الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تملك النجاشيّ على الحبشة:
ونجد أنفسنا أمام قول ابن إسحاق: قال الزهري: فحدّثتُ عروة بن الزبير حديث أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
هل تدري ما قوله: ما أخذ الله منّي الرشوة حين ردّ عليّ ملكي فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس فيّ فأطيع الناس فيه؟ قال: قلت: لا، قال: فإِن عائشة أم المؤمنين حدّثتني أن أباه كان ملك قومه، ولم يكن له ولد إِلا النجاشي، وكان للنجاشيّ عمّ، له من صلبه اثنا عشر رجلاً، وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة، فقالت الحبشة بينها: لو أنا قتلنا أبا النجاشيّ وملّكنا أخاه، فإِنه لا ولد له غير هذا الغلام، وإِن لأخيه من صلبه اثني عشر رجلاً، فتوارثوا ملكه من بعده، بقيت الحبشة بعده دهراً، فغدوا على أبي النجاشي فقتلوه وملّكوا أخاه، فمكثوا على ذلك حيناً!
ونشأ النجاشي مع عمه، وكان ليباً حازماً من الرجال، فغلب على أمر عمه، ونزل منه بكل منزلة، فلما رأت الحبشة مكانه منه قالت بينها: والله! لقد غلب هذا الفتى على أمر عمّه، وإِنا لنتخوّف أن يملّكه علينا، وإِن ملّكه علينا لقتلنا أجمعين، لقد عرف أنا نحن قتلنا أباه، فمشوا إِلى عمّه فقالوا: إِمّا أن تقتل هذا الفتى وإِمّا أن تخرجه من بين أظهرنا، فإِنّا قد
= الفعل في حال القول، وتوجه الفعل بيسير على القول، لا يمكن مستقدم ولا مستأخر، فهذا معنى الكلمة، وأما روح الله، فإنه نفخة روح القدس في حبيب الطهارة المقدّسة، والقدس: الطهارة من كل ما يشين أو يعيب أو تقذره نفس، أو يكرهه شرع، وجبريل عليه السلام روح القدس؛ لأنه روح ولم يخلق من منيّ، ولا صدر عن شهوة، وعيسى عليه السلام روح الله على هذا المعنى!
خفنا على أنفسنا، قال: ويلكم! قتلت أباه بالأمس، وأقتله اليوم! بل أخرجه من بلادكم، قالت: فخرجوا به إِلى السوق، فباعوه من رجل من التجار بستمائة درهم، فقذفه في سفينة، فانطلق به، حتى إِذا كان العشيّ من ذلك اليوم، هاجت سحابة من سحائب الحريف، فخرج عمّه يستمطر تحتها، فأصابته صاعقة فقتلته، قالت: ففزع الحبشة إِلى ولده، فإِذا هو محمق (1)، ليس في ولده خير، فمرج (2) على الحبشة أمرهم!
فلما ضاق عليهم ما هم فيه من ذلك، قال بعضهم لبعض: تعْلموا والله! أن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيره للذي بعتم غدوةً، فإِن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه الآن، قالت: فخرجوا في طلبه، وطلب الرجل الذي باعوه منه، حتى أدركوه فأخذوه منه، ثم جاؤوا به، فعقدوا عليه التاج، وأقعدوه على سرير الملك، فملّكوه!
فجاءهم التاجر الذي كانوا باعوه منه فقال: إِما أن تعطوني مالي، وإِما أن أكلّمه في ذلك؟ قالوا: لا نعطيك شيئاً، قال: إِذن والله! أكلّمه، قالوا: فدونك وإِيّاه، قالت: فجاءه فجلس بين يديه، فقال: أيها الملك، ابتعتُ غلاماً من قوم بالسوق بستمائة درهم، فأسْلموا إِليّ غُلامي، وأخذوا دراهمي، حتى إِذا سرت بغلامي أدركوني، فأخذوا غلامي، ومنعوني دراهمي، قالت: فقال لهم النجاشي: لتعْطُنَّه دراهمه، أو ليضعَنّ غلامُه يده في يده، فليذهبن به حيث شاء، قالوا: بل نعطيه دراهمه، قالت: فلذلك يقول: ما أخذ الله منّي رشوة حين ردّ عليّ مُلكي، فآخذ الرشوة فيه، وما
(1) المحمق: الذي يلد الحمقى.
(2)
أي قلق واختلط.