الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
دليل من قال: بوجوب المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل:
هذا القول هو مذهب الحنابلة، ولما كان دليل الحنابلة في وجوب المضمضة والاستنشاق في الطهارة الكبرى اعتمادًا على وجوبهما في الطهارة الصغرى أصبحت مضطرًا لذكر أدلتهم على وجوب المضمضة الاستنشاق في الطهارة الصغرى لينظر أولًا هل يصح القول بوجوبهما في الطهارة الصغرى؟ وإذا صح هل يسلم لهم قياس الكبرى على الصغرى؟ وإليك أدلتهم.
الدليل الأول:
(1663 - 125) ما رواه أبو داود، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد في آخرين، قالوا: حدثنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة،
عن أبيه لقيط بن صبرة قال: قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء. قال: أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا
(1)
.
والحديث قطعة من حديث طويل، والشاهد من هذا الحديث، قوله:(بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا).
وفي رواية لأبي داود، وزاد فيه:(إذا توضأت فمضمض)
(2)
.
[الحديث صحيح وزيادة الأمر بالمضمضة شاذة]
(3)
.
(1)
سنن أبي داود (142).
(2)
السنن (144).
(3)
الحديث مداره على إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه.
ورجاله ثقات، ويرويه عن إسماعيل جماعة منهم يحيى بن سليم، وسفيان الثوري، وابن جريج، وداود بن عبد الرحمن العطار، والحسن بن علي.
ويرويه ابن جريج ويحيى بن سليم مطولًا ومختصرًا.
ويرويه الثوري مختصرًا، إلا أن رواية الثوري عند عبد الرزاق (79) والبيهقي (1/ 50) فيها إشارة إلى تعمد اختصارها، فإن لفظه قال: عن لقيط بن صبرة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أشياء، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع .. الحديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقوله: (فذكر أشياء) هذه الأشياء المبهمة هي ما جاء مفصلًا في رواية ابن جريج ويحيى بن سليم المطولة.
ثم إن في رواية داود بن عبدالرحمن العطار، عند الحاكم (1/ 148). ورواية الحسن بن علي عند الطيالسي (1341) النهي عن ضرب الضعينة كما يضرب الأمة، وهي جزء من الرواية المطولة مما يشهد أن الحديث لم يكن مقتصرًا على إسباغ الوضوء، بل إن البخاري في الأدب المفرد قد أخرج الرواية المطولة من طريق داود بن عبد الرحمن العطار، فهذه متابعة ثانية على ذكر الرواية مطولة، ويكفي متابعة ابن جريج ليحيى بن سليم على الرواية المطولة لنعلم أن الرواية بقصتها الطويلة محفوظة في الحديث.
إلا أن الحديث فيه زيادتان انفرد فيهما بعض الرواة، ولم يُتابع عليهما، فأجدني أرجح كونهما شاذتين.
الأولى: رواية أبي داود: (إذا توضأت فمضمض).
الثانية: زيادة: (إذا توضأت فأبلغ المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائمًا) فزاد فيه المبالغة في المضمضة.
وسوف أبين وجه كونهما شاذتين عند تخريج الحديث.
فالحديث كما سبق مداره على إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه مرفوعًا، وله طرق كثيرة إلى إسماعيل.
رواه يحيى بن سليم كما في مصنف ابن أبي شيبة مختصرًا (1/ 19، 33) ومن طريق ابن
أبي شيبة أخرجه ابن ماجه (407) وابن حبان (1087)، ورواه أبو داود في سننه مطولًا (142)، والنسائي مطولًا (87)، ومختصرًا (114)، وسنن الترمذي مختصرًا (788)، وصحيح
ابن خزيمة مختصرًا (150) وصحيح ابن حبان مطولًا (1054)، ورواه الحاكم (1/ 148) ومن طريقه البيهقي مختصرًا (1/ 76).
وداود بن عبد الرحمن العطار كما في الأدب المفرد للبخاري (166)، ومستدرك الحاكم (1/ 148).
والحسن بن علي بن أبي جعفر كما في سنن أبي داود الطيالسي (1341) بزيادة: (ولا تضرب ضعينتك كما تضرب أمتك)، كلهم رووه عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه.
ورواه سفيان الثوري واختلف عليه:
فرواه عبد الرزاق (79) عن الثوري به، بلفظ:(أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أشياء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أسبغ الوضوء، وخلل الأصابع، وإذا استنثرت فأبلغ إلا أن تكون صائمًا). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقوله: (إذا استنثرت) المقصود به الاستنشاق، لأن المبالغة في الاستنثار لا تؤثر في الصائم، فالذي يؤثر هو الاستنشاق، وهو جذب الماء بقوة إلى داخل الأنف، وليس فيه ذكر للمضمضة.
ورواه وكيع كما في مسند أحمد (4/ 33)، وسنن الترمذي (38)، وسنن النسائي (87)، وليس فيه ذكر للمضمضة، ورواية النسائي:(وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا).
وتابع وكيعًا يحيى بن آدم كما في سنن النسائي (114).
ومحمد بن كثير كما في سنن البيهقي (1/ 50) فروياه عن سفيان بدون ذكر المضمضة.
وخالف ابن مهدي وكيعًا ويحيى بن آدم ومحمد بن كثير، وعبد الرزاق، فرواه أبو بشر الدولابي كما في كتاب (الوهم والإيهام)(5/ 593) قال حدثنا محمد بن بشار حدثنا ابن مهدي، عن سفيان عن إسماعيل به بلفظ:(إذا توضأت فأبلغ المضمضة والاستنشاق ما لم تكن صائمًا) فزاد الأمر بالمبالغة بالمضمضة.
وذكره الزيلعي في نصب الراية (1/ 16).
وصححه ابن القطان في كتابه الوهم والإيهام (5/ 193) وقال: ابن مهدي أحفظ من وكيع وأجل قدرًا.
وهذا الكلام من ابن القطان فيه نظر كبير.
أولًا: لأن وكيعًا تابعه يحيى بن آدم، ومحمد بن كثير، وعبد الرزاق ولم يتابع ابن مهدي.
ثانيًا: أن رواية وكيع، ويحيى بن آدم، ومحمد بن كثير وعبد الرزاق عن سفيان موافقة لرواية يحيى ابن سليم، وابن جريج، وداود بن عبد الرحمن العطار، والحسن بن علي في روايتهم عن إسماعيل ابن كثير.
ثالثًا: أن المخالفة قد لا تكون من ابن المهدي، حتى تكون المقارنة بينه وبين غيره.
والذي أميل إليه أن المخالفة من أبي بشر الدولابي، فقد قال الدارقطني: تكلموا فيه.
وقال أبو سعيد بن يونس: إنه من أهل الصنعة، وكان يضعف. وقال ابن عدي: متهم.
انظر شذرات الذهب (2/ 260).
ورواه ابن جريج، واختلف عليه فيه:
فرواه عنه جماعة: منهم يحيى بن سعيد القطان، كما في مسند أحمد (4/ 211)، ومستدرك الحاكم (1/ 148)، وسنن البيهقي (1/ 51).
الثاني: عبد الرزاق كما في المصنف (80).
الثالث: حجاج بن محمد كما عند الحاكم (1/ 148)، كلهم رووه عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه، وفيه: المبالغة بالاستنشاق إلا للصائم، ولم يذكروا المضمضة.
وخالفهم أبو عاصم (الضحاك بن مخلد)، فرواه عن ابن جريج، واختلف على أبي عاصم فيه.
فرواه الدارمي (705) عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن إسماعيل به بلفظ: (إذا توضأت =