الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي أميّة، قال: ابغنا رابعاً، فذهب هشام إِلى أبي الْبَخْتَرِي ابن هشام، فقال له نحواً ممّا قال لمطعم بن عديّ، فقال أبو الْبَختَرِي: وهل من أحد يُعين على ذلك؟ قال: نعم، قال: من هو؟ قال: زهير بن أبي أميّة، والمطعم بن عدي، وأنا معك، قال: ابغنا خامساً، فذهب هشام إِلى زمعة بن الأسود بن عبد المطَّلب بن أسد، فكلّمه، وذكر له قرابتهم وحقهم، فقال زمعة: وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إِليه من أحد؟ قال: نعم، ثم سمَّى له القوم، فاتعدوا خَطْم الْحجُون ليلاً بأعلى مكّة، فاجتمعوا هناك، فأجمعوا أمرهم، وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها، وقال زهير: أنا أبدؤكم، فأكون أوّل من يتكلّم، فلمّا أصبحوا غدوا إِلى أنديتهم، وغدا زهير بن أبي أميّة عليه حلّة، فطاف بالبيت سبعاً، ثم أقبل على الناس فقال: يا أهل مكّة، أنأكل الطعام، ونلبس الثّياب، وبنو هاشم هلكى لا يُباع لهم، ولا يُبتاع منهم، والله! لا أقعد حتى تشقّق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة!
لؤم نحيزة أبي جهل:
قال أبو جهل -وكان في ناحية المسجد- كذبت، والله! لا تشق! قال زمعة ابن الأسود: أنت والله! أكذب، ما رضينا كتابها، حيث كتبت، قال أبو الْبَخْتَرِي صدق زمعة، لا نرضى ما كُتب فيها، ولا نقرّ به، قال المطعم ابن عدي: صدقتما، وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إِلى الله منها، ومما كتب فيها، وقال هشام بن عمرو نحواً من ذلك، فقال المخذول الفاجر أبو جهل: هذا أمر قُضي بليل، تُشوور فيه بغير هذا المكان، وأبو طالب جالس في ناحية المسجد، فقام المطعم إِلى الصحيفة ليشقّها، فوجد الأرَضة قد أكلتها، إِلا (باسمك اللهم)!
وكانت تلك الوثبة في القيام لنقض الصحيفة الظالمة القاطعة بعد أن أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمّه أبا طالب بما أخبر به بالوحي في شأن الصحيفة، وتحدّث به أبو طالب إِلى ملأ قريش، فوجدوه كما قال الصادق المصدوق، عندما أتوا بالصحيفة ونظروا فيها، فقالوا عناداً وفجوراً: هذا سحر، وعزموا على المضيّ في عتوّهم وعنادهم، ولكنهم فوجئوا بهشام بن عمرو ومن قام معه من صناديدهم ينكرون ما في هذه الصحيفة القاطعة من الظلم، وغلظ الأكباد، وهمّ المطعم بتشقيق الصحيفة، فلم يجدوا فيها إِلا (باسمك اللهم)!
وباء ملأ قريش بالخزي والخذلان، ونصر الله رسوله صلى الله عليه وسلم!
وقد استفحل فجور أبي جهل في هذه المحنة، فكان يترصّد كل شيء يدخل إِلى الشِّعب، ليمنع ما عسمى أن يكون فيه بعض الإِسعاف للمحصورين، وهم يقاسون مع نسائهم وأطفالهم مرارة الجوع والعري في محبسهم وعزلتهم!
فقد ذكر سائر الرّواة أن أبا جهل لقي حكيم بن حزام بن خويلد، ومعه غلام يحمل قمحاً يريد به عمّته خديجة، وهي في الشِّعب، فتعلّق به، وقال: أتذهب بالطعام إِلى بني هاشم، والله! لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكّة، فجاءه أبو الْبَخْتَري بن هشام، فقال: مالك وله، قال: يحمل الطعام إِلى بني هاشم، قال أبو الْبَخْتَري: طعام كان لعمته عنده، أفتمنعه أن يأتيها بطعامها؟ خَلِّ سبيل الرجل، فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه!
فأخذ له أبو البَخْتري لحى بعير ففربه به فشجّه، ووطئه وطأ شديداً،