وابن حجر، كما في التهذيب (4/ 165). كلهم يرون أن الحكم بن موسى أخطأ بذكر سليمان بن داود، وإنما هو سليمان بن أرقم كما هو في كتاب يحيى بن حمزة.
قال الحافظ ابن حجر: أما سليمان بن داود الخولاني فلا ريب في أنه صدوق، لكن الشبهة دخلت على حديث الصدقات من جهة أن الحكم بن موسى غلط في اسم والد سليمان، فقال: سليمان بن داود، وإنما هو سليمان بن أرقم.
وقال الزيلعي: «وقال بعض الحفاظ من المتأخرين ونسخة كتاب عمرو بن حزم تلقاها الأئمة الأربعة بالقبول، وهي متوارثة كنسخة عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وهي دائرة على سليمان بن أرقم، وسليمان بن داود الخولاني، عن الزهري، عن أبي بكر، عن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، وكلاهما ضعيف. بل المرجح في روايتهما سليمان بن أرقم، وهو متروك» . نصب الراية (3/ 342).
فهذه النقول تقطع الشك باليقين أن الحكم أخطأ بقوله: ابن داود. وإذا كان الحديث عن سليمان ابن أرقم فهو ضعيف جدًّا، وعلى التسليم بأن ذكر سليمان بن داود محفوظ في الحديث، فقد خولف في الزهري، خالفه من هو أحفظ منه.
فقد رواه يونس بن يزيد كما في سنن النسائي (4855)
وسعيد بن عبد العزيز كما في سنن النسائي (4856)، كلاهما عن ابن شهاب، قال: قرأت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتب لعمرو بن حزم حين بعثه على نجران وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا بيان من الله ورسوله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وكتب الآيات منها حتى بلغ: (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ). ثم كتب هذا كتاب الجراح في النفس مائة من الإبل نحوه.
ولفظ سعيد بن عبد العزيز: عن الزهري، قال: جاءني أبو بكر بن حزم بكتاب في رقعة من أدم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا بيان من الله ورسوله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فتلا منها آيات، ثم قال: في النفس مائة من الإبل، وفي العين خمسون، وفي اليد خمسون، وفي الرجل خمسون، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة فريضة، وفي الأصابع عشر عشر، وفي الأسنان خمس خمس وفي الموضحة خمس. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ويونس بن يزيد من رجال الجماعة، ومن أصحاب الزهري، وقد تابعه سعيد بن عبد العزيز، فتبين من هذا أن المعروف في كتاب ابن حزم أنه مرسل، والمسند إنما هو من طريق سليمان بن أرقم، وهو متروك.
والمرسل، تارة عن الزهري. كما تقدم.
وتارة: عن أبي بكر بن محمد، بن عمرو بن حزم.
وتارة: عن محمد بن عمرو بن حزم.
وتارة: عن عبد الله بن أبي بكر. وكلهم من التابعين.
وأما ما كان من مرسل عبد الله بن أبي بكر، فهو في الموطأ (1/ 199) ومصنف عبد الرزاق (6793)، ومسند الشافعي (347)، عن عبد لله بن أبي بكر بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: أن لا يمس القرآن إلا طاهر.
وأما مرسل أبي بكر والد عبد الله، فأخرجه مالك (1/ 849) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم، عن أبيه، أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول .. وذكر ما يتعلق بالديات. ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في مسنده (ص: 347)، والنسائي (4857) والبيهقي (8/ 73، 82).
وأخرجه الدارقطني (1/ 121) من طريق عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، قال: كان في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم ألا تمس القرآن إلا على طهر.
قال الدارقطني: مرسل، رواته ثقات.
وأخرجه الدارقطني (1/ 121) من طريق ابن إدريس، أخبرنا محمد بن عمارة، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، قال: كان في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى نجران مثله سواء.
وأخرجه الدارقطني (1/ 121) من طريق عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن عبد الله ومحمد ابني أبي بكر بن حزم، عن أبيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابًا فيه:(لا يمس القرآن إلا طاهر).
وأما مرسل محمد بن عمرو بن حزم:
فأخرجه عبد الرزاق، مختصرًا (17358) عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن محمد ابن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده.
قال ابن حجر: وجده، هو محمد بن عمرو ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يسمع منه.
ومن طريق عبدالرزاق أخرجه الدارمي (1622) وابن الجارود في المنتقى (784) وابن خزيمة (4/ 19)، والدارقطني (3/ 210).
