الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودعاء إلا الطواف، دخل في ذلك قراءة القرآن، ومنع الحائض من قراءة القرآن إن كان لكونه ذكرًا فلا فرق بينه وبين ما ذكر، وإن كان المنع تعبدًا، فيحتاج إلى دليل خاص، ولا دليل
(1)
.
والذي يظهر لي أن الحديث ليس فيه دليل؛ لأن الطواف استثني من أفعال المناسك، فحين قال لها صلى الله عليه وسلم:(افعلي ما يفعل الحاج) دخل فيه جميع أفعال المناسك من الرمي، والوقوف، والسعي، والمبيت. وقوله صلى الله عليه وسلم (غير ألا تطوفي في البيت) فأخرج من أفعال المناسك الطواف، وبقي ما عداه. وليست قراءة القرآن من أفعال المناسك الخاصة، حتى تدخل في عموم:(افعلي ما يفعل الحاج)، ويؤكد هذا أن من أفعال الحج الصلاة، فهل يقال بجواز الصلاة للحائض؛ لأنه لم يستثن إلا الطوف.
الدليل الرابع:
إذا كان الجنب على الصحيح لا يمنع من قراءة القرآن، وهو حدث أكبر لم تمنع الحائض من باب أولى؛ لأن الجنابة من كسب العبد، ويملك رفعها، والحيض ليس من كسب المرأة، ولا تملك رفعه، وقد يطول بها، وقد تتعرض لنسيان ما حفظت، وإليك الأحاديث الدالة على جواز قراءة القرآن للجنب
(1755 - 216) ما رواه مسلم من طريق البهي، عن عروة،
عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه
(2)
.
وجه الاستدلال:
قولها رضي الله عنها: (يذكر الله على كل أحيانه).
قال ابن حجر: «والذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره، وإنما فرق بين الذكر والتلاوة بالعرف»
(3)
.
(1)
فتح الباري، بتصرف يسير (1/ 542).
(2)
صحيح مسلم (117).
(3)
الفتح، في شرحه لحديث (305).
فإذا كان لفظ الذكر يشمل قراءة القرآن، وكان لفظ الذكر مطلقًا في الحديث، فمن قيد الذكر بما عدا القرآن فعليه الدليل.
وحاول أن يرده ابن رجب، فقال:«ليس فيه دليل على جواز قراءة القرآن للجنب؛ لأن ذكر الله إذا أطلق لا يراد به القرآن»
(1)
.
وهذا غير صحيح؛ لأن قوله: «الذكر إذا أطلق لا يراد به القرآن» هل يريد لا يراد به القرآن شرعًا أم عرفًا؟
فإن كان يقصد العرف فمسلم والعرف يختلف من قوم إلى قوم، ومن زمان إلى آخر، وأما في الشرع فإن القرآن كله يسمى الذكر، قال سبحانه وتعالى:(أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر: 9] وقال سبحانه: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)[النحل: 44]، والآيات في هذا كثيرة، والحقيقة الشرعية في النصوص الشرعية مقدمة على الحقيقة العرفية.
(1756 - 217) ومنها ما روى ابن المنذر، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، ثنا زياد بن أيوب، حدثنا أبو عبيد، حدثنا عبيد بن عبيدة من بني عباب الناجي، قال:
قرأ ابن عباس شيئًا من القرآن، وهو جنب، فقيل له في ذلك، فقال: ما في جوفي أكثر من ذلك.
[حسن]
(2)
.
(1)
شرح ابن رجب للبخاري (2/ 45).
(2)
الأوسط (2/ 98). وإسناده حسن لولا عبيد بن عبيدة لم أقف على ترجمته، لكنه لم ينفرد به، فقد أخرجه ابن المنذر في الأوسط (2/ 98) من ثلاثة طرق عن ابن عباس، غير هذا الطريق، وذكره البخاري تعليقًا بصيغة الجزم عن ابن عباس. قال البخاري في كتاب الحيض، باب (8) تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، قال: ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأسًا.
وما دام أن البخاري علقه عن ابن عباس بصيغة الجزم فإنه صحيح أو حسن إلى من علقه عنه كما ذكر هـ العلماء في الحكم على تعليقات البخاري.