الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكيم مُحْكم، يتابع سيره في نشر دعوته، وتبليغ رسالته، وخرجت معه زوجه الوفيّة خديجة إلى بيتها تتابع سيرها في الحياة زوجة أمينة، مستظلة بظل الوفاء وصادق الإيمان!
موت خديجة وتسليم الله عليها وتبشيرها:
ولكنها رضي الله عنها لم تلبث إلا قليلاً بعد الخروج من الحصار حتى لبّت نداء ربّها راضية مرضيّة، وسبق أن ذكرنا الأقوال في تاريخ وفاتها!
يروي الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله!، هذه خديجة قد أتت ومعها إِناء فيه إِدام، أو طعام، أو شراب، فإِذا هي أتَتْك، فاقرأْ عليها السلام من ربّها ومِنِّي، وبشِّرها ببيت في الجنة، من قصب، لا صَخَب فيه ولا نصب". (1)
قال ابن حجر: قوله (2)"فاقرأ عليها السلام من ربّها ومنّي" زاد الطبراني: (هو السلام، ومنه السلام، وعلى جبريل السلام)، والنسائي من حديث أنس قال:(قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: إِن الله يقرئ خديجة السلام) يعني فأخبرها (فقالت: إِن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته)، زاد ابن السنّي من وجه آخر:(وعلى من سمع السلام، إِلا الشيطان).
(1) البخاري: 63، مناقب الأنصار:(3820)، وانظر (7497)، ومسلم (2432)، وأحمد: 2: 231، والفضائل (1588)، والحاكم: 3: 185، وقال: على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهذا وهم منه، وابن أبي شيبة: 12: 133، والبغوي (3953)، والنسائي: الكبرى (8358)، وأبو يعلى (6089)، وابن حبان (7009).
(2)
فتح الباري: 7: 139 بتصرف.
قال العلماء: في هذه القصة دليل على وفور فقهها؛ لأنها لم تقل (وعليه السلام) كما وقع لبعض الصحابة، حيث كانوا يقولون في التشهد:(السلام على الله)، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "إِن الله هو السلام، فقولوا: التحيات لله
…
"
فعرفت خديجة لصحة فهمها، أن الله لا يردّ عليه السلام، كما يردّ على المخلوقين؛ لأن السلام اسم من أسماء الله، وهو أيضاً دعاء بالسلامة، وكلاهما لا يصح أن يردّ به على الله، فكأنها قالت: كيف أقول عليه السلام، والسلام اسمه، ومنه يطلب، ومنه يحصل؛ فيستفاد منه أن لا يليق بالله إِلا الثناء عليه، فجعلت مكان ردّ السلام عليه، ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره فقالت:(وعلى جبريل السلام) ثم قالت: (وعليك السلام).
أجل! إنها أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وأم ولده، إلا إبراهيم عليه السلام، فأمه السيدة مارية القبطيّة رضي الله عنها .. وماذا يستطيع القلم أن يكتب وهو سابح في آفاق هذه الحياة المباركة الطيّبة ليستشفّ ويرى ويكتب؟!
وسبق أن ذكرنا في حديثنا عن بدء الوحي تصديقها للنبي صلى الله عليه وسلم في أوّل وهلة، وثباتها في الأمر مما يدل على قوّة يقينها، ووفور عقلها، وصحة عزمها رضي الله عنها!