وأخرجه البيهقي في الخلافيات (1/ 500) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أبي، =
وما ورد مسندًا لا تقوم به حجة؛ لأنه إما من رواية متروك، وأما المرسل فإسناده صحيح، ولكن المرسل من قسم الضعيف.
وبعضهم احتج به لا من جهة الإسناد، ولكن من جهة تلقي العلماء له بالقبول، قال ابن حجر: «صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمة، لا من حيث الإسناد، بل من حيث الشهرة.
فقال الشافعي في رسالته: لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عبد البر: هذا كتاب مشهور عند أهل السير، معروف ما فيه عند أهل العلم، معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد؛ لأنه أشبه التواتر في مجيئه، لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة.
وقال العقيلي: هذا حديث ثابت محفوظ إلا أنا نرى أنه كتاب غير مسموع ممن فوق الزهري.
وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم في جميع الكتب المنقولة كتابًا أصح من كتاب عمرو بن حزم هذا؛ فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم.
= عن عبد الله ومحمد ابني أبي بكر، يخبرانه، عن أبيهما (أبي بكر)، عن جدهما (محمد بن عمرو بن حزم)، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كتب هذا الكتاب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن: هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتبه لعمرو ابن حزم حين أمره على اليمن؛ كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم منها: أن لا يمس القرآن إلا طاهر.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 395) من طريق إسماعيل بن أبي أويس به، مختصرًا، بلفظ: فإذا بلغ قيمة الذهب مائتي درهم، ففي كل أربعين درهمًا درهم. اهـ ولم يذكر لفظ البيهقي.
وكونه يرسل تارة عن عبد الله بن أبي بكر، وتارة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. وتارة عن محمد بن عمرو بن حزم فهذا والله أعلم لا يضر؛ لأن الكتاب كان عندهم، وكل منهم قد حكى ما فيه.
فالراجح من حديث عمرو بن حزم أنه مرسل. وأما المسند منه فإنه من طريق سليمان بن أرقم، وهو متروك.
قال الحاكم: قد شهد عمر بن عبد العزيز وإمام عصره الزهري لهذا الكتاب بالصحة، ثم ساق ذلك بسنده إليهما»
(1)
.
وقال ابن تيمية: «قال أحمد لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه له»
(2)
.
• مناقشة هذا الكلام:
أولًا: مناقشة دعوى تلقي الناس له بالقبول، كما نقله الحافظ عن ابن عبد البر. المقصود بالناس: هم العلماء، فهي حكاية عن الإجماع.
وهل هي حكاية للإجماع بما ورد فيه من أحكام، أو الإجماع على صحة الكتاب وثبوته، ولا يلزم منه الإجماع على دلالته؛ لأنه قد يصح الدليل، وينازع في الاستدلال، كلاهما محتمل، وإن كان الراجح أن المقصود الإجماع على صحة الكتاب، ودعوى أن الكتاب متلقى بالقبول يدخلها ما يدخلها.
ثانيًا: إثبات هذا التلقي؛ فإن كثيرًا من الفقهاء قد يدّعون في أحاديث أنها متلقاة في القبول، وعند التمحيص لا تثبت هذه الدعوى، ولم أر البخاري ومسلمًا قد خرجا في صحيحيهما أحاديث اعتمادًا على تلقي الناس لها بالقبول، وإنما المعتمد هو الإسناد، وقد ضعف هذا المرسل داود الظاهري، وابن حزم، وابن المنذر، وخلافهم معتبر، وهو يبطل دعوى الإجماع؛ لأنهم من جملة المؤمنين الداخلين في قوله تعالى:(وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً)[النساء: 115]، هذا إن كانت دعوى الإجماع على صحة الكتاب، وإن كانت دعوى الإجماع على ما ورد فيه من أحكام؛ فإن الخلاف في مس المصحف محفوظ من لدن التابعين إن لم يكن من لدن الصحابة.
ثالثًا: عبارة ابن عبد البر في التمهيد تختلف عن العبارة التي نقلها الحافظ، فقد
(1)
تلخيص الحبير (4/ 36).
(2)
مجموع الفتاوى (21/ 266).
قال ابن عبد البر: «والدليل على صحة كتاب عمرو بن حزم تلقي جمهور العلماء له بالقبول
…
.» إلخ
(1)
وفرق بين قوله: «تلقي الناس له بالقبول» ، وبين قوله:«تلقي جمهور العلماء .. » فإن اللفظ الثاني يثبت أن التلقي ليس من كافة العلماء، وإنما هو من جمهورهم.
