الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الأول:
قوله تعالى: (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ)[البقرة: 222].
واعتزال النساء: هو اعتزال لجميع بدنها، ومن باشرها لا يصدق عليه أنه اعتزلها.
وأجيب:
بأن الذي يوضح القرآن هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد بعثه الله سبحانه وتعالى ليبين للناس ما نزل إليهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث أنس عند مسلم
(1)
: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح). وسيأتي في بحث ما يحل للرجل من امرأته استقصاء الأدلة في ذلك.
الدليل الثاني:
(1630 - 92) أخرج عبد الرزاق
(2)
، وأحمد
(3)
، وأبو داود
(4)
، والنسائي
(5)
، وابن جرير الطبري
(6)
، والبيهقي
(7)
، واللفظ للبيهقي، رووه كلهم من طريق الزهري، عن حبيب مولى عروة بن الزبير، أن ندبة مولاة ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته
أنها أرسلتها ميمونة إلى عبد الله بن عباس في رسالة، فدخلت عليه فإذا فراشه معزول عن فراش امرأته، فرجعت إلى ميمونة فبلغتها رسالتها، ثم ذكرت ذلك. فقالت لها ميمونة: ارجعي إلى امرأته فسليها عن ذلك، فرجعت إليها فسألتها عن ذلك، فأخبرتها أنها إذا طمثت عزل فراشه عبد الله عنها، فأرسلت ميمونة إلى عبد الله ابن عباس فتغيظت عليه. وقالت: أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فو الله إن كانت
(1)
صحيح مسلم (302).
(2)
المصنف (1234).
(3)
المسند (6/ 332، 336).
(4)
السنن (267).
(5)
سنن النسائي (1/ 189).
(6)
في التفسير (4243).
(7)
السنن الكبرى (1/ 313).
المرأة من أزواجه لتأتزر بالثوب ما يبلغ أنصاف فخذيها، ثم يباشرها بسائر جسده.
[ضعيف]
(1)
.
وعلى فرض صحته فإنه لا يتوقع من ابن عباس رضي الله عنهما أن تبلغه سنة المصطفى ثم يبقى على رأيه المخالف لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، بل والمخالف لقوله، فكونه لم يعترض على ميمونة دليل منه على التسليم والقبول لما أخبرته، وإذا رجحنا رجوعه عنه لم يبق قولًا له. والله أعلم.
وقد ثبت عن ابن عباس خلافه بدليل أصح منه.
(1631 - 93) فقد روى ابن جرير الطبري في تفسيره: من طريق محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث قال: قال ابن عباس: إذا جعلت الحائضُ ثوبًا، أو ما يكف الأذى، فلا بأس أن يباشر جلدها زوجها
(2)
.
[حسن]
(3)
.
(1)
في الإسناد حبيب مولى عروة، روى له مسلم حديثًا واحدًا، ولم يوثق، وفي التقريب: مقبول. يعني: إن توبع.
قلت: إخراج مسلم حديثه يرفعه درجة، لكن في الإسناد ندبة مولاة ميمونة أيضًا، لم يرو عنها إلا حبيب وذكرها ابن حبان في الثقات (5/ 487)، وفي التقريب مقبولة، يعني: في المتابعات.
وذكرها الذهبي في المجهولات كما في الميزان (4/ 610).
فالإسناد ضعيف إلى ابن عباس.
(2)
تفسير الطبري (4252).
(3)
وهذا إسناد حسن، لولا أن أبا حاتم قال في الجرح والتعديل (7/ت 1042) رواية محمد بن إبراهيم بن الحارث عن ابن عباس مرسلة، لكنه قد توبع.
فقد روى ابن أبي شيبة (16813) وابن جرير الطبري (4253)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 207): عن ابن إدريس، عن يزيد بن أبي زياد، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بنحوه. ويزيد ضعيف فهذه متابعة صالحة للطريق الأول.
ورواه ابن جرير الطبري (4254) من طريق الحكم بن فضيل، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس.
والحكم بن فضيل، وثقه يحيى بن معين في رواية، قال في أخرى: لا بأس به، كما وثقه أبو داود، وقال أبو زرعة: شيخ ليس بذاك. الجرح والتعديل (3/ 126)، تاريخ بغداد (8/ 221)، لسان الميزان (2/ 337).
وقال ابن عدي: هو قليل الرواية، وما تفرد به لا يتابعه عليه الثقات. الكامل (2/ 215).
فإذا أعملنا التعديل والجرح، قلنا: صدوق يخطئ كما يعمل ابن حجر في التقريب.
وممن رأى هذا الرأي عبيدة السلماني:
(1632 - 94) فقد أخرج ابن جرير الطبري في تفسيره: من طريقين، عن محمد ابن سيرين، قال: قلت لعبيدة السلماني:
ما يحل لي من امرأتي إذا كانت حائضًا، قال: الفراش واحد، واللحاف شتى
(1)
.
[صحيح].
وهذا موقوف عليه، ولا حجة في قول أحد مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله، وقول عبيدة لا يخرق الإجماع المؤيد بالسنة الصحيحة الصريحة ما دام أن الأمر لم يثبت عن ابن عباس.
(2)
.
وقال الشوكاني: «وأما ما يروى عن ابن عباس، وعبيدة السلماني، أنه يجب على الرجل أن يعتزل فراش امرأته إذا حاضت فليس بشيء»
(3)
.
* * *
(1)
تفسير الطبري (4242، 4244).
(2)
شرح مسلم (3/ 204).
(3)
تفسير فتح القدير (1/ 226).