الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطهارة الكبرى من باب أولى، لأنها صغرى وزيادة
(1)
.
دليل الحنابلة على وجوب التسمية:
لما كان الحنابلة يوجبون التسمية في الطهارة الصغرى أوجبوها في الطهارة الكبرى من باب القياس
(2)
.
والراجح أنها لا تشرع:
أولًا: الأصل في العبادات الحظر، حتى يرد دليل صحيح على المشروعية، وأحاديث الاغتسال من الجنابة ومن الحيض ليس فيها ذكر التسمية (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً) [مريم: 64].
واستحباب التسمية في كل شيء ليس على إطلاقه، فهناك أمور تكون التسمية فيها من البدع: كالتسمية للأذان، والتسمية للصلاة، والتسمية لرمي الجمرات، فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسمي لهذه العبادات، فإذا لم ترد التسمية في غسل الجنابة لم تستحب في غسل الحيض؛ لأن صفة الغسل الواجبة فيهما واحدة، وقد ينفرد الحيض باستحباب بعض الأفعال الخاصة كما سيأتي إن شاء الله.
وإليك بعض أحاديث الاغتسال من الحيض والجنابة، لترى أن التسمية لم ترد فيهما.
الحديث الأول:
(1641 - 103) ما رواه مسلم من طريق شعبة، عن إبراهيم بن المهاجر، قال: سمعت صفية تحدث، عن عائشة، أن أسماء بنت شكل سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض؟ فقال: تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها، فَتَطَهَّر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه
(1)
المبدع (1/ 194).
(2)
المرجع السابق.
دلكًا شديدًا، حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة فَتَطَهَّرُ بها. فقالت أسماء وكيف تَطَهَّرُ بها؟ فقال: سبحان الله تطهرين بها. فقالت عائشة، وكأنها تخفي ذلك: تتبعين أثر الدم. وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: تأخذ ماءً فتطهر فتحسن الطهور، أو تبلغ الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليه الماء. فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين
(1)
.
ورواه البخاري بأخصر من هذا
(2)
.
ووجه الدلالة ظاهر، وهو أنه قد وقع هذا الحديث جوابًا عن كيفية الغسل من المحيض، وقد ذكر أمورًا مستحبة كالسدر، فلو كانت التسمية مشروعة لأرشد عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
الحديث الثاني:
(1642 - 104) ما رواه البخاري من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، وتوضأ وضوءه للصلاة ثم اغتسل، ثم يخلل بيده شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده. ورواه مسلم
(3)
.
فهذه صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة وليس فيها ذكر البسملة.
الحديث الثالث:
(1643 - 105) ما رواه مسلم من طريق الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس، قال:
(1)
صحيح مسلم (332).
(2)
صحيح البخاري (314)، وسيأتي تخريجه في حكم الوضوء لغسل الجنابة: ح: (1647).
(3)
البخاري (272) ومسلم (316).
حدثتني خالتي ميمونة، قالت: أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة، فغسل كفيه مرتين أو ثلاثًا، ثم أدخل يده في الإناء، ثم أفرغ بها على فرجه، وغسله بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكًا شديدًا، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه، ثم غسل سائر جسده، ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، ثم أتيته بمنديل فرده. ورواه البخاري
(1)
.
وهذا الحديث كغيره ليس فيه التسمية، فيبعد أن تكون التسمية مشروعة ثم لا تنقل من قوله صلى الله عليه وسلم ولا من فعله.
الحديث الرابع:
(1644 - 106) ما رواه مسلم من طريق سفيان، عن أيوب بن موسى، عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري عن، عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه لغسل الجناية؟ قال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأس ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين
(2)
.
وهذا الحديث كغيره ليس فيه ذكر للتسمية.
* * *
(1)
البخاري (257) ومسلم (317).
(2)
صحيح مسلم (330).