الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكن هذه الدعوة هي التي انتصرت في النهاية، في وجه هذا العناد الجامح الشموس!
ويعقب السياق على هذا العناد، وعلى هذا الدعاء، بأنهم مع استحقاقهم لإمطار الحجارة عليهم من السماء، وللعذاب الأليم الذي طلبوه.
إن كان هذا هو الحق من عند الله؛ لأنه للحق .. ومع هذا فإن الله تبارك وتعالى قد أمسك عنهم عذاب الاستئصال الذي أخذ به المكذّبين قبلهم؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، ولا يزال يدعوهم إلى الهدى، والله لا يعذّبهم عذاب الاستئصال والرسول صلى الله عليه وسلم فيهم .. كما أنه لا يعذّبهم هذا العذاب على معاصيهم إذا كانوا يستغفرون منها .. وليس تأخير العذاب عنهم لمجرّد أنهم أهل هذا البيت، فليسوا بأولياء هذا البيت، إنما أولياؤه المتّقون:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34)} !
5 - التطاول على القرآن ومنزله ومن جاء به:
ويروي الشيخان وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى (1): {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} !
(1) البخاري: 65 التفسير (4722)، وانظر (7490، 7525، 7547)، ومسلم (145)، وأحمد: 1: 23، 215، والترمذي (3145، 3146)، والنسائي: 2: 177، 178، والكبرى (993، 994)، وأبو عوانة: 2: 123، والطبري: التفسير: 15: 184، 185، 186، وابن خزيمة (1587)، والبيهقي: 2: 184، 185، والأسماء والصفات: 1: 401، والبغوي: التفسير: 3: 142، والطبراني (12454)، وابن حبان (1796، 6563).
قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مُخْتَفٍ بمكة، كان إِذا صلّى رفع صوته بالقرآن، فإِذا سمع المشركون سَبُّوا القرآن، ومن أنزله، ومن جاء به، فقال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم لي:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} !
أي بقراءتك، فيسمع المشركون، فيسُبُّوا القرآن:{وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} ! عن أصحابك، فلا تسمعهم:{وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} (الإسراء)!
وإن هي إلا سخافات الجاهليّة وأوهام الوثنيّة .. ومن ثم كان الأمر للرسول صلى الله عليه وسلم أن يتوسّط في صلاته بين الجهر والخفوت، لما كانوا يقابلون به صلاته من استهزاء وإيذاء، أو من نفور وابتعاد، ولعل الأمر كذلك؛ لأن التوسّط بين الجهر والخفاء أليق بالوقوف أمام الله!
وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها قالت: أنزل ذلك في الدعاء (1)!
قال ابن حجر (2): هكذا أطلقت عائشة، وهو أعم من أن يكون داخل داخل الصلاة أو خارجها!
وقال: يحتمل الجمع بينهما، بأنها نزلت في الدعاء داخل الصلاة، وقد روى ابن مردويه من حديث أبي هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذا صلّى عند البيت رفع صوته بالدعاء، فنزلت!
وجاء عن أهل التفسير في ذلك أقوال أخر!
(1) البخاري: 65 التفسير (4723)، وانظر (6327، 7526).
(2)
فتح الباري: 8: 405، 406 بتصرف.