الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا قدس
وقال تحت هذا العنوان الأخ الشاعر الداعية يوسف العظم رحمه الله (1):
يا قدس يا محراب يا منبر
…
يا نور يا إِيمان يا عنبر
أقدام من داست رحاب الهدى
…
ووجه مَن في ساحها أغبر؟
وكفّ من تزرع أرضي وقد
…
حنى عليها ساعدي الأسمر؟
من لوث الصخرة تلك التى
…
كانت بمسرى أحمد تفخر؟
وأمطر القدس بأحقاده
…
فاحترق اليابس والأخضر
ودنس المهد على طهره
…
إِلا عدو جاحد أكفر
يا سورة الأنفال من لي بها
…
قدسيّة الآيات تستنفر
(1) ديوانه (في رحاب الأقصى): 10، وشعراء الدعوة الإِسلامية في العصر الحديث: 4: 15 - 21.
جنداً يذوق الموت عذب المنى
…
كالصبح عن إِيمانه يسفر
ومن يبع لله أزكى دم
…
يمت شهيد الحق أو ينصر
والبغي مهما طال عدوانه
…
فالله من عدوانه أكبر
* * *
يا قدس يا محراب يا مسجد
…
يا درّة الأكوان يا فرقد
سفوحك الخضر ربوع المنى
…
وتربك الياقوت والعسجد
كم رتلت في أفقها آية!
…
وكم دعانا للهدى مرشد!
أقدام عيسى باركت أرضها
…
وفي سماها قد سرى أحمد
أبعد وجه مشرق بالتقى
…
يطلّ وجه كالح أسود؟
وبعد ليث في عرين الشرى
…
يحل كلب راح يستأسد؟
وبعد شعب دينه رحمة
…
يحل مَن وجدانه يحقد؟
يا أفرع الزيتون في قدسنا
…
كم طاب في أفيائها الموعد
إِن مزق الغاصب أرحامنا
…
وقومنا في الأرض قد شردوا
فما لنا غير هتاف العلى
…
إِنا لغير الله لا نسجد
* * *
القدس في أفق العلى كوكب
…
تشع بالنور فلا تعجبوا
أيّامها بالحقّ وضّاءة
…
كانت بأطراف القنا تكتب
إِن أطرب القيثار أسماعنا
…
فاللحن في أفق الهُدى أعذب
أو حلّت الأمجاد ساح العُلى
…
فالمسجد الأقصى لها أرحب
والمجد مذ أشرق في قدسنا
…
ما باله في قدسنا يغرب؟
يا روضة كانت لنا مرتعاً
…
وكوثراً من فيضه نشرب
وجنّة فيها ربيع المُنَى
…
في ظلّها أكبادنا تلعب
مذْ حلّ في أفيائها غاصب
…
ما عاد فيها بلبل يطرب
مَنْ لي بسيف لا يهابُ الردى
…
في كفّ من يزهو به الموكب
أَوْ راية في جحفل ظافر
…
يقوده الفاروق أو مصعب
* * *
الوحي والتنزيل والأحرف
…
والآي والإِنجيل والمصحف
وسورة الإِسراء ما رتّلت
…
إِلا وأسماع الدنا تُرهف
تبارك القدس وما حولها
…
وصخرة القدس بنا تهتف
في كل صدر من دمي دفقة
…
وكل عين دمعة تذرف
إِن ضمد الأسى جراح الورى
…
فالجرح منّي راعف ينزف
يا درّةً في جيد تاريخنا
…
رباك من كل الربا ألطف
كم قد مشت أبكادنا فوقها
…
من كل روض زهرة تقطف
وكم سقينا تربها أنفساً
…
أنقى من الياقوت بل أشرف
يا قدس مهما باعدوا بيننا
…
ففي غد جيش الهدى يزحف
كنائب الإِيمان قد بايعت
…
لا فاسق فيها ولا مترف
* * *
يا قدس يا أنشودة في فمي
…
ويا مناراً في ذرا الأنجمِ
في كل أفق منك تسبيحة
…
وكل شبر دفقة من دمِ
وكل روض نفحة من شذى
…
وماؤك الرقراق من زمزمِ
وكل صدر زفرة حرّة
…
وكل خدر عفّة المبسمِ
تحنو بقلب خافق بالمنى
…
على برئ رف كالبرعمِ
قد أغمض الأجفان في هدأة
…
وثغره في الثّدي لم يفطمِ
من مزق الطفل بلا رحمة
…
فمات بين الصدر والمعصمِ
شظية عمياء من حاقد
…
ورمية من ساعد مجرمِ
قد أطلقت هوجاء في غفلة
…
وهلكة من ليلنا المظلمِ
ما كان للهامات أن تنحني
…
لو كان فينا عزّة المسلمِ
* * *
القدس واللطرون والمنتدى
…
وبلبل في روضه غرّدا
وغابة الزيتون يا حسنها
…
تضوّعت زهراً وطابت ندى
في ظلّها يحنو على نايه
…
فتى كريم الكف عذب الصدى
من حطم الناي على ثغره
…
وشرد السامع والمنشدا
والمسجد الأقصى ومحرابه
…
يحنو علينا ركّعاً سجّدا
قبابه كانت تناجي العلا
…
وأرضه كانت منار الهدى
تحدث الأكوان عن زحفنا
…
وقد بسطنا للمعالي يدا
وهامة الفاروق مرفوعة
…
أكرم بها في قدسنا مشهدا
يعلي لواء العدل تكبيره
…
ويصنع الأمجاد والسؤددا
يا قدس إِن طالت بنا فرقة
…
فسيفنا يا قدس لن يغمدا
* * *