رابعًا: على فرض أن دعوى التلقي بالقبول مسلم؛ فإن مسألة مس المصحف مستثناة، أرأيت الصحيحين قد قال بعض أهل العلم: إن أهل العلم قد تلقاهما الناس بالقبول، ومع ذلك لا يدخل في هذا التلقي ما تكلم فيه الأئمة كالدارقطني وغيره.
فإذا كنا نستثني الأحاديث التي تكلم فيها العلماء من هذا التلقي، استثنينا أيضًا مس المصحف من ثبوت التلقي لثبوت النزاع فيها؛ إذا لا يمكن إثبات الإجماع وضده في آن واحد، فإن قال قائل: لا يمكن أن نحتج بهذا المرسل في الدماء والأموال، ثم لا يحتج به في هذه المسألة، التي هي أهون بكثير من انتهاك مال المسلم أو دمه، بل قد انعقد الإجماع على استحباب الطهارة لمس المصحف.
• فالجواب:
أن ما يتعلق بالأموال والدماء ليس الاعتماد على هذا المرسل، بل الاعتماد على أحاديث أخرى ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
(1)
التمهيد، كما في فتح البر (3/ 557).
(2)
ففي الصدقات كل ما ورد في رسالة عمرو بن حزم، قد جاء مسندًا من حديث أبي بكر عند البخاري (1454) وأحمد (1/ 11 - 12) وأبو داود (1567) والنسائي (5/ 18) ومسند أبي يعلى (127).
ومن مسند عمر في مسند أبي يعلى (125) إلا أنه عن نافع، أنه قرأ كتاب عمر، فهو وجادة، ورجاله ثقات.
وحديث ابن عمر عند أبي داود (1568) والترمذي (621) الدارمي (1620)، والحاكم (1/ 392) والبيهقي (4/ 88) من طريق سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، ابن عمر. وهو صالح في الشواهد.
وحديث ابن مسعود، عند أحمد (1/ 411) والترمذي (622) وابن ماجة (1804). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وحديث معاذ بن جبل، عند أحمد (5/ 230، 233، 240) وعبد الرزاق (6841)
وأبي داود (1576، 1577، 1578) والترمذي (623) والنسائي (5/ 26) وابن ماجه (1803) والدارمي (1624)، والبيهقي (4/ 98)، والحاكم (1/ 398)، وابن خزيمة (4/ 19). هذا فيما يتعلق بالصدقات.
وأما نفي الزكاة في العبد والفرس، فهو في البخاري (1463)، ومسلم (982) من حديث أبي هريرة. وكون الصدقة لا تحل لمحمد، ولا لآل محمد، جاء عند مسلم من حديث أبي هريرة (1072) من حديث طويل.
ويشهد للسبع الموبقات، وأكبر الكبائر حديث أبي هريرة عند البخاري (2766) ومسلم (89). وأما قوله: لا طلاق قبل إملاك، ولا عتق حتى يبتاع، فقد جاء من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده. عند أبي داود، في الطلاق (2190) والترمذي (1181) وابن ماجه (2047) وأما قوله:(لا يصلين أحدكم في ثوب واحد، وشقه باد) فقد جاء من حديث أبي هريرة عند البخاري (359) ومسلم (1876).
ويشهد للعقص في الصلاة حديث ابن عباس في مسلم (492) وحديث أبي رافع، عند عبد الرزاق (2/ 183، 184) ح 2990، 2991. وأبي داود (646) والترمذي (384) وابن ماجه (1042) والبيهقي (2/ 109) وابن خزيمة (911).
وبالنسبة للدماء، فيشهد له حديث عبد الله بن عمرو، عند أحمد (164، 166)، وأبي داود (4547، 4548) والنسائي (8/ 40) والدارقطني (3/ 104) والبيهقي (8/ 68) وابن ماجه (2627).
وحديث ابن عمر عند عبد الرزاق (9/ 281) 17212، وأحمد (2/ 36) وأبي داود (4549) والدارقطني (3/ 105)، والبيهقي (8/ 68) والحديثان في دية قتل شبه العمد. وحديث أبي موسى الأشعري في دية الأصابع عند أحمد (4/ 314، 403، 404) وأبي داود (4556، 4557) والنسائي (8/ 56) والدارمي (2369)، وابن حبان كما في الموارد (1527)،
وأبي يعلى (7334، 7335) وفيهما حديث عمر عند البزار (261) عن عمر رفعه: في الأنف إذا استوعب جدعه الدية، وفي العين خمسون، وفي اليد خمسون، وفي الرجل خمسون، وفي الجائفة ثلث، وفي المنقله خمس عشرة، وفي الموضحة خمس، وفي السن خمس، وفي كل إصبع مما هناك عشر عشر، وإسناده فيه ضعف.
