الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني في الدم إذا نقص عن أقل الحيض
[م-691] إذا قيل: إن أقل الحيض يوم وليلة على المذهب المرجوح، ثم وجدنا امرأة يأتيها الدم مستمرًا ومطردًا أقل من ذلك بلون دم الحيض ورائحته المعهودة.
فهل يجعلونه دم حيض، وقد خالف قواعدهم؟ أم يجعلونه دم فساد؟
اختلفوا في هذه المسألة، وذكرها النووي، وذكر فيها أوجهًا:
أحدها: لا يعتبر حال هذه، بل الحكم على ما عهد؛ لأن بحث الأولين أوفى.
قال إمام الحرمين: والذي أختار، ولا أرى العدول عنه الاكتفاء بما استقرت عليه مذاهب الماضين من أئمتنا في الأقل والأكثر، ولو فتحنا باب اتباع الوجود في كل ما يحدث، وأخذنا في تغيير ما يعهد تقليلًا وتكثيرًا، لاختلطت الأبواب، وظهر الاضطراب، والوجه اتباع ما تقرر للعلماء الباحثين قبلنا.
قلت: هذا القول إما دليل على ضعف اعتبار الوجود دليلًا في أقل الحيض؛ لأنه ثبت أنه يوجد أقل من ذلك، وأن اعتبار الوجود يؤدي إلى اضطراب الأقوال، وإما أن يكون هذا القول دعوة إلى التقليد المحض، وعدم الأخذ بالدليل، وأن بحث الأولين مقدم مطلقًا؛ لكونه صدر منهم فقط. والتقليد بدعة، وقد بدأت الأمة تتخلص من
مستنقعه، معظمة للدليل الصحيح، والقول المبني عليه.
قال النووي: الوجه الثاني: أنه يعتبر حال هذه المرأة ليكون هذا حيضها وطهرها؛ لأن الاعتماد على الوجود، وقد حصل، وهذا القول يتمشي مع القول الراجح، بأنه لا حد لأقل الحيض، بل العبرة بالوجود، فمتى وجد الأذى وجد الحيض
(1)
.
* * *
(1)
المجموع - النووي (2/ 407).