الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال العلاّمة الآلوسي:
وما ذكر في هذا الاعتراض -أي على المفسدة الأولى- يعلم منه ما في الجواب الثاني من الاعتراض، وهو ظاهر!
يقول الشيخ عرجون:
ونحن نقول: يالله، من علم يفرّق بين زيادة في القرآن، يزيدها الشيطان، ويلقيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويتقبلها النبي صلى الله عليه وسلم على أنها من القرآن معتقداً قرآنيّتها -كما يزعم الغرنوقيون من أمثال الكوراني- بعد أن لبّس عليه الشيطان، وأراه أنه ملك الوحي، ويتلوها النبي صلى الله عليه وسلم ملبِّساً بها على الأمة، ويدعوها- بمقتضى وجوب التأسّي به، ومتابعته فيما يبلّغه عن الله تعالى -وهو في غمرة التلبيس عليه إلى اعتقاد ما فيها من الشرك، ومدح الأوثان بما يناقض عقيدة التوحيد التي هي أساس للرسالة التي بعثه الله بها، (هذا منطق مأفون)!
وبين زيادة في القرآن الكريم تكون من النبي صلى الله عليه وسلم -كما زعم الكوراني- فنجعل الزيادة الشيطانية الخبيثة ممكنة الوقوع بل واقعة -في زعم الغرنوقيّين- ولا تنافي العصمة، والزيادة من النبي صلى الله عليه وسلم وهي مستحيلة الوقوع- هي التي تنافي العصمة، فالشيطان يزيد في القرآن ما يشاء من الكفر والشرك، والنبيّ صلى الله عليه وسلم يتقبّل زيادات الشيطان، ويبلّغها لأمّته، على أنها من عند الله، وتسلب عنه صلى الله عليه وسلم خاصة العلم بالقرآن، وبراعة أسلوبه ومعانيه الإيمانيّة، وحقائقه التوحيديّة!
(هذا هو البلاء الذي ليس فوقه بلاء)، وا رحمةً للإسلام والمسلمين من هذا العلم الكفور الذي يصيب كبد الإِسلام فيزهق روحه، ويقضي على أصوله، تحت ظلال تكوير العمائم الضخمة!
وقد لمح العلاّمة الآلوسي أن ردّ الشيخ إبراهيم الكوراني على الوجه الثاني سن المفاسد اللازم على صحة أخلوقة الغرانيق، يحمل في طيّاته أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قبل ما ألقى الشيطان على لسانه لم يكن على علم بإعجاز القرآن، فأخذ في بيان هذا فقال:
وقد يقال إن إعجاز القرآن معلوم له صلى الله عليه وسلم ضرورة، كما ذهب إليه أبو الحسن الأشعريّ، بل قال القاضي: إن كل بليغ بمذاهب العرب وغرائب الصنعة يعلم ضرورة إعجازه، وذكر أن الإعجاز يتعلّق بسورة أو قدرها من الكلام، بحيث يتبيَّن فيه تفاصيل قوى البلاغة!
فإذا كانت آية بقدر حروف سورة، وإذا كانت (سورة الكوثر) فهو معجز، وعلى هذا يمتنع أن يأتي الجن والإنس ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً بمقدار أقصر سورة منه تشبهه في البلاغة، ومتى أتى أحد بما يزعم فيه ذلك لم تنفق سوقه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا عند كل بليغ محيط بما تقدّم، ولم يخف على الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا على ذلك البليغ عدم إعجازه، فلا يشتبه عنده بالقرآن أصلاً، ولا شكّ أن ما ألقى الشيطان على ما في بعض الروايات حروفه بقدر حروف سورة الكوثر، بل أزيد إن اعتبر الحرف المشدّد بحرفين، وهو:(وإنهن لهن الغرانيق العلا، وأن شفاعتهن، لهي التي ترتجى)، الواردة فيما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب!
فإن كان ما ذكر ممّا يتعلّق به الإعجاز، فإن كان معجزاً لزم أن يكون من الله تعالى لا من إلقاء عدوه، ضرورة عجزه كسائر الجن والإنس عن الإتيان بذلك، وإن لم يكن مما يتعلّق به الإعجاز فهو كلام غير يسير، يتنبه البليغ الحاذق إذا سمعه أثناء كلام فوقه بمراتب، لكونه ليس منه، فيبعد كل البعد أن يخفى