الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أطاع الناس فيّ فأطيع الناس فيه، قالت: وكان ذلك أول خبر من صلابته في دينه، وعدله في حُكمه! (1)
إسلام النجاشي:
ولعلّ من أسباب اختيار الحبشة أمل وجود مجال للدعوة فيها، وأن يكون هدف انتداب جعفر بن أبي طالب متصلاً بهذا الأمل .. وإذا كنا قد عرفنا في حديث أم سلمة في إخفاق المشركين، فإنا نذكر ما رواه الحاكم بسند صحيح عن أبي موسى رضي الله عنه قال:
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق إِلى أرض النجاشي، فبلغ ذلك قريشاً، فبعثوا إِلى عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد، وجمعوا للنجاشي هدايا، فقدمنا وقدموا على النجاشي، فأتوه بهدية، فقبّلها وسجدوا له!
ثم قال عمرو بن العاص: إِن قوماً منّا قد رغبوا عن ديننا، وهم في أرضك، فقال لهم النجاشي: في أرضي، قال: نعم، قال: فبعث إِلينا.
فقال لنا جعفر: لا يتكلّم أحد، أنا خطيبكم اليوم، فانتهينا إِلى النجاشي، وهو جالس في مجلسه، وعمرو بن العاص عن يمينه، وعمارة عن يساره، والقسيسون من الرهبان جلوس سماطين (2)، فقال له عمرو وعمارة:
إِنهم لا يسجدون لك، فلما انتهينا إِليه زبرنا من عنده من القسّيسين والرهبان: اسجدوا للملك.
فقال جعفر: لا نسجد إِلا لله، فقال له النجاشي: وما ذاك؟ قال: إِن
(1) السيرة النبويّة: ابن هشام: 1: 418 - 420.
(2)
أي صفّين.
الله بعث فينا رسوله، وهو الرسول الذي بشّر به عيسى برسول يأتي من بعده اسمه أحمد، فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئاً، ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة، وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر، فأعجب الناس قوله، فلمّا رأى ذلك عمرو قال له: أصلح الله الملك، إِنهم يخالفونك في عيسى ابن مريم، فقال النجاشي لجعفر: ما يقول صاحبك في ابن مريم، قال يقول فيه قول الله، هو روح الله وكلمته، أخرجه من البتول العذراء، لم يقربها بشر، قال:
فتناول النجاشي عوداً من الأرض، فرفعه فقال: يا معشر القسّيسين والرهبان، ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزيد هذه!
مرحباً بكم، وبمن جئتم من عنده، فأنا أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي بشّر به عيسى ابن مريم، ولولا أنا ما فيه من الملك لأتيته، حتى أحمل نعليه، امكثوا في أرضي ما شئتم، وأمر لهم بطعام وكسوة وقال: ردّوا على هذين هديتهم (1)!
وقد روى الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إِلى المصلّى فصفّ بهم وكبر أربعاً!. (2)
(1) المستدرك: 2: 309 - 310 وقال: على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!
(2)
البخاري: 23 - الجنائز (1245)، وانظر (1318، 1327، 1338، 1333، 3880، 3881)، ومسلم (951)، ومالك: 1: 226، وأحمد: 2: 438، 439، والشافعي: 1: 208، وأبو داود (3204)، والنسائي: 4: 69 - 70، 72، وابن الجارود (453)، والبيهقي: 4: 35، والمعرفة (2165)، والطحاوي: شرح معاني الآثار: 1: 495، والبغوي (1489)، وابن حبان (3068، 3098).