ومنها حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه تقويم الدية على أهل الدنانير والدراهم، والبقر والشاة. وفيه ذكر عقل الأنف والعين والرجل واليد، والمأمومة والجائفة، والمنقلة، والواضحة، والأسنان. والحديث عند أحمد (2/ 182، 183، 185، 186، 224، 317)، وأبي داود (4564)، والنسائي (4801) وابن ماجه (2630) وتبين أن =
• واستشكل الاستدلال به من حيث المعنى:
قالوا: إن اطلاق اسم النجس على المؤمن الذي ليس بطاهر من الجنابة أوالحيض أو الحدث الأصغر لا يصح حقيقة ولا مجازًا، فالمؤمن طاهر دائمًا، سواء كان جنبًا، أو حائضًا، أو على بدنه نجاسة، أم لا.
فقوله: (لا يمس القرآن إلا طاهر) يحتمل أن المعنى: لا يمس القرآن إلا مؤمن. يؤيده كون الرسول صلى الله عليه وسلم قد بعثه إلى نجران، وفيها مشركون، وقد قال تعالى:(إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)[التوبة: 28].
(1764 - 225) وروى البخاري، من طريق أبي رافع،
عن أبي هريرة، قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب، فأخذ بيدي، فمشيت معه حتى قعد، فانسللت، فأتيت الرحل، فاغتسلت ثم جئت، وهو قاعد، فقال: أين كنت يا أبا هر. فقلت له، فقال: سبحان الله، يا أبا هر إن المؤمن لا ينجس. ورواه مسلم
(1)
.
(1765 - 226) وروى مسلم، قال: حدثنا يحيى بن يحيى، قال قرأت على مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو.
ويحتمل أنه طاهر من الحدث الأكبر. ويحتمل أنه طاهر من الحدث الأصغر. ويحتمل أنه طاهر من النجاسة الحسية، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل الاستدلال.
= المسلمين لم يحكموا في دمائهم مرسل عمرو بن حزم، وليست هذه كل الأحاديث، وبعضها يشهد لبعض، لكن يبقى النظر: هل مجموع هذه الأحاديث التي وردت في مس المصحف يرقى مجموعها إلى الاحتجاج، مع أن عامتها ضعيفة جدًّا، أو أنها لا تصلح للحجة، هذه مسألة فيها خلاف بعد القطع بأن آحادها لا تقوم بها حجة، ولعله يترجح للقارئ أحد القولين بعد الاطلاع على أدلة القول الثاني.
(1)
رواه البخاري (285) ومسلم (371).
• ويجاب على هذا:
بأن القرآن والسنة كانت تخاطب جماعة الصحابة بوصف الإيمان والإسلام (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
…
) (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ
…
) (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِه
…
) (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ
…
) ولم يخاطب القرآن جماعة الصحابة بصفة الطاهرين، فلم يقل: يا أيها الطاهرون ..
فيبقى الطاهر، هل هو من الحدث أو من النجاسة؟
أما من تطهر من الحدث، وعلى بدنه نجاسة فإنه لا يمنع من مس المصحف، إذا كانت النجاسة لا تتعدى. لا أعلم في المسألة خلافًا، فخرجت طهارة الخبث، وبقيت طهارة الحدث، ونحن نقول بشمولها للحدثين الأصغر والأكبر، فلا يمنع من حمل المشترك على جميع أفراده، وعدم إخراج واحد منها إلا بدليل. والله أعلم.
(1766 - 227) وقد روى البخاري من طريق عروة بن المغيرة،
عن أبيه، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لأنزع خفيه، فقال: دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما. ورواه مسلم
(1)
.
فوصف الرسول صلى الله عليه وسلم قدميه بعد الوضوء بأنها طاهرة: أي من الحدث.
وقال تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا
…
) إلى قوله: (َا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ)[المائدة: 6].
فسمى الله الاغتسال من الجنابة طهارة، مع أنه صلى الله عليه وسلم هو القائل: إن المؤمن لا ينجس.
(1767 - 228) روى مسلم من طريق مصعب بن سعد، قال: دخل عبد الله بن عمر على ابن عامر يعوده، وهو مريض، فقال:
(1)
البخاري (206) ومسلم (274).