الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع علامة الطهر عند الحائض
مدخل في ذكر الضابط الفقهي:
• للطهر عند النساء علامتان: إما الجفوف: وهو خروج الخرقة جافة، وإما القصة البيضاء: وهو ماء أبيض كالجير، وتعتمد المرأة ما اعتادت عليه من علامة طهرها.
[م-737] اختلف العلماء في علامة الطهر عند النساء:
فقيل: إذا انقطع الحيض طهرت مطلقًا، سواء خرجت بعده رطوبة بيضاء أم لا، وهذا مذهب الحنفية
(1)
والشافعية
(2)
والحنابلة
(3)
.
(1)
قال في فتح القدير تعليقًا على أثر عائشة (لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء) قال: «مقتضى هذا المروي أن مجرد الانقطاع دون رؤية القصة البيضاء لا تجب معه أحكام الطاهرات، وكلام الأصحاب فيما يأتي كله بلفظ الانقطاع، حيث يقولون: وإذا انقطع دمها فكذا، وإذا انقطع فكذا» انتهى كلامه، والذي يعنينا أن ابن الهمام صرح أن كلام الأصحاب يعلقون الطهر بالانقطاع: أي دون رؤية القصة البيضاء. والله أعلم.
(2)
قال النووي في المجموع (2/ 562): «علامة انقطاع الحيض ووجود الطهر أن ينقطع خروج الدم، وخروج الصفرة والكدرة، فإذا انقطع طهرت سواء خرجت بعده رطوبة بيضاء أم لا» .
(3)
قال في نيل المآرب (1/ 108): «وإن طهرت أثناء عادتها طهرًا خالصًا لا تتغير معه القطنة إذا احتشتها، ولو أقل مدة فهي طاهرة، تغتسل وتصلي، وتفعل ما تفعله الطاهرات» .
ذكر ابن مفلح في الفروع أنه ظاهر المذهب، قال (1/ 267):«أن يكون النقاء خالصًا لا تتغير معه القطنة إذا احتشت بها في ظاهر المذهب، ذكره صاحب المحرر، وجزم به القاضي وغيره» .
وقيل: إن كانت ممن يرى القصة البيضاء، فلا تطهر حتى تراها، وإن كانت ممن لا يراها فطهرها الجفوف. وهو المنصوص عليه في المدونة عن الإمام مالك رحمه الله
(1)
.
وقيل: من كان طهرها القصة البيضاء ورأت الجفوف فقد طهرت، ولا تطهر التي طهرها الجفوف برؤية القصة البيضاء حتى ترى الجفوف
(2)
.
وقيل: للطهر علامتان: الجفوف، والقصة البيضاء، فأيهما رأته المرأة كان علامة على طهرها. وسواء كانت المرأة ممن عادتها أن تطهر بالقصة البيضاء أو بالجفوف. وبه قال ابن حبيب من أصحاب مالك رحمه الله
(3)
.
وقيل: متى رأت أثر الدم الأحمر، أو كغسالة اللحم، أو الصفرة أو الكدرة، أو البياض، أو الجفوف التام فقد طهرت، وهذا مذهب ابن حزم
(4)
.
فتبين من هذا أن الأقوال كالآتي:
الأول: أن العبرة بالجفوف مطلقًا.
الثاني: أن القصة البيضاء مقدمة على الجفوف إن كانت تراها.
الثالث: أن الجفوف مقدم على القصة البيضاء فيما لو كانت تراهما.
(1)
المدونة (1/ 50، 51). قال: «إذا علمت أنها قد طهرت اغتسلت إن كانت ممن ترى القصة البيضاء، فحين ترى القصة البيضاء، وإن كانت ممن لا ترى القصة البيضاء فحين ترى الجفوف» .
(2)
نسبه ابن عبد البر في الاستذكار (3/ 195) إلى ابن حبيب، ونسبه خليل في التوضيح إلى
ابن حبيب وابن عبد الحكم، انظر التوضيح (1/ 350).
والذي نقله ابن رشد عن ابن حبيب أنه لا فرق بين الجفوف والقصة البيضاء فأيهما رأت فقد طهرت، وقد ذكرت هذا القول بعده فتأمل.
(3)
بداية المجتهد مع الهداية (2/ 54). وقال عبد الوهاب البغدادي في المعونة (1/ 194): «وللطهر علامتان: الجفوف والقصة البيضاء، وكل واحد منهما يكون علامة لطهر من جرت عادتها به. وإن رأته غير من جرت عادتها به كان طهرًا لها أيضًا لإمكان انتقال العادة على اختلاف بين أصحابنا في ذلك» .
(4)
المحلى (مسألة: 226).
الرابع: أن الجفوف والقصة البيضاء كلاهما علامة على الطهر.
الخامس: متى رأت أثر الدم الأحمر، أو كغسالة اللحم، أو الصفرة أو الكدرة، أو البياض، أو الجفوف التام فقد طهرت.
• أدلة من قال: العبرة بالجفوف:
قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى) الآية [البقرة: 222].
وجه الاستدلال:
أن الله سبحانه وتعالى وصف الحيض بكونه أذى، فإذا ذهب الأذى ارتفع الحيض
(1)
. قال تعالى: (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ)[البقرة: 222].
فقوله سبحانه وتعالى (حَتَّى يَطْهُرْنَ) فمن انقطع عنها دم الحيض حتى عاد المحل إلى ما كان قبل الحيض فقد طهرت منه. ولم يجعل النهي ممتدًا حتى ترى السائل الأبيض.
• أدلة من قال: العبرة برؤية القصة البيضاء:
(1745 - 206) ما رواه مالك في الموطأ، قال: عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه مولاة عائشة أم المؤمنين، أنها قالت:
كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيضة يسألنها عن الصلاة فتقول لهن لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء. تريد بذلك الطهر من الحيضة
(2)
.
[حسن]
(3)
.
(1)
نيل المآرب (1/ 108).
(2)
الموطأ (1/ 59).
(3)
انظر تخريجه والكلام عليه في بحث الصفرة والكدرة، ح (1616).
(1)
.
وقد اختلف الناس في معنى القصة البيضاء إلى قولين:
الأول: أن القصة البيضاء عبارة عن سائل أبيض يخرج عقب الدم من النساء في آخر الحيض، يكون علامة على طهرها، ولا تطهر بدونه، وقيل: إنه يشبه الخيط الأبيض. وهذا قول مالك وغيره.
وقيل: معنى القصة البيضاء أن تخرج القطنة بيضاء ليس فيها شيء من الصفرة ولا الكدرة، فيكون ذلك علامة نقائها وطهرها
(2)
.
حكى الخطابي عن ابن وهب أنه قال في تفسير القصة البيضاء: رأت القطن الأبيض كأنه هو
(3)
.
(4)
.
ونقل حنبل عن أحمد أن القصة البيضاء هو الطهر وانقطاع الدم. وكذلك فسر سفيان الثوري القصة البيضاء بالطهر من الحيض». اهـ كلامه رحمه الله
(5)
.
قلت: القصة البيضاء معلومة لا تخفى على النساء، لكنه عند غالب النساء، وليس كلهن، فكنت إذا سُئلت من قبل بعض النساء وسألتهن عن علامة الطهر
(1)
فتح الباري، قاله الحافظ في شرحه لحديث (320).
(2)
انظر شرح ابن رجب للبخاري (2/ 123).
(3)
انظر أعلام الحديث (1/ 325)، ونقله ابن رجب في شرحه للبخاري (2/ 123).
(4)
انظر الأم (1/ 66).
(5)
شرح ابن رجب للبخاري (2/ 125).