الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعظم آيّات الإعجاز الكوني:
وهنا نبصر القدم التي سال منها الدم الطاهر في الطائف -كما عرفنا- تستقيم على الطريق (1)، من أوّل بيت وُضع للناس إلى بيت بارك الله تعالى حوله .. ثمّ إلى السماوات العُلا!
ونبصر رحمة الله الرحمن الرحيم بعبده وحبيبه محمَّد صلى الله عليه وسلم .. حيث شاهد من آيات ربّه ما شاهد، وعاين من أمارات العناية به وبدعوته ما زاده يقيناً إلى يقين بنجاح دعوته، وتبليغ رسالته، والنصر على أعدائه .. وأطلعه الله على ما زاد النفس رضًى، والقلب نوراً، والرّوح أنساً، فقد جاءت تلك المنحة الربّانيّة تثبيتاً له على طريق المقاومة الطويل، وتكريماً في أعقاب سنين طويلة من الصبر والمصابرة، والصمود والكفاح!
وجاءت تتويجاً لهذه السنين الصعبة، فقد رفعه إلى السماوات، وأطلعه على جوانب الإعجاز في الكون الكبير .. !
وجاءت امتحاناً لإيمان الصحابة وتصديقهم بكل ما يخبر به، ويدعو إليه!
وجاءت اختباراً لمدى ثباتهم على الإيمان، واستجابتهم إلى تحقيق الغاية من رسالته، وهي إخراج الناس من عبوديّة الشيطان إلى عبادة الرحمن!
وهو مدى رحب تتجاوز أبعاده الملموس والمحسوس والمسموع
(1) انظر: أضواء على أحاديث الإسراء والمعراج: للمؤلف، بتصرف.
والمنظور .. ويتأتَّى عن الوقائع، ويمتدّ بعيداً بعيداً صوب الآفاق التي ترفع قدر الإنسان!
وهكذا كانت آية الإسراء في جوّها الخاصّ والعامّ (1) بلسماً لجراح بشريّة محمَّد صلى الله عليه وسلم التي نالها أعداء الحقّ والخير بالإيذاء .. وكانت سراجاً وهّاجاً أضاء الطريق أمام دعوته إلى الله!
وكانت نوراً تبلج من آفاق العناية الربّانيّة علماً ومعرفة، وشرفاً وفضلاً، ليقيم له صلى الله عليه وسلم ولدعوته ورسالته الخالدة الخاتمة معالم الطريق الذي أسّس على الكفاح الصبور، في سبيل الحقّ والخير والهُدى والإصلاح، بغير إعجاز مادّيّ يُكرِه الناس على الاستجابة إلى الإيمان بالدّعوة، ليكون ذلك رسماً لطريق الدّعوة إلى الله أينما كانت، ومَعْلَماً للدّعاة إلى الله، حيثما كانوا وكيفما كانوا!
وهكذا كانت -أيضاً- آية الإسراء في حقيقتها ومقاصدها صورةً جامعةً للقدوة في العلم والمعرفة، والعمل لإصلاح الحياة .. وبُشرى بابتداء عهد البناء والمعرفة، ومطالعة آيات الله في ملكوت السماوات والأرض المسخّرة للإنسان، وتحقيقاً لخلافة الأمّة التي يربّيها نبيّ الإِسلام صلى الله عليه وسلم بعقيدته وتعبّداته وشرائعه وأحكامه، وسياسته، وآدابه، ونظمه ومناهجه في الحياة، لتقيم من هذه العقائد والتعبّدات والشّرائع والآداب والنّظم والمناهج بناءً شامخاً تأوي إليه الإنسانيّة إخوةً متحابّين، لتكون خير أمّة أُخرجت من ضمير الغيب للناس!
(1) محمَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم: 2: 230 وما بعدها بتصرف.