الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكتبوا بمكرهم صحيفةً وعهوداً ومواثيق أن لا يقبلوا من بني هاشم أبداً صلحاً، ولا تأخذهم بهم رأفة، حتى يسلموا محمداً صلى الله عليه وسلم للقتل، فلبث بنو هاشم في شعبهم ثلاث سنين، واشتدّ عليهم البلاء والجهد، وقطعوا عنهم الأسواق، فلا يتركون طعاماً يقدم مكّة، ولا بيعاً، إلا بادروهم إليه فاشتروه، يريدون بذلك أن يدركوا سفك دم رسول الله صلى الله عليه وسلم!
شدّة حرص أبي طالب وشعره:
وكان من شدّة حرص أبي طالب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالغ حياطته وحفظه أنه كان مدّة زمن الحصار إذا أخذ الناس مضاجعهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع على فراشه المعدّ لنومه، حتى يرى ذلك من أراد بالنبي صلى الله عليه وسلم مكراً لاغتياله، فإذا نوّم الناس أمر أحد بنيه أو إخوته أو بني عمه فاضطجع على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بعض فرشهم فينام عليه!
قال ابن إسحاق: (1) فلما اجتمعت على ذلك قريش وصنعوا فيه الذي صنعوا، قال أبو طالب:
ألا أبلغا عنّي على ذات بيننا
…
لؤيًّا وخصّا من لؤيّ بني كعب
ألم تعلموا أنّا وجدنا محمداً
…
نبيًّا كموسى خُطَّ في أوّل الكتبِ
(1) السيرة النبوية: ابن هشام: 1: 432 - 434، والبداية: 3: 87، والروض الآنف: 2: 102 - 103.
وأن عليه في العباد محبّة
…
ولا خير (1) ممن خصه الله بالحبَّ
وأن الذي ألصقتمو من كتابكم
…
لكم كائن نحساً كراغبة السّقَبِ
أفيقوا أفيقوا قبل أن يحفَر الثّرى
…
ويصبحَ من لم يجن ذنباً كذي الذّنبِ
ولا تتبعوا أمر الوُشاة وتقطعوا
…
أواصِرنا بعد المودّة والقُربِ
وتستحيلوا حرباً عواناً وربما
…
أمرَّ على من ذاقَهُ جَلَبُ الحربِ
فلسْنا وربِّ البيت نسلم أحمداً
…
لعزَّاء من عضّ الزمان ولا كرّبِ
ولمّا تَبِنْ مِنّا ومنكم سوالف
…
وأيْدٍ أثّرت بالقساسيّة الشُّهْبِ
بمعترك ضيّق ترى كسر القنا
…
به والنسورَ الطغم يعكفن كالشّربِ
(1) قوله (ولا خير) البيت، قال السهيلي: مشكل جدًّا، وقوله (ممن) من متعلّقه، كأنه قال: لا خير أخير ممن خصه الله إلخ: البداية: 3: 87 هامش، وانظر: الغريب في: ابن هشام: 1: 432 - 434.